لماذا تفشل مشاريعنا الصغيرة؟

سعود الأحمد

TT

تعتبر المنشآت الصغيرة هي الأكثر كفاءة وقدرة على النمو والتوالد ودفعا لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وهي النواة الأولى للمشاريع والشركات الكبرى العالمية في الدول والمجتمعات الصناعية التقليدية، وفي من لحق بها (مؤخرا) من المجتمعات الآسيوية التي فرضت نفسها ومكانتها في مقدمة الدول الصناعية.

فواقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في منطقة اليورو أنها تشكل نحو 99.8% من إجمالي منشآت الأعمال، ونحو 60% من القيمة المضافة، وقرابة 70% من التوظيف. وهذه النسب ليست في منطقة اليورو وحدها، بل قد تكون متشابهة في معظم دول العالم المتطور.. في وقت تنخفض فيه نسبة مساهمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السعودية في الناتج المحلي السعودي إلى 33%، والبطالة ترتفع مع أن ثلث سكان السعودية من غير السعوديين الذين معظمهم عمال. في حين أسهمت المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي في دول أخرى بنسبة 57 في المائة في اليابان، و64.3 في المائة في إسبانيا.

لكن واقع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بدول مجلس التعاون، وفي السعودية بوجه خاص، بحاجة إلى التفاتة جادة على أعلى المستويات!.. لما تواجهه من تحديات ومعوقات.. منذ بداية المشروع كفكرة إلى مرحلة الحصول على التمويل اللازم لتلبية احتياجاتها التوسعية. وذلك لعدة أسباب، منها عدم توافر الضمانات الكفيلة لمنح الائتمان. صحيح أن وزارة المالية السعودية قد قامت بالتعاون مع المصارف المحلية بتأسيس برنامج «كفالة» لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة برأسمال قدره 200 مليون ريال، لكنه - وكما يلاحظ من مبلغ رأسماله - لا يتناسب مع حجم الاقتصاد السعودي الذي يعتبر الأضخم بين الاقتصادات العربية.. وهذه حقيقة لا تحتاج لتوسيع الجدل فيها. ومع أن هذا المبلغ لا يعول عليه لتغطية مخاطر التمويل وسداد قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبالقدر الذي يشجع المقرضين وفي مقدمتهم البنوك على المخاطرة بالتمويل، فإن برنامج «كفالة» قد شهد مع ذلك ومنذ انطلاقته في عام 2006 وحتى 1/10/2010 أداء جيدا، حيث بلغ عدد الكفالات التي اعتمدها خلال الفترة نحو 1668 كفالة، بقيمة إجمالية قدرها 644 مليون ريال، مقابل قروض منحتها المصارف تحت مظلة البرنامج بلغت نحو 1.6 مليار ريال، استفادت منها نحو 1113 منشأة صغيرة ومتوسطة الحجم.

ولا ننسى أن البعض يعتقد (خطأ) أن الاقتصادات الضخمة تعتمد على المنشآت الضخمة. لكن الواقع أن المؤسسات الصغيرة مشاريع حيوية ذات رأس مال عادة يبدأ صغيرا، ثم تتطور خلال مدة قصيرة لتسهم في نمو وتضاعف حجم الاقتصاد. وهي عادة ما تكون نواة المنشآت الضخمة ومصدر تعاظم اقتصادات الدول المتقدمة، ومجالا رحبا للتأهيل والتدريب واكتساب المهارات بسرعة وكفاءة وفعالية. وهي التي تساعد بشكل أكثر فعالية على التوظيف، لأنها لن تتطلب مؤهلات علمية عالية أو تدريبا أو تأهيلا فنيا متقدما بما يخفف العبء عن الحكومة.

أخيرا.. إن أنظمة الحكومة بحاجة إلى إعادة دراسة، بما يكفل تسهيل مهمة تطور ونمو المشاريع الصغيرة.. فقد نجد فيها أسباب عدم تطور هذه النوع من المشاريع.

* كاتب ومحلل مالي