انتشار المعاملات المصرفية عبر الهاتف الجوال في دول العالم الناشئة

900 مليون شخص يستخدمونها بحلول 2015

مستقبل المعاملات المصرفية عبر الهاتف يمضي قدما (إ.ب.أ)
TT

في تنزانيا يرسل مستشفى المال عبر رسالة نصية إلى نساء يعشن في مناطق نائية حتى يتمكنَّ من دفع تكلفة تذكرة الحافلة التي ستنقلهن لإجراء جراحات عاجلة. وفي أفغانستان، تدفع الحكومة الأفغانية رواتب الجنود في المناطق النائية عن طريق الرسائل النصية لتحاشي الوسطاء الفاسدين. وفي باكستان فإن أضخم شبكة مالية ليست مصرفا، بل وحدة تابعة لشركة «تلينور»، مشغل الهواتف الجوالة النرويجي.

وعلى الرغم من انتشار فروع المصارف عبر الإنترنت في الولايات المتحدة وغالبية الدول المتقدمة، ففي الدول الأقل تقدما لا تحظى سوى نسبة ضئيلة من السكان بالخدمات المصرفية.

جدير بالذكر أن الخدمات المصرفية عبر الهاتف الجوال ظهرت للمرة الأولى في الفلبين عام 2001، عندما قامت شركتان للهواتف الجوالة هما «غلوب» و«سمارت»، بطرح برنامج الدفع المحلي الخاص بهما. وفي أغلب النماذج المصرفية عبر الهاتف يرسل الشخص مبلغا من المال عبر رسالة نصية إلى رقم هاتف المتلقي.

يقوم الشخص المتلقي للمال بالذهاب إلى الوكيل المحلي الذي يحمل تفويضا، وهو عادة ما يكون تاجر تجزئة يبيع أيضا بطاقات الشحن المدفوعة مقدما، لسحب النقود.

في مناطق من أميركا الجنوبية والوسطى وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا يحمل أكثر من 90% من السكان هاتفا جوالا واحدا على الأقل، وهو تقدم تكنولوجي يتولى مشغلو خدمة الهواتف الجوالة استغلاله ليصبحوا مصارف تجزئة للعالم النامي.

يقول نومغ كي وو، نائب رئيس الخدمات الإلكترونية والتحويلات المالية في «أورانغ»، الوحدة اللاسلكية التابعة شركة «فرانس تيليكوم»: «قبل 5 سنوات انتشر الحديث حول المصرفية عبر الهاتف الجوال، لكن لم تكن هناك شكاوى من العملاء. والآن بدأنا نشهد عددا متزايدا من العملاء، وأعتقد أن مستقبل المصرفية عبر الهاتف ضخم ويمضي قدما».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2008 شارك في الخدمات المصرفية عبر الهاتف في شركة «أورانغ» ما يزيد على مليون شخص، في 6 دول أفريقية هي: مالي والسنغال وكوت ديفوار ومدغشقر وكينيا والنيجر. وتقدم الشبكات العاملة في تنزانيا وكينيا التابعة لشبكة «فودافون» البريطانية خدمات مصرفية سلكية دولية أكثر من «وسترن يونيون».

ويبلغ عدد عملاء شبكة «فودافون» في كينيا، على سبيل المثال، أكثر من 13 مليون عميل، وفي تنزانيا نحو 6 ملايين عميل لخدماتها المصرفية التي وصل إجمالي عدد تحويلاتها المالية العام الماضي إلى 670 مليون حوالة مالية، استخدمت في نقل حوالات مالية إلى الداخل أو الخارج، بحسب بيتر كورنفوث مدير تطوير أعمال «فودافون» لخدمة إم بيسا، التي تعني المال باللغة السواحلية.

وفي كينيا عادة ما يدفع أصحاب مزارع أشجار البن بصورة يومية إلى عمال الحقول عبر رسائل نصية. وفي تنزانيا يدفع عملاء «فودافون» فواتير الكهرباء عبر الرسائل النصية. وفي دار السلام، العاصمة التنزانية، أرسل مستشفى يدعى (سي سي بي آر تي)، قيمة تذكرة الحافلة إلى سيدة تسافر من أجل إجراء جراحة حرجة لعلاج الناسور، الذي يعتبر عرضا جانبيا لآلام الولادة.

يقول كورنفوث، المقيم في لندن: «بغض النظر عن كونه عملا جديدا جادا بالنسبة لمشغلي الخدمة، إلا أن هذه الخدمات تربط الأفراد بالخدمات المصرفية للمرة الأولى في حياتهم».

وتنوي شبكة «تليفونيكا»، المشغل الإسباني الذي يمتلك نصيبا كبيرا من السوق في أميركا اللاتينية، بدء الخدمة المصرفية عبر الهاتف الجوال في 4 دول بأميركا اللاتينية العام المقبل ويتوقع أن يرتفع الرقم إلى 6 أضعاف بحلول عام 2015 ليرتفع من 55 مليونا عام 2009 إلى 894 مليونا عام 2015، بحسب بيرغ إنسايت، من مؤسسة الأبحاث الصناعية، ومقرها العاصمة السويدية استوكهولم.

يتمركز غالبية عملاء الخدمات المصرفية عبر الهواتف الجوالة - 78%، أي 697 مليون عميل - في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، بحسب بيرغ إنسايت. وفي أوروبا وشمال أميركا تأتي الخدمات المصرفية عبر الجوال في المرتبة الثانية بعد الخدمة عبر الحاسب الشخصي. لكن على الرغم من ذلك تجذب الخدمات المصرفية عبر الهواتف الجوالة المستخدمين في الغرب.

وتشير تيريزا إيبرسون، الشريكة في شركة «ميراكتوس» ومقرها بوسطن، التي تقدم الاستشارات للمصارف والمؤسسات المالية، إلى أن هناك نحو 10% من عملاء المصارف في الولايات المتحدة الذين يلجأون إلى الخدمات المصرفية عبر الهاتف، وعادة ما ينقلون الأموال ويقومون بدفع الأقساط أو متابعة الحسابات البنكية. ومع لجوء المزيد من العملاء إلى شراء الهواتف الذكية يتوقع أن تتجاوز المعاملات المصرفية عبر الهواتف الجوالة الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، التي ستشكل، بحسب إيبرسون، نسبة 50% من المعاملات المالية المصرفية غير المباشرة. وتقول: «نعتقد أن هذا الأمر سيزداد».

ويرى باولو مونتيسانو، رئيس قسم الخدمات المالية في «تليفونيكا»، أن الإمكانات كبيرة في أميركا اللاتينية؛ حيث لا يملك سوى 35% من السكان حسابات مصرفية، و19% فقط لديهم بطاقات مصرفية، لكن 90% لديهم هواتف جوالة.

بدأ المستثمرون في إدراك قدرات هذه التكنولوجيا، ففي سبتمبر (أيلول)، قررت شركة «غيمالتو» الفرنسية، رائدة تصنيع تكنولوجيا الخدمات المصرفية عبر الهواتف الجوالة لشرائح المحمول، شراء شركة «تريفنت»، الشركة الإسرائيلية التي تصنع برامج إدارة التحويلات المالية لمشغلات الهواتف الجوالة مقابل 40 مليون دولار.

كانت «تريفنت» قد فازت، قبل 6 أشهر، بعقد لتوريد تكنولوجيا الخدمات المصرفية عبر الجوال في أميركا اللاتينية لشركة «تليفونيكا».

وقال أميل ماتاتيا، الرئيس التنفيذي للشركة: إن 10 إلى 15 شركة هواتف جوالة تخطط لبدء خدمات مصرفية عبر الجوال العام المقبل في الأسواق الكبرى، في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط والهند. ورفض ماتاتيا الإفصاح عن أسماء هذه الشركات.

وقال ماتاتيا: «لأن الكثير من المناطق في العالم لا تنتشر فيها المصارف على نطاق واسع، يرغب الكثير من العملاء في هذه الخدمات بكثرة».

ونتيجة لانخفاض سعر الجوال البسيط إلى أقل من 20 دولارا في أغلب أنحاء العالم أصبحت الخدمات المصرفية عبر الهاتف الجوال أكثر توافرا في الأسواق الناشئة.

وقال فيليب فيرغنايود، نائب رئيس «غيمالتو» في سنغافورة: «من المتوقع أن تنتشر بكثرة في العالم النامي». وفي باكستان، حيث يملك 14% من السكان حسابات مصرفية، بدأت شركة «تلينور» الخدمات المصرفية عبر الجوال في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008.

تسمى الخدمة الجديدة إيزي بيزا (100 بيزا تساوي روبية باكستانية واحدة) يستخدمه الآن 500 ألف مستخدم نشط يرسلون التحويلات المالية التي تبلغ مجتمعة 5.5 مليون روبية أو 64.1 مليون دولار في الربع الأول من العام الحالي.

تتوافر خدمات إيزي بيزا لدى 11 ألف تاجر تجزئة مستقل، يشكلون شبكة توزيع «تلينور» التي تفوق عدد فروع المصارف الباكستانية التي تبلغ 8300 مصرف.

وتخطط «تلينور» لزيادة عدد تجار التجزئة في شبكتها إلى 36 ألف موزع تجزئة خلال 3 سنوات.

وقال عمير إبراهيم، نائب رئيس ومسؤول الاستراتيجية، في «تلينور» باكستان: «هذه الخدمة هي بشأن التعامل مع الاحتياجات غير المنطقية للمستهلك، وأعتقد أن هذا مناسب لكل الأسواق في كل مكان».

* خدمة «نيويورك تايمز»