المواقف السياسية تزيد ضبابية المشهد اللبناني وحزب الله يتحدث عن قرب ولادة الحل

المشنوق لـ«الشرق الأوسط»: لا توجد تسوية والمحكمة لا يمكن التخلي عنها

TT

كل المواقف المبشرة بنتائج قريبة للمساعي السعودية - السورية تستولد تسوية للأزمة اللبنانية، وحلا مقبولا يسبق القرار الاتهامي المتوقع صدوره قريبا في قضية اغتيال رفيق الحريري، لا تجد ترجمة فعلية على أرض الواقع. وقد زادت المواقف الصادرة أمس من ضبابية الوضع اللبناني، فبعد تصريح لعضو كتلة حزب الله النائب نواف الموسوي أعلن فيه أن المسعى السعودي - السوري أنجز توافقا على تسعين في المائة من الموضوعات الخلافية في لبنان، لفت الانتباه إلى كلام للسفير السعودي في لبنان، علي عواض العسيري، قال فيه إن «هناك أفكارا للتداول وليس هناك مسودات تسوية تتنقل بين العواصم»، في حين أكد عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مربعا أمنيا للاستقرار في لبنان وليس تسوية، وهذا المربع يقوم على العلاقات اللبنانية - السورية وعودة الحوار بين البلدين، وإلغاء اتفاق الدوحة الذي شكل ضربة للدستور واتفاق الطائف، وحل موضوع السلاح والمحكمة الدولية التي لا يمكن التخلي عنها».

وقال النائب المشنوق في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» إنه «لا توجد مساع للتسوية، بل هناك مربع للاستقرار في لبنان، والزاوية الأولى لهذا المربع تقوم على العلاقات اللبنانية - السورية، وأي شيء لا يبدأ من هذه العلاقات لن يصل إلى نتيجة، وعودة الحوار السوري - اللبناني إلى طبيعته، ولا بد من سحب مذكرات التوقيف السورية (بحق 33 شخصية سياسية وقضائية وأمنية وإعلامية من فريق رئيس الحكومة سعد الحريري)، وعودة الحوار بين الرئيس (السوري بشار) الأسد والرئيس الحريري والقيادتين في البلدين، باعتبار أن العلاقة اللبنانية - السورية هي جزء رئيسي وأساسي في الاستقرار اللبناني ولها أولوية على أي موضوع آخر سواء كان داخليا أو خارجيا، والتجربة التي بدأت منذ سنة حتى الآن هي تجربة غير ناجحة ولا يمكن الاستناد إليها في مستقبل العلاقات بين البلدين».

أما الزاوية الثانية فتقوم على إلغاء اتفاق الدوحة الذي قام على عنوانين الأول أمني يقضي بعدم استخدام السلاح في الداخل، فكانت النتيجة استعمال السلاح مرتين في استباحة بيروت ولا يزال الأمن هشا وغير مضمون، أما العنوان الثاني فهو سياسي، فحقق اتفاق الدوحة ضربة للدستور اللبناني ولاتفاق الطائف عبر تشكيل حكومة فيها ثلث معطل ولا تعترف بنتائج الانتخابات، وبالتالي لا بد من استقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة أكثرية وأقلية طبيعية تمثل فيها كل الأطراف وغير خاضعة لارتكابات الثلث المعطل، فهذه الحكومة (الحالية) لم تحقق لا وفاقا سياسيا ولا استقرارا جديا ولا أنتجت إنماء أو إنجازات للناس، ولا بد من اعتماد اتفاق الطائف وكل ما ورد فيه نصا وروحا والخروج من الشوائب التي ارتكبت على مدى 20 سنة، مرة عبر الترجمة الإقليمية للطائف ومرة أخرى في السنوات الـ5 الأخيرة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

والزاوية الثالثة تتعلق بالسلاح، بحيث يجب الاتفاق بشكل نهائي وحاسم وضمن مهلة محددة على نزع كل السلاح اللبناني أيا كانت الجهة التي تملكه، ما عدا السلاح المقاوم، وهذا السلاح المقاوم يجب أن يكون جزءا رئيسيا من تفاهم عسكري رسمي مع المقاومة، فبعد الذي حصل في بيروت أصبح هناك فرق بين سلاح حزب الله وسلاح المقاومة، ولا بد من التمييز بين ما هو للمقاومة وما هو للقتال الداخلي.

أما الزاوية الرابعة والأخيرة، فهي تتعلق بالمحكمة الدولية التي لا يمكن التخلي عنها وعن مسارها قبل صدور القرار الاتهامي.

وأكد المشنوق أن «هذه المسلمات لا تسوية عليها وأي كلام عن صياغة تسوية مخالفة لهذا المربع يكون كلاما غير جدي ولا يوصل إلى نتيجة ولا يعيش كثيرا»، ورأى أنه «بعد صدور القرار الاتهامي فإن كل من تراوده نفسه بالاغتيال السياسي عليه أن يفكر مائة مرة»، وقال إنه «فور صدور القرار يجتمع مجلس الوزراء ويتصرف الرئيس سعد الحريري كرئيس لحكومة كل اللبنانيين ومسؤول عنهم وعن معالجة أمورهم وأزماتهم»، وأضاف: «إذا تضمن القرار أسماء فمن واجب الحكومة أن تقوم بواجبها وتبذل جهودها في الحفاظ على حزب الله كحزب سياسي مقاوم، ولكن هذا لا يعني حماية أو تبرئة من ترد أسماؤهم في القرار الاتهامي، واعتبر أن «ما قاله السفير السعودي في لبنان (علي عواض العسيري) من أن هناك أفكارا للتداول وليس هناك مسودات تسوية تتنقل بين العواصم هو كلام دقيق وجدي»، واستبعد المشنوق صدور القرار الاتهامي قبل نهاية السنة الحالية.

إلى ذلك اعتبر عضو كتلة حزب الله النائب نواف الموسوي أن «هناك فرصة متاحة لتجنيب لبنان ما يدبر الأميركيون الإسرائيليون له»، لافتا إلى أن «هذه الفرصة تتمثل في المسعى السوري - السعودي»، مؤكدا أن «نجاح هذا المسعى يعيد تقديم مشهد مختلف في لبنان، لا سيما في تضيق الفجوة اللبنانية - اللبنانية، خصوصا في مواجهة إسرائيل، ما يشكل تقدما مهما جدا للمقاومة».

في المقابل أبدى عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت اعتقاده أن الاتصالات السورية - السعودية أثمرت «مسودة تسوية جاهزة لكل الأمور»، مؤكدا أن «الاتصالات مستمرة وهي جادة، لكن كما قال الرئيس سعد الحريري فإن هناك خطوات يجب أن يبدأها الفريق الآخر».