الذكرى الأولى لأزمة ديون «دبي العالمية»: كيف تبدو الإمارة بعد عام من أزمة ديونها؟

رئيس الدائرة المالية لـ «الشرق الأوسط»: وضع دبي أفضل الآن

TT

في مثل هذه الأيام من عام 2009 ومع إطلاله اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك كان العالم على موعد مع إعلان كان له وقع الصاعقة على مجتمع المستثمرين في الإمارات وخارجها، كان الإعلان تأجيل مجموعة «دبي العالمية» سداد ديون بقيمة 26 مليار دولار.

ولعل الأيام كانت كفيلة بتخفيف الصدمة بعد أن بدأت دبي تتحرك بسرعة لإيجاد مدخل إلى حل لهذه الأزمة التي أثرت عليها بشدة وزادت عاصفة أزمة المال العالمية، وحتى ذلك الحين وقبل عام من الآن كان الجميع يعلم حجم تأثير دبي وتأثرها في الاقتصاد العالمي ولكن ليس إلى هذا الحد، ففي المنطقة العربية وفي مثل هذا اليوم من العام الماضي كانت عطلة عيد الأضحى تمتد لأسبوع كامل عندما عصفت أزمة الديون بالبورصات العالمية وشغلت الأزمة المفاجئة عناوين معظم الصحف الأميركية، التي حذر بعضها من أن تؤدي الأزمة في الإمارة إلى هزات ارتدادية للأزمة المالية العالمية، وسط أجواء من القلق في الأسواق المالية ومخاوف المستثمرين في أنحاء العالم.

تفاعلت القضية خلال تلك الفترة مع انتظار المستثمرين انتهاء عطلة العيد بفارغ الصبر لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور، انتهت العطلة وكما هو متوقع أعلنت الشركة العالمية المملوكة للحكومة عن تأجيل ديونها المستحقة وساد الركود أسواق المال والأعمال.

لكن الشركة المملوكة لحكومة دبي لم تضع الوقت وبدأت تتلمس خريطة الطريق إلى طاولة مفاوضات مع دائنيها للوصول إلى صيغة ترضي جميع الأطراف وتنهي تعليق القضية، وتضع لها جدولا زمنيا، وبالفعل في سبتمبر (أيلول) من العام الحالي نجحت الشركة بعد جولات ماراثونية مع الدائنين وطول انتظار من المستثمرين من الوصول إلى صيغة قوبلت بموافقات رسمية من نحو 99 في المائة من البنوك الدائنة للشركة، الذين يمثلون أكثر من 99 في المائة من قيمة الديون المترتبة عليها، فيما اعتبرته الشركة دعما كبيرا سيمكنها من إنهاء عملية إعادة الهيكلة خلال الأسابيع المقبلة، كما أن العرض سيضع الشركة في وضع مالي سليم، يعود بالفائدة على أصحاب المصلحة.

وإلى الآن ومنذ الإعلان عن ديون «دبي العالمية» قبل عام يمكن للمراقب أن يلاحظ أن لا شيء تغير، فيما لا يزال القطاع العقاري يشهد مزيدا من التصحيح والانخفاض في الأسعار لم يشهده إبان الإعلان عن أزمة الديون قبل عام، لكن وجهة النظر الرسمية تميل لوصف الأوضاع بأنها أفضل بكثير من السابق.

ويرى عبد الرحمن آل صالح، رئيس الدائرة المالية في دبي أن الوضع الاقتصادي للإمارة أفضل بكثير من السابق، ويسترجع آل صالح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الإعلان الذي أعلنته «دبي العالمية» ويرى أن الكثيرين خلطوا بين شركة «دبي العالمية» وحكومة دبي صحيح أن الشركة مملوكة لحكومة دبي ولكنها تقوم على أساس تجاري وشركات كثيرة في العالم قامت بهيكلة ديونها والشركات لا بد أن تكون مرنة في إدارتها للأزمات.

وتضم مجموعة «دبي العالمية» التابعة لحكومة دبي وتخضع عشر شركات، بينها شركة «نخيل» التي قامت بتطوير عدد من أبرز مشاريع دبي العقارية، وشركة «موانئ دبي العالمية» ثالث أكبر مشغل للموانئ في العالم. و«ليميتلس» هي شركة عقارية أخرى تابعة لـ«دبي العالمية» وكانت تنفذ مشاريع في روسيا وفيتنام والسعودية وشركة «استثمار» فهي الذراع الاستثمارية لـ«دبي العالمية» وقد قامت بعمليات استحواذ ضخمة بقيمة 9.2 مليار دولار منذ إنشائها في 2003 ولكن هل نجحت «دبي العالمية» في إدارة أزمتها التي ملأت الأسواق وشغلت أهل الاقتصاد؟ برأي عبد الرحمن آل صالح فإن أكبر دليل على نجاح الشركة في أن الجهات المعنية والمتمثلة بالدائنين وافقت على خطة إعادة الهيكلة، ويعتبر آل صالح ليس المهم أن نرضى نحن بالنتائج التي توصلنا إليها، المهم أن يرضى الدائنون وموافقتهم على الخطة دليل على هذا الرضا، إضافة إلى مشاركتهم في السندات التي تصدرها الحكومة فهو مؤشر على الرضا بما توصلنا إليه.

وكانت «دبي العالمية» على مدى العام الماضي تتفاوض مع لجنة مكونة من أبرز الدائنين الأعضاء وهي سبعة بنوك تستحوذ على 60 في المائة من الديون البالغ مجموعها 14.4 مليار دولار، وتكونت اللجنة من بنك «لويدز» و«إتش إس بي سي» و«ستاندرد تشارترد» و«رويال بنك أوف اسكوتلند» و«بنك أوف طوكيو»، إضافة إلى بنكين وطنيين هما بنك «دبي الإمارات الوطني» و«أبوظبي التجاري».

وفي 25 مارس (آذار) الماضي، تعهدت حكومة دبي بتقديم 9.5 مليارات دولار في إطار خطة كل من «دبي العالمية» و«نخيل» لإعادة هيكلة التزاماتهما، بعدما حصلت على مساعدة مالية من أبوظبي، الإمارة الأغنى في دولة الإمارات العربية.

وعلى الرغم من توصل مجموعة «دبي العالمية» إلى اتفاق مع دائنيها، فإن القلق لا يزال يساور قطاع المال والأعمال وما يدور بين المستثمرين صغارا كانوا أم كبارا «علينا الانتظار ريثما تتضح الأمور».

ويرى مصدر مصرفي مطلع على مجريات الأزمة أن العالم لا يزال في خضم أصعب أزمة في العالم، ويرى المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أن السيولة ضعيفة في الأسواق والقطاع العقاري لم يتعاف، لا بل يمكن أن نقول إن هناك تراجعا مطردا. ويعتبر المصدر أن الوضع لا يزال صعبا «لن أقول للأسوأ..هو مستقر» ويرى أن الجانب الإيجابي في المشهد العام هو «التشجيع الحكومي»، لكنه يؤكد الحاجة إلى تدخل حكومي لضخ سيولة أكثر في الأسواق وهي السبيل الوحيدة للنهوض من الأزمة.

وربما يهمس البعض بسؤال هل تحمل عطلة الأعياد إعلانا شبيها بإعلان ديون «دبي العالمية»؟ يرد الباحث الاقتصادي والأكاديمي أيمن عبد النور بأن هذا لن يحدث لأن الجهات التي كانت معنية بتوقيت الإعلان عن أزمة «دبي العالمية» أدركت أن التوقيت لم يكن موفقا.. لذلك فإنه إن كان هناك ما يمكن الإعلان عنه فلن يعلن في مثل هذا التوقيت.