«غوغل» ترد بالثقيل على «فيس بوك» في «حرب المواهب»

رفعت رواتب موظفيها 10% لردع «هجمات استنزافهم» منها

موقع «غوغل» أصبح من «ضروريات» الحياة العصرية (تصوير: حاتم عويضة)
TT

قد يكون العالم مشغولا هذه الأيام بـ«حرب العملات»، التي تتصدر الأخبار، لكن هناك حربا أخرى تستعر منذ فترة في عالم الإنترنت وصناعة تكنولوجيا المعلومات، بين عمالقة القطاع مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«فيس بوك». وتسمى هذه الحرب المستعرة «حرب المواهب» war for talent فبعد ما يمكن تسميته بـ«حرب الاستنزاف»، التي هي أقرب إلى «حرب عصابات» من «جيش أقل قوة وخبرة» ضد جيش قوي وعتيد، والتي أُعلنت مؤخرا ضد «الجيش الغوغلي القوي»، الذي يضم 23 ألف موظف في جميع أنحاء العالم، من قبل القوة «الإنترنيتية الصاعدة»، المتمثلة في «فيس بوك»، والذي تمكن من إغراء العشرات من «الضباط» الذين كانوا يخدمون سابقا في «جيش غوغل» بالالتحاق به، إلى درجة أن هناك تقديرات تقول بأن 10% من موظفي «فيس بوك» هم من الموظفين السابقين في «غوغل». وبحسب تقديرات يبلغ جيش «فيس بوك» 1600 موظف فقط، موزعين على ثمانية «قواعد إنترنتية» عبر العالم.

و يبدو أن قيادة أركان «غوغل»، التي تحقق أرباحا بمعدل مليون دولار في الساعة، انتبهت أخيرا إلى «حرب الاستنزاف» التي تستهدف موظفيها ليس فقط من «فيس بوك»، بل من شركات أخرى صغيرة، غالبيتها جديدة، فقررت «تحريك» مدفعيتها المالية الثقيلة، وحتى طيرانها المالي المحلق لردع هذه «الهجمات الاستنزافية» التي تستهدف «ضباطها» المتميزين، خاصة من المهندسين المختصين في البرمجة، الذين ساهموا في جعلها تلك القوة العملاقة في عالم الإنترنت. حيث أعلنت «غوغل» منح جميع موظفيها البالغ عددهم 23 ألف موظف في جميع أنحاء العالم 10% زيادة في الرواتب في العام المقبل.

و بالإضافة إلى تلك الزيادة قررت «غوغل» صرفا فوريا لألف دولار نقدا لكل موظف في الشركة «كمكافآت للعطل» لهذه السنة، وذلك بالتزامن اقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة. وفوق ذلك أعلنت «غوغل» أنها ستدفع الضرائب الخاصة بهذه المكافأة (1000 دولار) بحيث يحصل موظفو الشركة على المبلغ بالكامل ودون خصومات.

وقد ذكرت مصادر بريطانية أن معدل الزيادة مثلا لموظفي «قاعدة» غوغل في بريطانيا سيكون بنحو 13 ألف جنيه استرليني، والذي يعادل مرتبا سنويا لموظف بسيط في المملكة المتحدة. وهو مبلغ ضخم بكل المقاييس خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية في بريطانيا، خاصة بعد خطة التقشف التي أعلنتها الحكومة، والتي بموجبها سيتم الاستغناء عن نحو 500 ألف موظف من القطاع العام، كما أن الرواتب في غالبية القطاعات في بريطانيا تقريبا «مجمدة» منذ انفجار الأزمة المالية العالمية في 2007، بل إن بعضها تم تخفيضه بفعل الأزمة، وحتى الرواتب التي بقيت في نفس المستوى فقد فقدت عمليا قيمتها بفعل معدلات التضخم. ومن المتوقع أن تتجاوز مداخيل «غوغل» في بريطانيا لوحدها هذا العام ملياري جنيه استرليني.

وقد أعلن هذه الزيادات إريك شميدت الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل» في رسالة إلكترونية لجميع موظفي الشركة، قائلا «إن الشركة تريد أن تشعر موظفيها بالمكافأة على عملهم الشاق»، وأضاف أن «(غوغل) تريد أن تستمر في جذب أفضل المواهب في هذه الصناعة».

وأثنى شميدت على موظفي «غوغل» قائلا: «أعتقد أن لدينا أفضل موظفين في العالم، وأكثرهم مهارة».

وبحسب تقديرات فإن هذه الزيادة في المرتبات والعلاوات ستكلف «غوغل» نحو مليار دولار في السنة. ورغم الامتيازات، التي يحظى بها موظفو «غوغل»، التي تُختار باستمرار من بين أفضل الشركات في العالم تعاملا مع موظفيها، فإن موظفيها يرتفع الطلب عليهم، خاصة من شركات «وادي السيليكون» (قلب الصناعة التكنولوجية في أميركا والعالم) التي تحاول استقطابهم بقوة وإغراءهم بالعمل لصالحها وترك عملاق الإنترنت. وكان المدير المالي لـ«غوغل» باتريك بيشيت أعلن مؤخرا «أن الشركة تخوض حرب مواهب»، وفي مسعى لمنع هذه الحرب بين شركات الإنترنت والتكنولوجيا، التي استوجبت تدخل وزارة العدل الأميركية، للتحقيق فيها عبر مكتب المنافسة، وقعت الشركات التكنولوجية الخمس الكبرى ومن بينها «غوغل» على تعهد بوقف عملية «سرقة» الموظفين من بعضها البعض.

وتعرف عمليات التوظيف تسارعا كبيرا في «غوغل»، خلال العامين الماضيين، وبمعدلات غير مسبوقة في تاريخها، حيث أضافت مثلا نحو 1500 موظف لـ«جيشها التكنولوجي» خلال الأشهر الثلاثة بين يونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) 2010، أي بزيادة بلغت 7%.