خالد شيخ محمد قد يبقى في السجن من دون محاكمة

بسبب معارضة محاكمة معتقلي غوانتانامو على الأراضي الأميركية

TT

من المرجح أن يترك خالد شيخ محمد، الذي اعترف بأنه المخطط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، في السجن العسكري من دون محاكمة في المستقبل المنظور، وذلك بسحب إفادات مسؤولين في إدارة أوباما. وقد أدركت الإدارة أنه لن يكون بمقدورها محاكمة محمد أمام محاكمة فيدرالية، بسبب معارضة أعضاء الكونغرس، والمسؤولين في مدينة نيويورك. كما أنه لا يوجد دعم قوي لإعادة إحياء المحاكمات العسكرية، التي كانت تتم في مركز الاعتقال الأميركي بخليج غوانتانامو بكوبا. والخيار الأخير سوف يلقى معارضة من الليبراليين.

وأكدت الإدارة أن بإمكانها إبقاء محمد وغيره من عناصر «القاعدة» رهن الاعتقال، وفق قوانين الحرب، وهو مبدأ أيدته من قبل المحاكم الأميركية عندما حاول معتقلو غوانتانامو الطعن في قانونية اعتقالهم. وقال مسؤولون بارزون في البيت الأبيض: إن الرئيس أوباما سيضطر لاتخاذ هذا القرار في النهاية، لكن لن يتم استبعاد الملاحقة القضائية الفيدرالية لمحمد وأربعة من المتآمرين المزعومين في هجمات 11 سبتمبر 2001. ومع ذلك، فقد اعترف بأن أي محاكمة لن تتم قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وحتى في ذلك الحين، فسوف تتطلب بيئة سياسية مختلفة.

وقال المدعي العام إريك هولدر هذا الأسبوع: إن قرارا سيتخذ قريبا بشأن محاكمة محمد. وقال مسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية: إن تصريحات هولدر كانت مجرد رد معتاد على سؤال متكرر، وإنها لم تشر إلى قرب صدور قرار. وبعد تصريحات هولدر، كرر السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر والنائب الجمهوري بيتر كينغ، والاثنان من مدينة نيويورك، معارضتهما لإجراء أي محاكمة مرتبطة بأحداث 11 سبتمبر في أي مكان بولاية نيويورك، كما أعلن الحاكم المنتخب حديثا للولاية أندرو كومو رفضه لهذا الأمر. وقد أشار المشرعون والمسؤولون في الولاية إلى المخاوف بشأن تكلفة المحاكمة، فضلا عن القضايا الأمنية المتعلقة بها.

ويعتقد مسؤولون في الإدارة أن المعارضة لإجراء هذه المحاكمة ستكون في ولاية بنسلفانيا بالقوة نفسها التي كانت في ولاية فرجينيا، وغيرها من المقاطعات الفيدرالية المطروحة لإجراء المحاكمة، بالنظر إلى عدد الذين قتلوا في وزارة الدفاع ورحلة يونيتد فليت رقم 93 في 11 سبتمبر.

واعتقل محمد في باكستان خلال مارس (آذار) عام 2003، واحتجز في سجون سرية تديرها المخابرات المركزية في الخارج، حتى تم نقله في سبتمبر 2006 إلى مركز الاعتقال الأميركي في خليج غوانتانامو. وهو محتجز هناك مع مجموعة من المعتقلين البارزين في منشأة صغيرة وشديدة الحراسة. وقد وجهت إدارة بوش إليه تهمة القتل العمد وارتكاب جرائم حرب في فبراير (شباط) عام 2008. لكن إدارة أوباما علقت المحاكمات التي كانت تتم في غوانتانامو في يناير (كانون الثاني) 2010، وسحبت التهم العسكرية ضد محمد وأربعة آخرين، تحسبا لمحاكمة فيدرالية لهم في مانهاتن.

وجاء أوباما إلى السلطة وهو يفضل بقوة محاكمة محمد وغيره من المحتجزين في محكمة فيدرالية كجزء من خطة أكبر لإغلاق معتقل غوانتانامو. لكنه، واجه معارضة سياسية شرسة من البداية.

ويريد بعض مسؤولي الإدارة المضي في إجراء عدد من المحاكمات العسكرية في خليج غوانتانامو، بما في ذلك محاكمة عبد الرحيم الناشري، العقل المدبر المزعوم للهجوم على المدمرة الأميركية «كول» في اليمن عام 2000. كما تدرس الإدارة محاكمة معتقلي غوانتانامو الأقل أهمية في محكمة فيدرالية، وذلك للبدء في بناء ثقة بين الجمهور في هذه المحاكمات. لكن المسؤولين يخشون من أنه لن يكون في الإمكان تنظيم أي محكمة فيدرالية، نظرا للمعارضة الشديدة لهذه المحاكمات داخل الكونغرس. ومن المتوقع أن تزيد هذه المعارضة بشدة مع تولي الأغلبية الجمهورية السلطة في مجلس النواب.

لكن الآن، أصبح المسؤولون في الإدارة يراقبون عن كثب نتيجة محاكمة أحمد غيلاني، معتقل غوانتانامو الوحيد الذي نقل إلى الولايات المتحدة للمحاكمة في محكمة فيدرالية طوال حكم أوباما. وقد قررت هيئة محلفين في نيويورك التداول لمدة يومين في القضية المرفوعة ضد غيلاني، المتهم بأنه كان عنصرا رئيسيا في عمليات تفجيرات السفارتين الأميركيتين في شرق أفريقيا عام 1998.

ويعتقد بعض مسؤولي الإدارة أن الحكم بالإدانة في القضية سوف يسمح لهم بتحويل قضية أخرى من غوانتانامو إلى المحاكم الفيدرالية. وقال مسؤول كبير آخر: «قضية نظيفة ضد شخص مجهول». ويقول المسؤولون إنه في حال قررت هيئة المحلفين أن غيلاني غير مذنب، فإن ذلك سيكون نهاية المحاكمات الفيدرالية لمعتقلي غوانتانامو. وقد أضحى النقاش حول محاكمة خالد شيخ محمد، في رأي الكثير من كبار المسؤولين في الإدارة، رمزا لسياسة أوباما للأمن القومي بصورة غير عادلة.

ويقول أحد كبار المسؤولين، الذي رفض الكشف عن اسمه: «لقد قلنا إنه يجب أن يقدم للعدالة، ويقدم للعدالة على وجه السرعة. المشكلة هي إرث هذه القضايا الكبير جدا، التي تعثرت بسبب المشاعر القوية جدا والسياسة، وبالتالي أصبح من الصعب جدا العمل عليها والوصول إلى نهاية ناجحة».

وقال مسؤولون: إن مستقبل محمد غير المؤكد ينبغي ألا يحجب ما يعتبرونه تغييرات كبيرة في سياسة الأمن القومي، بما في ذلك حظر أساليب الاستجواب التي ارتأت الإدارة أنها التعذيب وإنشاء وحدات للتحقيق واستخدام طائرات من دون طيار لقتل مئات من مقاتلي العدو في باكستان وبلورة أساس قانوني لاستخدام تلك الطائرات.

وقال المسؤول البارز: إن قضية محمد «يتعين معالجتها، ومن الواضح أنها معقدة في الطرق التي لم تكن متوقعة أصلا، ولكن كرمز بصورة ما لسياسة تم تغييرها، فإنه مضلل تماما». ويعتقد مسؤولون في الإدارة أيضا أنه لن يكون بمقدورهم تأمين التمويل والسلطة القانونية اللازمة من الكونغرس لإغلاق سجن غوانتانامو، ونقل المعتقلين الباقين إلى الأراضي الأميركية. وهناك 174 معتقلا في معسكر خليج غوانتانامو، مقارنة بـ241 عندما تولى أوباما منصبه. وهناك جهود دبلوماسية متواصلة لتقليص هذا العدد، من خلال إعادة المعتقلين الذين يتم إخلاء ساحتهم من قبل لجنة مشتركة خاصة إلى أوطانهم، أو إرسالهم إلى دول أخرى. ولكن أحد المسؤولين أكد أن: «غوانتانامو سيظل مفتوحا في المستقبل المنظور».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»