سان سو تشي.. رمز النضال من أجل الديمقراطية

ابنة بطل استقلال ومعارضة للعسكر منذ أكثر من 20 سنة في بورما

TT

احتفظت أونغ سان سو تشي، التي تجسد منذ أكثر من عشرين عاما المعارضة للنظام العسكري في بورما، باعتبارها وشعبيتها في بورما أو في الخارج منذ وضعها في الإقامة الجبرية قبل 7 سنوات وحتى إطلاق سراحها أمس.

والمعارضة الحائزة جائزة نوبل للسلام والتي استعادت حريتها مع انتهاء الإقامة الجبرية المفروضة عليها، اعتبرت «رمز الأمل من أجل الديمقراطية»، لكن يبدو على الرغم من ذلك أنها أبعدت بشكل دائم عن السلطة، لا سيما في ظل توسيع المجلس العسكري نفوذه وسلطته وحل حزبها «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» التي قررت مقاطعة أول انتخابات تشريعية نظمت في هذا البلد منذ عشرين عاما.

ولم يكن إقصاء زعيمة المعارضة يخطر في بال أحد قبل عشرين عاما حين كانت الآمال كلها معلقة على ابنة بطل الاستقلال الجنرال أونغ سان الذي اغتيل، والتي تختزل في شخصها مقاومة القمع العسكري إلى حد أنها حجبت المعارضين الـ2200 الآخرين المسجونين ووضع الأقليات العرقية في هذا البلد.

وألحقت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، آنذاك، هزيمة نكراء بالنظام العسكري؛ إذ فازت بـ392 مقعدا من أصل 485 كانت مطروحة في الانتخابات. غير أن الجنرالات رفضوا الإقرار بالنتائج وبالتالي حرمت «سيدة» رانغون من حريتها طوال 15 عاما من السنوات الـ21 الأخيرة. لكن هل يعني ذلك فشل الزعيمة التي خرجت وهي تبكي في سبتمبر (أيلول) 2007 من منزلها لتحيي آلاف الرهبان البوذيين الذين كانوا يتظاهرون احتجاجا على القمع وعلى غلاء المعيشة، متحدية بخطوتها قوات مكافحة الشغب المنتشرة. يرد رونو إيغروتو، الخبير السياسي في جامعة هونغ كونغ، مشيرا إلى أن «الديمقراطية ليست مترسخة في المؤسسات ولا متجذرة في الممارسات اليومية في بورما الحالية». لكنه تابع: «لا يمكن استبعاد وزنها السياسي والآيديولوجي في العقدين الماضيين. فقد أثارت هي وحزبها وشبكاتها الداخلية والخارجية، حراكا سياسيا. وإن كنا اليوم نتكلم عن حقوق الإنسان أو الحريات المدنية أو الديمقراطية في بورما، فهذا بشكل أساسي بفضلها».

ولدت أونغ سان سو تشي في 19 يونيو (حزيران) 1945 والتحقت بأفضل مدارس رانغون قبل أن تستكمل دراستها في الهند؛ حيث عينت والدتها سفيرة عام 1960 ثم في أكسفورد. وخلال عملها كأستاذة مساعدة في معهد الدراسات الشرقية في لندن تزوجت البريطاني مايكل أريس،س الأستاذ الجامعي المتخصص في شؤون التيبت والبوذية وقد أنجبت منه طفلين. وبعد عودتها إلى بورما في أبريل (نيسان) 1988 للاهتمام بوالدتها المريضة ألقت سو تشي أول كلمة علنية لها في أغسطس (آب) من العام نفسه، فكان لخطابها البسيط والصادق أثر كبير في نفوس البورميين. وحصلت على دعم المعارضة والغرب اللذين أدركا مدى شعبيتها، وقد ضحت بعائلتها وحياتها الخاصة في سبيل القضية التي تناصرها. وفي عام 1999 حين كان زوجها ينازع في بريطانيا إثر إصابته بالسرطان، اختارت البقاء في بورما خشية ألا تتمكن من العودة إلى بلادها في حال خرجت منها.

والمعارضة، التي يعتبرها زعيم المجلس العسكري الجنرال ثان شوي ألد أعدائه، فقدت التواصل مع بلادها منذ وضعها في الإقامة الجبرية قبل 7 سنوات، ولم تبق على اتصال إلا مع قادة الرابطة القدامى عبر محاميها. وقال خين زاو وين، المعتقل السياسي السابق المقيم في رانغون: «إنها لم تقم بالخيارات الصحيحة». واعتبر أنها «فوتت فرصا كثيرة بأن تقوم بشيء إيجابي حقا من أجل البلاد ومن أجلها هي نفسها»، مؤكدا: «لقد فاتها القطار». وقد أبلغت الزعيمة المعارضة، المحرومة من الهاتف والإنترنت، منذ 7 سنوات، أنها ترغب في التواصل مع شبان العالم عبر موقع «تويتر» للمدونات القصيرة. ويتوقع الكثيرون أن يكون لها حضور ومستقبل وأن تلعب دورا في بورما. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مونغ زارني، الباحث في «معهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية»، قوله: «لقد أصبحت مؤسسة، والجمهور سيبقى مؤيدا لها ما دامت على قيد الحياة».