واشنطن تكشف دورها في الاتفاق العراقي: مقترحات واتصالات حتى آخر لحظة.. ومحاولات إقناع

بايدن كان يتصل ببارزاني يوميا.. وبالسعودية التي أكدت أنها مع كل ما يتوافق عليه العراقيون

TT

أجرى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالات عديدة مع كبار القادة العراقيين خلال الأشهر القليلة الماضية وشارك مسؤولون أميركيون بصورة مباشرة في الجلسات التفاوضية الرئيسية التي استمرت حتى اللحظات الأخيرة قبل انعقاد البرلمان العراقي الخميس الماضي والموافقة على اتفاق تقاسم السلطة الجديد، وذلك بحسب تصريحات لمسؤول بارز في إدارة الرئيس باراك أوباما أول من أمس.

وفي سعيها للرد على الانتقادات التي وجهت إليها والمزاعم بأنها قد أفقدت الولايات المتحدة نفوذها في العراق وأن دورها كان سلبيا للغاية خلال الأشهر الثمانية التي تلت الانتخابات العراقية التي أجريت في مارس (آذار) الماضي وأن جهودها تستهدف الإبقاء على رئيس الوزراء نوري المالكي في منصبه، عرضت إدارة الرئيس أوباما وصفا تفصيليا مكتوبا للاجتماعات والزيارات والمكالمات الهاتفية التي لم يعلن عنها في السابق والتي قالت الإدارة إن نائب الرئيس بايدن وعددا آخر من المسؤولين قد قاموا بها.

ووفقا للبيانات التي أعلنتها الإدارة، فإن بايدن، رجل أوباما المسؤول عن ملف العراق، كان يتصل بالزعيم الكردي مسعود بارزاني، وهو شخصية رئيسية في المفاوضات، عدة مرات في الأسبوع. وفي الأسبوع الماضي، كان نائب الرئيس على الهاتف يوميا تقريبا، في محادثات مع بارزاني والمالكي والرئيس العراقي جلال طالباني وإياد علاوي، الزعيم الشيعي العلماني للقائمة العراقية التي يهيمن عليها السنة والتي فازت بأغلبية بسيطة من المقاعد البرلمانية.

كما كان البيت الأبيض على اتصال دائم مع قادة السعودية والأردن وتركيا، وجميعهم لهم مصلحة في نتيجة هذه المفاوضات. وفي الأسابيع الأخيرة قال السعوديون، إنهم سوف يدعمون من يتوافق عليه العراقيون.

وبموجب الاتفاق الذي أعلن الخميس، فإن المالكي، وهو شيعي، سيظل رئيسا للوزراء، فيما سيستمر طالباني، الكردي، رئيسا للعراق. وسيتولى ائتلاف العراقية رئاسة البرلمان وسوف يعين زعيمه علاوي رئيسا لمجلس للسياسات سوف يشكل قريبا، والذي سيكون له سلطة تحديد اتجاه عمل الحكومة في عدد كبير من القضايا.

ويبدو أن الاتفاق قد أجهض قبل أن يدخل حيز التنفيذ، حيث انسحب نواب كتلة العراقية من أول جلسة برلمانية للحكومة الجديدة، قائلين إنهم لا يثقون في التزام المالكي وغيره بالاتفاق الجديد. وفي الشارع، أعرب العراقيون عن اقتناعهم العميق بأن المالكي كان قد سرق منصب رئاسة الوزراء من علاوي.

وصباح أول من أمس اتصل بايدن بالرئيس المنتخب للبرلمان العراقي أسامة النجيفي، والذي ينتمي إلى قائمة العراقية، ليحثه على طمأنة زملائه في التحالف. وقال المسؤول إن نائب الرئيس «أكد أن العالم والولايات المتحدة والمنطقة جميعهم يريدون أن يروا القائمة العراقية والعرب السنة يشاركون بصورة كاملة في الحكومة». وقال بايدن للنجيفي إن «لديه فرصة لتوضيح أن هذا هو ما سيكون عليه الوضع».

وقبل إعادة استئناف جلسات البرلمان العراقي أمس أعرب مسؤولون في الإدارة عن أملهم في مستقبل أفضل للعراق. وقال المسؤول البارز في الإدارة: «من الواضح أن أيا من هؤلاء لا يحبون بعضهم البعض. ربما يكون من الصعب استمرار هذا التحالف لفترة طويلة».

وقال المسؤول إنه حتى بداية هذا الشهر كانت الكتل السياسية الرئيسية التي أفرزتها الانتخابات - ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي وأحزاب شيعية منفصلة والأكراد وقائمة «العراقية» - تعقد مفاوضات ثنائية، بهدف حشد أغلبية برلمانية تساعد على استبعاد الآخرين. وقد استغرق الأمر وقتا طويلا حتى أدرك الجميع أن هذه الطريقة لن «تنجح».

وكان جزءا من مهمة الإدارة، والسبب وراء اتصالات بايدن المتكررة ببارزاني، هو إقناع الأكراد بعدم عقد صفقات مع أي طرف. وأضاف المسؤول: «لو كان (بارزاني)انضم إلى المالكي قبل أن يكون هناك ترتيبات مرضية للقائمة العراقية، فإن الأمر سيكون قد انتهى».

وقد حضر الدبلوماسيون الأميركيون معظم الاجتماعات. وقال المسؤول: «كان جميع الأطراف يريدون منا أن نكون حولهم حتى يظل الطرف الآخر صادقا. وقد رحبوا أيضا بأفكارنا حول كيفية المضي قدما وتعديل النظام لتلبية احتياجاتهم». وساعد الدبلوماسيون الأميركيون في توثيق مواقف كل طرف وعرض حلول وسطى ونقل المعلومات من مجموعة إلى أخرى.

وجاءت هذه الانفراجة السبت الماضي، عندما عقد بارزاني اجتماعا مع زعماء الكتل وبدأت مساومات رباعية. وقد وعد الأكراد في الاتفاقات التي كتبت، ولكنها لم توقع، بتحريك مبكر للنزاع الحدودي الداخلي بينهم وبين العراقيين العرب، والقوانين المتوقفة منذ فترة طويلة والمتعلقة بإدارة صناعة النفط.

وقد تم التوسط من أجل أنشاء المجلس السياسي الجديد وإزالة الاعتراضات على وصول السنة إلى المناصب حكومية. ووفقا للمسؤول في الإدارة، تم التوصل إلى اتفاق لمنع أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي فاز حزبه بـ40 مقعدا في البرلمان، من شغل أي مناصب عسكرية أو أمنية في الحكومة.

وتم تحويل وزارات الحكومة، والتي لم تقسم بعد بين الأطراف، إلى نقطة عددية معينة وفقا لأهميتها. وفسر المسؤول ذلك قائلا: «إذا حصلت على رئاسة مثلا، فسوف تحصل على مقاعد أقل في مجلس الوزراء... والعراقيون لديهم شعور غير رسمي بالنقاط التي ستعطى لكل وزارة، وهذه هي الطريقة التي سيتم بها توزيع الوزارات».

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»