غلاء الأضاحي يربك «الجمعيات الخيرية» ويهدد حصة مئات الأسر المحتاجة

وسط تخوف من شح اللحوم الموزعة.. وقلق من منافسة «كوبونات» الذبح خارج البلاد

توقع انخفاض كمية لحوم الأضاحي التي توزعها الجمعيات الخيرية على الأسر المحتاجة بنحو 20%، بعد وصول سعر الرأس الواحد في السوق إلى ألفي ريال («الشرق الأوسط»)
TT

مع اقتراب عيد الأضحى واصلت أسعار سوق المواشي قفزاتها الماراثونية، ملامسة حاجز ألفي ريال للرأس الواحد، بينما توقع المختصون أن تدفع الأسر المحتاجة ضريبة هذا الغلاء عبر تراجع حصتها السنوية من لحوم الأضاحي، إذ أبدت الجمعيات الخيرية قلقها من انعكاس ارتفاع الأسعار على حجم اللحوم الموزعة على مئات الأسر المسجلة في قوائمها، مع تقديرات بأن يصل تراجع لحوم الأضاحي المتسلمة نهار العيد إلى نحو 20 في المائة عن الأعوام السابقة.

وتؤكد بدرية الدليجان، رئيسة مجلس إدارة «جمعية فتاة الخليج الخيرية»، أن ارتفاع أسعار الأضاحي سينعكس بدوره على كمية اللحوم الموزعة التي تستقبلها الجمعيات عادة في أول أيام العيد، قائلة: «نحن نوزع لحوم الأضاحي على نحو 200 أسرة محتاجة، كل أسرة منها تأخذ بين 5 إلى 10 كيلوات، بحيث يتسلم الموظفون اللحوم منذ الساعات الأولى لنهار العيد، ثم توزع في المساء، خلال أول وثاني وثالث ورابع أيام العيد، لكن نتوقع هذا العام أن تقل نسبة اللحوم بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي».

وأشارت الدليجان في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى هروب كثير من السعوديين من غلاء الأضاحي إلى شراء الكوبونات التي تكون أسعارها في حدود 500 ريال، لذبح الأضحية خارج البلاد بأسعار زهيدة، قائلة: «الأَولى أن يتوجهوا إلى الداخل، لكن الناس أصبحوا يتساهلون في هذا الموضوع». وطالبت الدليجان بمنع بيع هذه الكوبونات، مستشهدة بوجود خلاف شرعي حول جواز فعل ذلك.

وكان الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، قد تناول هذه المسألة في فتوى أوردها عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، إذ أوضح أن «الأضحية شعيرة تذبح في البيوت وفي البلد وتوزع على الجيران»، واعتبر التوكيل في الأضحية لذبحها خارج البلاد «صدقة»، وأفاد بأن السنّة في الأضحية هو أن تذبح في بيت المضحي، ليأكل منها ويتصدق منها ويهدي منها، مضيفا: «أما إذا أذهبت للخارج فلم تحصل هذه المقاصد الشرعية».

من جهتها أبدت منيرة الحربي، وهي مديرة جمعية «جود» النسائية الخيرية بالدمام، قلقها من التأثير الذي سيحدثه ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام على كمية توزيع لحم الأضاحي للمحتاجين، مفيدة بأن الجمعية عادة توزع نحو 20 ذبيحة سنويا خلال يوم العيد، بينما توقعت أن تقتصر الكميات الواردة للجمعية هذا العام على أضاحي من وصفتهم بـ«المقتدرين». وتابعت الحربي حديثها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «بعد أن وصل سعر الأضحية إلى 2000 ريال، أعتقد أن نحو 50 في المائة سيضحون إما عن طريق البنوك وإما بواسطة الأضاحي التي تذبح في الخارج»، حيث تؤكد الحربي على توجه الكثيرين لتوكيل الذبح خارج البلاد بالنظر إلى التكلفة المعقولة لذلك، مقارنة بتكلفة شراء الأضحية من سوق المواشي.

ويجد كثير من السعوديون في «كوبونات الأضاحي» التي توفرها بعض الجهات الخيرية، الحل الأنسب لمواجهة نار غلاء الأضاحي، لكون هذه الجهات تؤمن شراء الأضحية وترسلها إلى الخارج بأسعار مغرية، حيث تبدأ من 250 ريالا وتصل إلى 500 ريال، مع قيام بعض الجمعيات الخيرية بطرح أضاحٍ بأسعار في حدود 700 ريال، وهي أسعار جذابة عن أسعار سوق المواشي.

يأتي ذلك بعد أن سجلت أسعار الأضاحي في الآونة الأخيرة ارتفاعا كبيرا، إذ تراوح سعر الرأس الواحد بين 1300 و1600 ريال، بينما يتوقع تاجر المواشي فهد العنزي أن تبلغ الأسعار أشدها خلال الأيام الثلاثة الأخيرة التي تسبق عيد الأضحى، خصوصا مع ارتفاع حجم الطلب، موضحا أن أسعار الخروف النعيمي في حدود 1200 ريال، بينما تصل أسعار الخروف النجدي إلى نحو 1500 ريال. من جهته ربط عضو مجلس إدارة الجمعية الطبية البيطرية السعودية، الدكتور صلاح الهاجري، بين ارتفاع أسعار أضاحي وبين القفزة الكبيرة التي وصلت إليها أسعار الشعير في الفترة الماضية، وذلك على الرغم من الانخفاض الذي طرأ على أسعار الشعير مؤخرا بالنظر إلى قرار وزارة التجارة إخضاع سلعة الشعير لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية.

وتوقع الهاجري في حديثه الهاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن تواصل أسعار الأضاحي ارتفاعها هذه الأيام لكونها الموسم الذهبي لملاك المواشي، في حين ينصح الهاجري بعدم الإكثار من تناول اللحوم الحمراء خلال فترة عيد الأضحى لكونها ترفع من احتمالية الإصابة بأمراض القلب، مقترحا أن يستبدل بها البقوليات واللحوم البيضاء ولحم السمك المنزوع الجلد.

جدير بالذكر أن وزارة التجارة والصناعة وضعت مؤخرا ضمن خدماتها الإلكترونية على موقعها بشبكة الإنترنت مؤشرا جديدا لأسعار الأضاحي، يتم من خلاله متابعة متوسط أسعار الأضاحي، ويشمل المؤشر الذي تم تدشينه بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى على استطلاع لأسعار الأغنام والجمال والأبقار الخاصة بالأضاحي في 29 مدينة سعودية من مختلف المناطق، تتضمن أسعار أنواع الأضاحي ومن بينها الأغنام النجدية والنعيمي المحلي والمستورد والحري والسواكني والأسترالي والبربري، إضافة إلى أسعار الجمال والأبقار، حيث يتم تحديث المؤشر من قبل المختصين بوزارة التجارة والصناعة يوميا.