السعودية تعرض روائع آثارها عبر العصور في برشلونة

رئيس هيئة السياحة والآثار: المعرض انعكاس للحراك التاريخي والحضاري والتراثي المتميز للمملكة

الأمير سلطان بن سلمان وولي عهد إسبانيا والأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان خلال جولتهم في المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

تحت رعاية الأمير فيليبي دي بوربون ولي عهد إسبانيا، وحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، سفير السعودية لدى إسبانيا، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص لأمير منطقه الرياض، افتتح ظهر أمس الجمعة معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي تستضيفه مؤسسة «لاكاشيا» في برشلونة، بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، ويستمر حتى 24 من ربيع الأول 1432هـ، الموافق 27 فبراير (شباط) 2011م.

وقد قام الأمير فيليبي دي بوربون يرافقه الأمير سلطان بن سلمان، والأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان، وكبار الضيوف المدعوين من الشخصيات الإسبانية البارزة بجولة في أرجاء المعرض. ثم قام رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بتسليم إهداء تذكاري من الهيئة لسفير خادم الحرمين الشريفين في إسبانيا، عبارة عن مجسم صغير لإحدى القطع الأثرية التي عثر عليها في موقع الفاو. كما قام سفير خادم الحرمين بتسليم دروع تذكارية.

وقد أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن هذا المعرض يأتي انعكاسا للحراك التاريخي والحضاري والتراثي المتميز للمملكة، وما تشهده من تطور في كافة المجالات، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى أنه امتداد لحضور المملكة عالميا وما تحتله من منزلة متقدمة على الصعيد الدولي، من خلال مكانتها الإسلامية باحتضانها الحرمين الشريفين، ودورها الاقتصادي وتأثيرها في العلاقات الإنسانية، انطلاقا من موقعها الجغرافي المميز الذي شكل محورا رئيسيا في المجالات الثقافية والاقتصادية بين الشرق والغرب، وجسرا للتواصل الحضاري عبر العصور.

وكان قد صرح عقب افتتاح المعرض بأن رعاية إسبانيا لهذا الحدث المتميز تمثل اعترافا وتقديرا لما تشكل في شبة الجزيرة العربية على مر التاريخ من حضارات متعاقبة، وما تشهده المملكة العربية السعودية من حراك سياسي واقتصادي وديني كبير، وهو معروف لدى العالم، ليؤكد أن المملكة ليست طارئة على التاريخ، وما تتميز به من تاريخ وحضارة وما شهدته من حضارات متعاقبة، إنما هو امتداد طبيعي وزمني، وهو الذي نحرص عليه وحرصت على إبرازه القيادة الرشيدة.

وجاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز في إظهاره وإبراز الصورة الحضارية المتميزة لهذا البلد العظيم المعطاء.

وأشار الأمير سلطان بن سلمان إلى أن المملكة العربية السعودية تخدم القضايا الإسلامية وتحتضن الدين العظيم وتعتز بوجود مقدسات المسلمين، مع الحفاظ التام على القيم الإسلامية والدين الإسلامي.

ولذلك فإن المملكة العربية السعودية تقف على كثير من الحضارات السابقة وتعتز بها وتحافظ عليها وتعرضها في جميع دول العالم إبرازا للهوية وتذكيرا بعظمة هذه البلاد.

وأضاف أن للمملكة العربية السعودية ثقلا دينيا وسياسيا واقتصاديا معروفا لدى الجميع وما هذا المعرض إلا إبراز للبعد الحضاري والتراثي للمملكة. وقد نشطت الهيئة في خدمة وتعزيز هذا الجانب. وعملت بالتعاون مع منظمة اليونيسكو العالمية للاعتراف بالمواقع الأثرية وتسجيلها، كما أن هناك 16 فريقا محليا يعملون بجانب خبراء دوليين في التنقيب الأثري بالمملكة. والكثير من المواقع الأثرية والآثار اكتشفت من جانب علماء سعوديين، تنفيذا للمشروع المتكامل الذي نحن بصدده، وهو إظهار البعد الحضاري الحقيقي للمملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالآثار والتراث العمراني والوطني وهو ما نعمل على تعزيزه وبنائه لدى المواطنين.

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية من أكثر بلاد العالم غنى بالآثار والكميات الأثرية المتعاقبة من الحضارات السابقة. وهذا المعرض ما هو إلا بوابة لتعريف العالم بذلك البعد الإنساني من خلال إقامة المعرض سابقا في متحف اللوفر بفرنسا، وإقامته لاحقا، بإذن الله، في عدد من المدن الأوروبية والأميركية بعد أن صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على ذلك.

وأكد الأمير سلطان بن سلمان أن رسالة المعرض واضحة للجميع بأن هذا البلد العظيم ليس طارئا على التاريخ، بل هو بلد متنوع الحضارات حيث كان ولا يزال وسوف يستمر منطلقا للمبادرات الإنسانية والحضارية. وعبر عن شكره للأمير فيليبي دي بوربون ولي عهد إسبانيا على رعايته لافتتاح المعرض الذي يأتي تعزيزا للعلاقات المميزة بين المملكة وإسبانيا، لا سيما في المجال الثقافي.

كما ثمن مبادرة مؤسسة «لاكاشيا» لاستضافة المعرض وتحمل تكاليف إقامته، مشيرا إلى أن حرص المؤسسة على حجز المعرض بعد متحف اللوفر بباريس مباشرة يؤكد اهتمامها بما يحويه المعرض من قطع أثرية مهمة، وبما تمثله المملكة من مكانة تاريخية وحضارية.

من جانبه، أكد الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إسبانيا، أن هذا المعرض يعد حلقة في سلسلة التعاون الوثيق بين المملكة وإسبانيا، معربا عن اعتزازه بهذا المعرض المهم، الذي يبرز تاريخ المملكة وما مرت عليها من حضارات متعاقبة.

وقال: «أولا نهنئ أخي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان على افتتاح المعرض، وانتقاله من اللوفر في باريس لبرشلونة، وانطباعي هو انطباع الزوار جميعا من الإعجاب والدهشة إن صح التعبير، من وجود هذه الكمية الكبيرة من الآثار والقطع النادرة لما كان في الجزيرة العربية ما قبل الإسلام وبعده. وتأتي أهمية المعرض متزامنا مع العلاقات الثنائية المتميزة بين إسبانيا والمملكة، وما المعرض إلا بوابة إضافية أخرى تفتح آفاق التعاون الثقافي المثمر بين الجانبين، كذلك كان اندهاش ولي العهد الإسباني واضحا لوجود هذا الكم من الآثار المتميزة والقطع النادرة».

وتعد صالة العرض في مؤسسة «لاكاشيا» في برشلونة المحطة الثانية لمعرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي صدرت الموافقة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على انتقاله إلى عدد من العواصم الأوروبية والمدن الرئيسة في الولايات المتحدة الأميركية.

يشار إلى أن مؤسسة «لاكاشيا» تتحمل تكاليف إقامة المعرض كما تحمله متحف اللوفر في باريس والمتاحف والمراكز في المدن المقبلة التي ستستضيف المعرض، مما يعكس الأهمية التاريخية والحضارية للمملكة والقيمة الكبيرة للقطع الأثرية لهذا المعرض، التي تعرض للمرة الأولى بهذا الحجم والتنوع خارج المملكة.

ويضم المعرض 320 قطعة أثرية تعرض للمرة الأولى خارج المملكة من التحف المعروضة في المتحف الوطني في الرياض ومتحف جامعة الملك سعود وعدد من متاحف المملكة المختلفة، وقطعا من التي عثر عليها في التنقيبات الأثرية الحديثة. وتغطي قطع المعرض الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر النهضة السعودي، وتمر هذه الفترة الطويلة بالعصور الحجرية ثم بفترة العُبَيْد (الألف الخامس قبل الميلاد)، ثم بفترة دلمون، ثم فترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية الوسيطة والمتأخرة، ففترة العهد النبوي ثم فترات الدولتين الأموية والعباسية والعصر الإسلامي الوسيط والمتأخر، وأخيرا فترة توحيد المملكة العربية السعودية، وما تلاها من تطور وازدهار يتضح في كل مجالات الحياة وبخاصة في خدمة الحرمين الشريفين.

وتتمتع مؤسسة «لاكاشيا» في برشلونة بإسبانيا بخبرة عريضة في مجال تنظيم المعارض؛ حيث قامت منذ عام 1991م بتنظيم عدد من المعارض المهمة عن الحضارات القديمة من أبرزها معارض عن الأيبيريين (الإسبان أو البرتغال)، ومعرض أمراء الغرب، ومعرض الفنون التبتية، ومعرض الألفية المصرية، ومعرض «أفريقيا.. السحر والسلطة، والإمبراطورية المنسية»، ومعرض «عالم الفرس القدماء»، ومعرض «بين الشرق والغرب».