«العراقية»: ضغوط داخلية أدت إلى الإخفاق.. وبداية التنازلات عندما اتفقنا مع الحكيم

قيادي في قائمة علاوي قال لـ «الشرق الأوسط» إن التراجع جاء بعد إصرار الشيعة على رئاسة الحكومة والدعم الأميركي ــ الإيراني للمالكي

TT

تتباين آراء أعضاء ائتلاف العراقية الذي يتزعمه الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، حول أسباب إخفاق ائتلافهم في الحصول على فرصة تشكيل الحكومة المقبلة، مع أن قائمتهم كانت قد فازت في الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس (آذار) الماضي، فمنهم من يرى أن «إيران قد شددت قبضتها ضد القائمة، مستهدفة شخص زعيمها علاوي الذي لا ترغب الجارة الشرقية للعراق أن يتولى منصب رئيس الحكومة»، ومنهم من يعتقد أن «وقوف إيران ضد (العراقية) جاء لأسباب طائفية، كون السنة يشكلون غالبية فيها، وأن هذا الدعم الإيراني جاء متناغما مع تطلعات الطبقة السياسية الشيعية الحاكمة في العراق التي رأت أنها تتمتع بفرصة ذهبية وهي تقبض على السلطة، وإذا ضاعت هذه الفرصة فإنها لن تعود إليهم ثانية، خاصة أن السياسيين الشيعة كانوا على ثقة من دعم القيادات الكردية لهم»، ويشخص قسم ثالث من أعضاء «العراقية» أن «واحدا من أبرز أسباب الإخفاق في تشكيل الحكومة يعود إلى قياداتها التي لم تستطع على مدى أكثر من 8 أشهر أن تحقق تحالفات جيدة مع بقية الكتل السياسية، حتى تلك التي كان يعتقد أنهم سيقفون مع (العراقية) أو زعيمها، علاوي، وفي مقدمتهم الأكراد».

لكن قياديا في ائتلاف العراقية، كان قريبا من أجواء الحوارات التي أجراها ائتلافهم مع بقية الكتل السياسية، يجد أن الأسباب الواردة أعلاه كلها، وأسبابا أخرى قادت إلى خسارة «العراقية» فرصة تشكيل الحكومة الجديدة، وفي مقدمة هذه الأسباب: وجود اتفاق أميركي إيراني غير معلن، أو غير مباشر على إبقاء المالكي في منصبه، وأن واشنطن خشيت الوقوف بوجه إرادة طهران غير الراغبة في وصول علاوي، أو «العراقية» إلى سدة الحكم.

ويقول القيادي في «العراقية»، الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس: «لقد كان هناك إصرار واضح من قبل الأحزاب والكتل السياسية الشيعية على ألا تخرج رئاسة الحكومة من فصائلهم، وأنه يجب أن تبقى السلطة بأيديهم، وقد لقي هذا الإصرار دعما قويا من إيران، وإذا تتبعنا تصريحات القادة السياسيين للأحزاب الشيعية الراديكالية منذ ما قبل الإعلان عن النتائج فسنلمس الاستراتيجية التي آمن وعمل وفقها قادة هذه الأحزاب الذين كانوا قد تهيأوا جيدا لخوض معركة الاحتفاظ بالسلطة حتى إن كان ذلك على حساب نتائج الانتخابات وباسم التكوين الأكبر (الشيعة)؛ إذ لم تضع أي من قيادات الأحزاب الشيعية في تفكيرها أي هامش لدعم (العراقية) وزعيمها علاوي لرئاسة الحكومة، والغريب أنه حتى الأحزاب المتنافرة أو المتصارعة مع بعضها على النفوذ الشيعي اتفقت، أو التقت، في منطقة واحدة، ألا وهي الوقوف ضد (العراقية) وعدم التفريط بالسلطة. واعتبر المالكي أن هذه السلطة أمانة وضعها المكون الشيعي بيده وعليه صيانتها، مثلما أوضح لنا عزة الشابندر، عضو ائتلاف دولة القانون».

وأضاف القيادي في العراقية أنه يضاف إلى ذلك كله «الضغوط الإيرانية التي مارستها طهران بقوة، سواء على الكتل الشيعية أو على بعض الأطراف الكردية لدعم ترشيح المالكي».

ويعترف هذا القيادي بأن «واحدا من أخطاء (العراقية) هو التنازل عن سقف مطالبها المشروعة في تشكيل الحكومة، والتراجع عما أكده قياديو القائمة بعدم المشاركة في حكومة يترأسها المالكي»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «موقف علاوي وبعض قادة (العراقية) كان، وحتى النهاية، قويا بعدم المشاركة، على الرغم من الضغوط الأميركية التي تمثلت باتصالات الرئيس الأميركي باراك أوباما، من جهة، ومقترحات نائبه جو بايدن من جهة أخرى».

ويكشف القيادي في «العراقية» عن أن «ضغوطا أخرى مارسها بعض أعضاء العراقية دفعت باتجاه المشاركة في الحكومة سواء أشاركت العراقية أم لم تشارك، وتحت أعذار شتى، منها عدم إضاعة فرصة المشاركة في الحكومة، وطموح بعض أعضائها إلى الحصول على مناصب وزارية قد يضمنها لهم المالكي، وخشية البعض من التصفيات الجسدية التي قد تمارس على أيدي أجهزة أمنية حكومية، وطمع البعض الآخر في عدم الخروج من العملية بلا مكاسب».

ويعتبر هذا القيادي أن «بداية التنازلات كانت في الاتفاقات التي حدثت بين (العراقية) والمجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة عمار الحكيم، التي تحدثت عن دعم الأولى لمرشح الثاني عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة، مقابل أن يفاتح تكتل الحكيم الأكراد للتنازل عن مطالبهم بمنصب رئاسة الجمهورية لصالح علاوي، وكان هذا أول مؤشر لإمكانية تنازل كتلة علاوي عن تشكيل الحكومة»، موضحا أنه «عقب هذا المقترح من تصريحات من بعض قادة (العراقية)، خاصة صالح المطلك، الذي أشار إلى إمكانية المشاركة في حكومة يوافق رئيسها على مطالب العراقية بتقاسم السلطة وتوزيع الصلاحيات، جاءت هذه الإشارة الثانية بإمكانية العمل مع حكومة يتزعمها المالكي».

ويستدرك قائلا: «إلا أن علاوي لم يشر، في أي من تصريحاته، إلى وجود اتفاقية لدعم عبد المهدي لتشكيل الحكومة، كما لم يتحدث في أي مرة عن مطالبته بمنصب رئاسة الجمهورية أو رئاسة البرلمان، بل أكد أكثر من مرة أنه مصر على الاستحقاق الانتخابي بتشكيل الحكومة»، مشيرا إلى أن «الحديث تردد داخل حدود (العراقية) أنه إذا تم تخصيص منصب رئاسة الجمهورية لـ(العراقية) فإن طارق الهاشمي هو الأولى بهذا المنصب؛ لأنه لا يجوز أن يكون رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من الشيعة، وأن هذه الأفكار صدرت عن مكتب الهاشمي نفسه من دون أن يعلن (الهاشمي) نفسه عنها».

ويؤكد القيادي في «العراقية» عدم رضا علاوي «عن كل ما جرى، على الرغم من اضطراره إلى الموافقة على ما جاء في مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وأن هناك شعورا بوجود مؤامرة كبيرة لمصادرة استحقاقات قائمة فازت بأعلى الأصوات في الانتخابات ولم تحصل، من الناحية العملية، إلا على منصب رئاسة البرلمان تكريسا للمحاصصة الطائفية والإثنية التي رسمتها سياسة المالكي، التي تمنح الأكراد منصب رئاسة الجمهورية والشيعة رئاسة الحكومة والعرب السنة منصب رئاسة البرلمان».

ولا يتردد هذا القيادي في أن يصف «منصب رئاسة المجلس الوطني للسياسات العليا إلا أنه منصب مختلق لترضية علاوي من أجل المشاركة في الحكومة»، مشيرا إلى أن «علاوي نفسه كان قد اقترح هذا المجلس عام 2005، إلا أن التيار الصدري، حسب اعترافهم، قد أفشلوا مهمة هذا المجلس وأفرغوه من محتواه لأنهم اعتقدوا أن علاوي إذا تسلم رئاسة هذا المجلس فسوف تكون له اليد الطولى في السيطرة على الدولة».

ويتساءل القيادي في «العراقية» قائلا: «ترى هل سيرضى علاوي برئاسة مجلس كان قد اقترحه قبل 5 سنوات وعندما كانت كتلته (العراقية) لها 25 مقعدا برلمانيا، بينما هو اليوم زعيم أكبر قائمة فائزة في الانتخابات؟»، معبرا عن اعتقاده «عدم موافقة علاوي على مثل هذا المنصب وإن كان قد سمح لبقية قادة ائتلافه بالمشاركة في الحكومة»، ومفضلا البقاء كقوة معارضة للحكومة.