مكة المكرمة: القطار يختصر الانتقال في المشاعر من 5 ساعات إلى 7 دقائق

سحب البساط من كل وسائل النقل في المشاعر.. وفي مقدمتها النقل الترددي

الطاقة الاستيعابية لقطار نقل الحجاج تصل إلى 70 ألف راكب في الساعة («الشرق الأوسط»)
TT

رحلة طويلة كان يستغرقها الحاج وهو يجلس في حافلات نقل الحجاج للانتقال من عرفة إلى مزدلفة تتجاوز الـ5 ساعات وربما أكثر أحيانا، لتخف قليلا مع دخول الحركة الترددية إلى نحو نصف ساعة، قبل أن يدخل القطار هذا العام ليحطم الرقم القياسي في التنقل، معلنا أنه يجوب المشاعر المقدسة كلها في نحو 7 دقائق فقط.

فبعد 10 أعوام من عمر النقل الترددي، سحب القطار بساط النقل من الحركة الترددية بعد أن احتلت فيه الأخيرة صدارة النقل في العاصمة المقدسة منذ عام 2000.

الدكتور سهل صبان، وكيل وزارة الحج المساعد، قال معرفا النقل الترددي: «إن الرحلات الترددية مفهوم جديد نوعا ما في النقل، وهو ببساطة عبارة عن نظام نقل ضمن مسارات محكومة ويكون بأسلوب الرحلات المكوكية التي يتم خلالها نقل الحاج من محطة إلى أخرى من مخيم الحاج في عرفات برقم المكتب أو مجموعة الخدمة التي تخدمه إلى بوابة في مزدلفة بالرقم نفسه ومن ثم من مزدلفة إلى منى.

والمشروع الترددي الذي استهلته دول مثل حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأميركا وأستراليا وحجاج جنوب شرق آسيا، حلت بعدهم إيران، وحجاج الدول الأفريقية غير العربية، كآخر دولة مكملة للمنظومة الترددية، تزامنا مع حملة دعائية موسعة تحدثت في حينها عن إمكانية الوصول لحركة نقل أفضل عنوانها «الترددية بديل أفضل».

وأشار الدكتور الصبان إلى أن «مفهوم النقل الترددي يهدف بدرجة أساسية إلى تقليص زمن بقاء الحاج بالحافلة ولو قارنَّا بين النقل العادي والنقل الترددي نجد أن الحاج مثلا في النفرة من عرفة إلى مزدلفة يبقى في الحافلة من 3 إلى 5 ساعات بينما في النقل الترددي يبقى الحاج في الحافلة ما يقارب 25 دقيقة وعدد الحافلات المستخدم في نظام النقل الترددي يقل عن عدد الحافلات لنقل العدد نفسه من الحجاج بنسبة مقدرة بـ35%».

ودلل صبان بذلك على أن «هذا يعني كفاءة أداء أعلى في استخدام الحافلات، وكذلك الطرق المستخدمة في النقل الترددي أيضا ترتفع كفاءة استخدامها على كامل فترة النقل بحركة دائبة مستمرة. ومن إيجابيات النقل الترددي تخفيض ملوثات البيئة وذلك بسبب استخدام عدد أقل من الحافلات لنقل عدد أكبر من الحجاج، فالعوادم الناتجة عن الحافلات ومحركات الديزل تكون أقل بنسبة 40% بالتناسب مع انخفاض عدد الحافلات المستخدمة».

واستطرد وكيل وزارة الحج المساعد بالقول: «مفهوم التشغيل بالرحلات الترددية يرتكز على تحديد المسؤوليات في التشغيل، فمؤسسة الطوافة، أو ما يسمى بإدارة تنظيم الحجاج في المؤسسة، مسؤولة عن الحاج، وهم مسؤولون عن خدمات الحجاج داخل مخيماتهم بالكامل حتى بوابة الركوب إلى الحافلة، بعد ذلك يأتي دور نقابة السيارات أو شركات نقل الحجاج العاملة في النقل من خلال إدارة تشغيل الحافلات. وهذه الإدارة معنية بحركة الحافلات على المسارات وتدريب السائقين، وأيضا في حالة حدوث أعطال أو خلل ميكانيكي يؤدي إلى تأخير في دورها تقوم هذه الإدارة بإسعافها أو استبدال حافلات أخرى بها، وبهذا تكون لدينا إدارة تنظيم الحجاج وإدارة تشغيل الحافلات وأيضا إدارة الطريق التي تتمثل في قيادة مرور الترددية وهناك قيادة خاصة بهذا الشأن من الأمن العام وكل هذه الجهات».

وإن كان أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، قد أجاب، قبل أيام فيما يتعلق بالتنسيق بين قطار المشاعر المقدسة والرحلات الترددية، بأن المشروعين سيعملان جنبا إلى جنب لخدمة ضيوف الرحمن وتسهيل تنقلاتهم وتيسيرها من مشعر إلى آخر.

قطار المشاعر الذي يدخل بحلته الجديدة في مرحلته الأولى التي يصل استيعابه فيها إلى أكثر من 175 ألف حاج, يرفضه بعض المواطنين الذين لم يعتادوا ركوب مثل تلك القطارات في مراحل حياتهم التي اكتفوا فيها بركوب السيارات والطائرات, والخيول على سبيل الترفيه واستحضار الماضي, مكتفين بدور المراقبين لهذا العام، عن بُعد، للنتائج, ومدى تقبل الكثير من الحجاج لاستخدامه في تنقلاتهم خلال المشاعر المقدسة.

عندما شرعت الحكومة السعودية في تنفيذ مشروع القطار الذي يعتبر باكورة مشاريع السكك الحديدية في السعودية, كانت تضع هذا المشروع من أكبر تحدياتها التي ستبني عليها تطلعاتها المستقبلية في البدء بتنفيذ مثل تلك المشاريع التنموية التي تحتاج إليها السعودية في تخفيف الازدحامات الكبيرة التي تحدث في الطرق الرئيسية في السعودية, والتي من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في تخفيفها, خصوصا أن النمو الكبير في أعداد المركبات في تزايد خلال الأعوام المنصرمة الأخيرة.

ويمتاز قطار المشاعر بالسرعة والارتفاع عن الأرض؛ حيث يقوم على أعمدة أحادية وسط الشارع ويتميز أيضا بقربه للمشاة والمحطة، بالإضافة إلى أن المسار يتفادى التأثير على المخيمات، وتمت مراعاة عدم تكدس الحجاج ومراعاة طبوغرافية الأرض لتقليل الارتفاعات والانخفاضات.

ومن المقرر أن يسهم القطار في التقليل من أعداد المركبات الناقلة للحجاج بواقع 53 ألف مركبة، وتصل الطاقة الاستيعابية للقطار إلى 70 ألف راكب في الساعة، بينما تبلغ سرعته من 50 إلى 70 كيلومترا وسيقطع المسافة بين منى ومزدلفة وعرفات في 7 دقائق، وسيتم تشغيله بواقع رحلة كل دقيقتين، تحمل كل منها 3 آلاف حاج، وسيتم هذا العام الاستفادة من مشروع قطار المشاعر بنسبة أكثر من 30%، على أن تستكمل مراحل المشروع كافة في موسم الحج الذي يليه، وسيعمل القطار بطاقته الاستيعابية كاملة في موسم حج عام 1433هـ.