قادة مجموعة العشرين يقرون القواعد الجديدة للمصارف

TT

يتوقع أن تؤيد مجموعة العشرين التي تعقد اجتماعها اليوم في سيول المتطلبات الجديدة لكفاية رأس المال للبنوك الذي أقرته لجنة بازل في سبتمبر «أيلول» الماضي. وعلى الرغم من تأكيد بعض المؤسسات المصرفية أن ذلك سيعمل على خفض الفوائد البنكية وهو ما يضر بعملية الإقراض ويلغي الوظائف، ستكون الموافقة المتوقعة في سيول، بكوريا الجنوبية، إشارة للدول لبدء دمج ما يسمى بقوانين «بازل الثالثة» في أنظمتها المالية الخاصة.

وأعلن مصرفيون غربيون عن رفضهم للقواعد الجديدة، مشيرين إلى أن ذلك من شأنه أن يزيد من تكلفة الائتمان ويدمر سوق التوريق، الذي يلعب دورا حاسما في عملية الإقراض. كما أعربوا عن قلقهم أيضا إزاء جهود بعض الدول في تحسين القواعد الجديدة والتعجيل بتبنيها، مما دفع المؤسسات المصرفية إلى العمل من خلف الستار للضغط على قادة مجموعة العشرين لدعوة الدول للالتزام بخطة متفق عليها.

وكان رؤساء البنوك المركزية ومنظمو المصارف الوطنية، الذين كتبوا القواعد، قد أكدوا أن المخاوف بشأن الآثار الاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن هذه القواعد مبالغ فيها. وأكدوا أنه على النقيض من ذلك، ستكون هناك مكاسب اقتصادية ثابتة من نظام أقل عرضة للانهيار المالي وقريب من الكساد الذي ضرب العالم.

وحذر جان كلود تريتشت، رئيس البنك المركزي الأوروبي، يوم الاثنين، من أنه لا تزال هناك بعض التفاصيل الدقيقة الخاصة بالقواعد والتي ينبغي العمل عليها، وهو ما قد يتواصل إلى ما بعد اجتماع قمة العشرين. وقال في مؤتمر له في بازل: «لا يزال العمل جاريا». وأضاف: «لكن ما أنجز حتى الآن مهم للغاية ومساهمة مهمة في عودة الانتعاش إلى النظام المالي العالمي». وتعكس المناقشات اختلافات جوهرية بين المنظمين والمصرفيين حول النموذج الذي ينبغي أن تتبعه الصناعة المصرفية.

بالنسبة للمشرعين، ستكون التشريعات الجديدة أقل ربحية، لكنها تدعم نظاما مصرفيا أكثر استقرارا. ويرى المصرفيون أن القواعد الجديدة تحد من قدراتهم على تقديم المنتجات المالية التي تشجع الابتكار والنمو. وصرح جون أكرمان، المدير التنفيذي لمصرف «دويتشه بنك»، والذي يرأس أيضا معهد التمويل الدولي، المجموعة الصناعية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، والتي حذرت من فقد ملايين الوظائف إذا ما تم تفعيل القوانين بسرعة كبيرة، في بكين الأسبوع الماضي: «إن انتعاش الاقتصاد العالمي لا يزال على المحك، وهناك حاجة ماسة إلى توفير الوظائف».

أهم ما يلفت النظر في التشريعات الجديدة هو حجم رأس المال الذي ينبغي على المصرف الاحتفاظ به. فبدءا من عام 2019 سيتوجب على المصارف الاحتفاظ بنسبة 7 في المائة من قيمة أصولها خالية من المخاطرة والتي ستحسب على مقدار المخاطرة التي يقوم بها البنك. وجدير بالذكر أن البنوك كانت تحتفظ في السابق بـ2 في المائة مما يعرف الأسهم العادية العامة.

خلال أوقات الازدهار، وإمكانية وقوع مخاطر فقاعة الائتمان، كانت المصارف قد يطلب منها زيادة رأس مالها إلى ما يقرب من 9.5 في المائة من حجم أصولها المرجحة بأوزان المخاطر. ولا يزال المنظمون يعملون على القواعد الخاصة بمؤسسات متصلة بصورة كبيرة، والتي يمكن أن تؤثر بقوة على الصناعة المالية بالحفاظ على المزيد من الاحتياطي.

وفيما يشبه امتيازا للمصارف، وافقت لجنة بازل على تطبيق القواعد الجديدة خلال السنوات الثماني المقبلة بصورة تدريجية، ويقول تشارلز دالارا، المدير الإداري لمعهد التمويل الدولي إن المجموعة المصرفية يمكن أن تتأقلم مع متطلبات رأس المال إذا ما أتيح للمصارف الوقت الكافي لتعديل أوضاعها.

لكنه عبر عن مخاوفه من أن بعض المنظمين المحليين المتحمسين أضافوا قواعدهم الأكثر صرامة على معايير بازل، حيث فرضت سويسرا معايير أكثر صرامة على مصرفي «يو إس بي» و«كريدي سويس»، أضخم مؤسستين ماليتين بها.

وقال دارالا في مقابلة له خلال زيارته لفرانكفورت: «كان الهدف تقويض الاتفاقات التي تم التوصل إليها هذا العام. وقد يطلب من المصارف تعزيز احتياطياتها في الوقت الذي تحاول فيه جاهدة النهوض مرة أخرى من الركود والأزمة المالية. وإذا ما أجبرت المصارف على رفع رأس مالها في فترة قصيرة أو بيع أصول فستؤدي إلى عواقب اقتصادية سيئة».

وشكا هو والمصرفيون الآخرون من أن المستثمرين قد بدأوا بالفعل في استخدام قوانين بازل كمعايير لتصنيف أسهم البنوك. وبالفعل، فبعد أن أصدر مصرف «كومرز بنك» بيانا عن المداخيل ربع السنوية يوم الاثنين أصدر المحللون في «باركليز كابيتال» تقريرا يقول إن المؤسسة الكائنة في فرانكفورت واجهت قصورا في الأسهم العامة بلغ 10 مليارات يورو (14 مليار دولار)، وهو ما يعتبرونه «مأزقا صعبا».

من جهة أخرى أشارت الدراسة التي قامت بها مؤسسة مجلس الأطلسي، مؤسسة غير حزبية، في دراسة أعدتها الشهر الماضي من التصريحات المتوفرة لممثلي الصناعة المالية، «إن الاختلافات في الصورة التي تطبق بها القواعد من دولة إلى أخرى كانت مقبولة، فالاختلافات التنظيمية كانت لها بعض الفوائد في السماح بالمنافسة بين الأفكار».

وأشارت المؤسسة إلى أن هناك اتفاقا واسع النطاق في أن هذه القواعد ستزيد من تكلفة الائتمان، على الرغم من معارضة الدراسات لكم هذه الزيادة. لكن بعض الاقتصاديين قالوا إن الائتمان كان رخيصا للغاية في أغلب سنوات العقد الماضي لأن المصارف تمتعت بسياسات تأمين فعلية من دافعي الضرائب، كما شجعت الضمانات العامة المطبقة على الكثير من المخاطرة.

وقال هيرالد بينيك، أستاذ الصيرفة والتمويل في جامعة تيلبيرغ في هولندا: «ستزيد تكلفة التمويل، لكن ما سيعنيه ذلك هو تحول المجازفة التي يتحملها دافع الضرائب مرة أخرى إلى المستثمرين المحترفين».

ويقول المدافعون عن التعديلات الجديدة ومن بينهم إدارة الرئيس أوباما إن المصارف التي شهدت صعوبات عميقة، خلال الأزمة المالية كانت في الأغلب المصارف التي لم تكن تمتلك رأسمال كافيا، لتحمل الخسائر غير المتوقعة. ويأتي من بين الأمثلة على مؤسسات أوروبية ضخمة مثل «هايبو ريال استيت» في ألمانيا، ورويال بنك أوف اسكوتلند.

* خدمة «نيويورك تايمز»