الصومال: تشكيل حكومة مصغرة من 18 وزيرا

وسط تصاعد الخلاف بين الرئيس ورئيس البرلمان.. وشكوك في الموافقة عليها

الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد يصغي إلى رئيس وزرائه محمد عبد الله محمد وهو يعرض أسماء وزرائه في القصر الرئاسي أول من أمس (رويترز)
TT

أعلن رئيس الوزراء الصومالي الجديد محمد عبد الله فرماجو، أمس، عن تشكيل حكومته الجديدة، وهي حكومة مصغرة تضم 18 وزيرا فقط، خلافا لما كان عليه الحال في الحكومة السابقة التي كان عدد أعضائها 39 وزيرا. وقال فرماجو «الشعب الصومالي والمجتمع الدولي كانوا ينتظرون منا تشكيل حكومة مصغرة وذات مصداقية، يتمتع أعضاؤها بكفاءة عالية، وأنا سعيد تماما بتعيين هذه الحكومة المصغرة كما كان منتظرا». وأضاف للصحافيين عقب إعلانه عن تشكيلة الحكومة الجديدة «الحكومة مصغرة من حيث العدد، لكنها قادرة على إنجاز المهمات الصعبة، لإكمال المدة المتبقية من الفترة الانتقالية للسلطة الحالية». وذكر رئيس الوزراء الصومالي الجديد أيضا أن حكومته الجديدة ستعمل بتعاون وثيق مع البرلمان والشعب الصومالي، وكل الأطراف الأخرى.

وشهدت قائمة الوزراء في الحكومة الجديدة مفاجأة كبيرة، وذلك بعد خروج جميع وزراء حكومة عمر شرماركي المستقيلة، باستثناء وزير المالية والخزانة حسين عبدي حلني، الذي احتفظ بحقيبته في التشكلية الجديدة. ومن أبرز التغييرات التي طرأت على الحكومة الجديدة أيضا خروج وزراء مقربين من الرئيس شيخ شريف ورئيس البرلمان شريف حسن من التشكيلة الجديدة.

وأسندت إلى وجوه جديدة في الطبقة السياسية في الصومال، لم يكن لها نشاط سياسي داخل البلاد خلال الفترة الماضية، وزارات وحقائب سيادية، مثل الدفاع، والداخلية والأمن الوطني، والتخطيط والتعاون الدولي، والعدل. وأسند منصب وزير الدفاع إلى عبد الحكيم محمد فقه، وهو دبلوماسي صومالي سابق في الولايات المتحدة، كان قد عمل مع رئيس الوزراء فرماجو في ثمانينات القرن الماضي في السفارة الصومالية في واشنطن. وسيكون فقه أيضا نائبا لرئيس الوزراء، فيما تم تعيين محمد عبد الله أومار نائبا لرئيس الوزراء هو الآخر، ووزيرا للخارجية، وهو منصب شغله أومار في الحكومة السابقة. وحصل كل من عبد الكريم حسن جامع، وعبد الرشيد خليف حاشي، وهما مدير مكتب الرئيس شريف والمتحدث باسم الرئاسة، على حقيبتي الإعلام، والأشغال العامة.

وللمرة الأولى، تم اختيار جميع الوزراء الجدد في هذه الحكومة من خارج البرلمان، الأمر الذي انتقده النواب، مما سيزيد الشكوك في الموافقة عليها. وقال الرئيس شريف إنه راض عن التشكيلة الجديدة، وذكر أن أعضاء هذه الحكومة المصغرة تم اختيارهم بالكفاءة والخبرة السياسية، وعليهم إثبات قدرتهم على إدارة البلاد وإخراجها من الأزمة الراهنة، ومعالجة الوضع الأمني المتدهور بالشكل الأمثل والأفضل. وقال «ليس لدينا وقت لنضيعه، الوقت المتبقي من المرحلة الانتقالية قليل جدا، ويجب القيام بأشياء كثيرة، لذا أحث البرلمان على الموافقة ومنح الثقة للحكومة الجديدة للقيام بمهامها على وجه السرعة».

وحسب الميثاق الانتقالي للبلاد، فإن على أعضاء الحكومة الجديدة نيل ثقة البرلمان خلال 30 يوما. ومن المقرر أن تكون هذه الحكومة آخر حكومة في الفترة الانتقالية التي ستنتهي في أغسطس (آب) القادم. وقالت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان الصومالي سيجتمع خلال الأسبوع القادم (بعد نهاية عطلة العيد)؛ للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة، على الرغم من وجود خلافات حادة بين المسؤولين الكبار وأعضاء البرلمان الصومالي لصالح تمرير الحكومة الجديدة.

ويرى معظم النواب أن غالبية أعضاء الحكومة الجديدة ليسوا على صلة لصيقة بالوضع في البلاد بسبب غيابهم الطويل عنها، وبالتالي فإنهم ليست لديهم خبرة كافية في إدارة شؤون البلاد. وقال النائب إسماعيل أحمد إنه من غير المحتمل الموافقة على الحكومة الجديدة؛ لأن غالبية أعضائها الثمانية عشر كانوا يقيمون خارج البلاد، وليس لهم نشاط سياسي خلال الفترة الماضية. وأضاف أحمد «أشك أن البرلمان سوف يوافق عليهم؛ لأنهم لم يختاروا على أسس دستورية». وتابع قائلا «للأسف فإن رئيس الوزراء وأعضاء حكومته الجديدة من الشتات وجماعة الرئيس شريف، كلهم كانوا من مؤيدي حزب الرئيس». وفي أول رد فعل لها على إعلان رئيس الوزراء الصومالي عن الحكومة الجديدة، قالت ولاية بونت لاند بشمال شرقي الصومال، التي تتمتع بالحكم الذاتي، إنها سوف تعيد النظر في علاقتها مع الحكومة الانتقالية في مقديشو.

وضمت قائمة الوزراء الـ18 الجدد امرأة واحدة فقط، هي الدكتورة مريم قاسم، التي أسندت إليها وزارة شؤون المرأة. ويبدو أن رئيس الوزراء الصومالي تجاهل دعوات النساء إلى زيادة عدد الحقائب الوزارية المخصصة لهن بنسبة 20% على الأقل، على ألا تقل عن خمس حقائب وزارية، لإنهاء ما وصفنه بثقافة التسلطية الذكورية، وإقصاء المرأة من العملية السياسية من قبل المجتمع الذكوري. ويعزو المراقبون ذلك إلى أن تقلد منصب وزاري يتطلب صلابة وجرأة وقوة، وهذه ما يمتلكه الرجال أكثر من المرأة.

ويقول المراقبون إن التشكيلة الجديدة تشير إلى أن رئيس الوزراء الجديد يريد إظهار نوع من الجدية على تشكيلته الحكومية، حيث اختار 18 وزيرا فقط غالبيتهم من الوجوه الجديدة في الساحة السياسية، تم تعيينهم بالكفاءة، خلافا لما كان عليه الحال في الحكومات السابقة. وتأتي عملية تشكيل الحكومة الجديدة بعد أسابيع من الخلافات والمناورات السياسية بين الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد، ورئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم. وكانت وسائل الإعلام المحلية قد تناقلت أنباء عن صفقة سياسية بين الرئيس ورئيس البرلمان، حول تعيين عدد من الشخصيات المقربة من رئيس البرلمان في مناصب وزارية معينة، رغم أن رئيس البرلمان نفى بشدة أي دور له في عملية تشكيل الحكومة، وأنه لم يطلب تعيين مقربين منه في مناصب وزارية. وتولى فرماجو منصبه الشهر الماضي، خلفا لسلفه عمر شرماركي، الذي استقال من منصبه بعد خلافات حادة مع الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد. وكان فرماجو قد تعهد بعد حصوله على ثقة البرلمان الأسبوع الماضي بأنه سيشكل حكومة متوازنة وقادرة على إحلال الأمن والاستقرار في البلاد، ستعطي الأولوية لدفع عملية المصالحة إلى الأمام، ومد يد السلام للجماعات المسلحة. كما تعهد بأنه سيعطي أولوية خاصة لإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، وهو ما لم تنجح في تحقيقه أي من الحكومات السابقة.

وأمام هذه الحكومة الجديدة ملفات صعبة، أبرزها معالجة الحالة الأمنية المتدهورة في البلاد، ووضع خارطة طريق لإدارة ترتيبات المرحلة المتبقية عن الفترة الانتقالية التي ستنتهي في أغسطس (آب) من العام القادم، حيث يفترض إجراء استفتاء على دستور جديد للبلاد، وتنظيم انتخابات عامة في البلاد بحلول أغسطس 2011، وهذه مهمات صعبة، ربما لا يمكن إنجازها في الفترة القصيرة المتبقية.