«حوار المنامة» يضع واشنطن وطهران وجها لوجه.. ويطلق مبادرة لإبقاء الخليج خاليا من السلاح النووي

كلينتون: جيران إيران يشاطروننا المخاوف من برنامجها.. ونخشى سباق تسلح

هيلاري كلينتون خلال مؤتمر صحافي عقد في وزراة الخارجية بالمنامة أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس أن جيران إيران يشاطرون واشنطن مخاوفها بشأن البرنامج النووي الإيراني، ودعت الجمهورية الإسلامية إلى «استغلال» المحادثات النووية التي ستستأنف بعد غد الاثنين، وتعتبر تصريحات المسؤولة الأميركية الأولى من نوعها بعد تسريبات موقع «ويكيليكس» بشأن الوثائق التي تتناول الصراع مع إيران.

وجاءت تصريحات كلينتون لدى وصولها العاصمة البحرينية المنامة للمشاركة في منتدى حوار المنامة السابع، الذي افتتحته مساء أمس بخطاب رئيسي. وبدأ «مؤتمر حوار المنامة» فعالياته أمس بمشاركة 25 وفدا حكوميا. وينظم هذا المنتدى السنوي المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. كما سيلقي العاهل الأردني عبد الله الثاني خطابا صباح اليوم.

ويعقد مؤتمر حوار المنامة وسط الأجواء المشحونة بالشكوك نتيجة تداعيات تسريبات وثائق موقع «ويكيليكس»، ووسط الحرج الذي ينتاب الدبلوماسية الأميركية حول العالم.

وأظهرت بعض الوثائق وجود حماس لدى مسؤولين في عدد من الدول المجاورة لإيران باستخدام الولايات المتحدة للقوة لوقف تقدم البرنامج النووي الإيراني.

ومن بين أبرز القضايا التي تستحوذ على اهتمام المؤتمر، المشروع النووي الإيراني، وأمن الخليج، بالإضافة إلى التطورات السياسية والأمنية في اليمن، والوضع في العراق. كما يستحوذ على المؤتمر الصورة السلبية التي تسببت فيها تسريبات موقع «ويكيليكس».

ويمثل المؤتمر فرصة لوضع طرفي الصراع، الولايات المتحدة وإيران، وجها لوجه، وهي من الفرص النادرة والمحدودة التي يلتقي فيها اللاعبان الإقليميان على طاولة واحدة. وتسعى وزيرة الخارجية الأميركية إلى ممارسة مزيد من الضغط والعزلة على إيران لدفعها للتخلي عن طموحاتها النووية، التي تقول طهران إنها مخصصة للاستخدام السلمي للطاقة، في حين تثير تلك الطموحات مخاوف واشنطن وحلفائها الأوروبيين في سلمية البرنامج النووي، وأظهرت وثائق موقع «ويكيليكس» أن تلك المخاوف تنتاب كذلك جيران إيران العرب.

وأعربت كلينتون عن أملها في أن تستغل إيران المحادثات التي ستجري بعد غد في إجراء مناقشة كاملة لبرنامجها النووي. وأضافت أن المنطقة بأسرها تشعر بالقلق بشأن الطموحات النووية الإيرانية. وقالت كلينتون: «بعودتهم إلى المحادثات التي تبدأ يوم الاثنين (بعد غد) في جنيف ربما ينخرط الإيرانيون بجدية مع المجتمع الدولي فيما هو مثار قلق للدول في كل القارات وللمنطقة هنا على وجه الخصوص».

كما قالت كلينتون، التي ستجتمع مع وزيري خارجية اليابان وكوريا الجنوبية في واشنطن بعد غد لمناقشة التوتر المتصاعد مع كوريا الشمالية، إن التهديدين اللذين تمثلهما بيونغ يانغ وطهران يظهران الحاجة إلى التضامن الدولي في مواجهة الانتشار النووي. وأضافت «يساورنا جميعا القلق إزاء هاتين الدولتين.. لكن هذا غير موجه لشعب أي منهما. إنه قلق بشأن القرارات التي يتخذها زعيما هاتين الدولتين والتي تعرض سلام واستقرار منطقتين من العالم للخطر».

وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية أن بلادها لا تعارض رغبة إيران في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، لكنها مضت قائلة إن «ما نعترض عليه هو السعي لامتلاك أسلحة نووية يمكن استخدامها في تهديد وترويع جيرانهما. سيطلق هذا سباقات تسلح في المنطقتين».

ومن جهته، أحجم الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية البحرين، إحدى الدول التي ذكرت عنها وثائق «ويكيليكس» أنها تسعى بقوة لاتخاذ إجراءات صارمة مع إيران، عن مناقشة التفاصيل الواردة في الوثائق التي قال إنها تخص الحكومة الأميركية. لكنه قال إن أي خطوة باتجاه برنامج للتسلح النووي في الشرق الأوسط غير مقبولة.

وأضاف أنه يعتقد أن كل دولة في الشرق الأوسط لها الحق في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية لكن حين يتعلق الأمر بتطوير تلك الطاقة إلى دورة لإنتاج مواد نووية من الدرجة المستخدمة في الأسلحة فلن يكون هذا شيئا مقبولا ولن يمكن التعايش معه في المنطقة.

وحول السلام في الشرق الأوسط، قالت كلينتون: إن واشنطن تواصل العمل بصورة حثيثة من أجل تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عن طريق التفاوض. وأضافت أن واشنطن وحكومة المنامة «تشتركان في هدف التوصل إلى حل على أساس الدولتين ومن أجل سلام شامل في الشرق الأوسط».

كما تستحوذ على اهتمامات مؤتمر حوار المنامة التداعيات الأمنية في اليمن التي تشكل أهمية استراتيجية لأمن شبه الجزيرة العربية وممرات الملاحة الدولية، وتبرز أكبر التحديات من تنامي وجود تنظيم القاعدة هناك.

في حين يبقى الوضع في السودان في ظل انتظار التصويت على الاستفتاء وما يمثله من تزايد المخاطر باندلاع التوتر في أفريقيا، والمخاوف من تقسيم السودان، من بين المواضيع التي سيناقشها المؤتمر. وتبرز إلى جانب ذلك التطورات السياسية في العراق بعد اتفاق الأطراف السياسية هناك على تشكيل حكومة شراكة وطنية، ومن المؤمل أن يسعى الوفد العراقي إلى تأكيد أهمية عودة العراق للاندماج في محيطه العربي.

وإلى جانب وزيرة الخارجية، تشارك في (حوار المنامة) وفود وزارية من دول الخليج والعالم، بينهم وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، كما يشارك في المؤتمر الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى البحريني، وكل من الأمير بندر الفيصل بن عبد العزيز، والأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات السعودي السابق السفير السعودي السابق في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، والأمير نايف بن أحمد بن عبد العزيز مستشار ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز.

كما يشارك في «حوار المنامة» وزراء خارجية قطر والإمارات واليمن والعراق، والكويت، وتركيا، فضلا عن مسؤولين غربيين.

وتشمل قائمة المشاركين في حوار المنامة، جيمس ماتيس، قائد القيادة المركزية الأميركية، والتر نيتن شيك رئيس أركان الدفاع بالولايات المتحدة الأميركية، زلماي رسول وزير الشؤون الخارجية بأفغانستان، كيفين رود وزير الشؤون الخارجية بأستراليا، خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني، بيتر ماكاي وزير الدفاع الوطني الكندي، إدوار جيوليود رئيس أركان الدفاع الفرنسي، وزيرة الدولة لشؤون الدفاع الألماني، رئيس الوزراء وحكومة إقليم كردستان العراق برهم صالح، وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، السكرتير البرلماني لوزير الدفاع الياباني هيروتا هاجيمي، وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، رئيس هيئة الأركان العامة الباكستاني وحيد أرشد، نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع السنغافوري هين تشي هيان، وزير الخارجية السويدي كارل بيلت، وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية الملازم ثاني حمد العام الرميثي، وزير شؤون الدفاع البريطاني ليام فوكس، رئيس أركان الدفاع البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز، وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي.

وكان أندرو باراسيليتي مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالولايات المتحدة الأميركية (الجهة المنظمة للمؤتمر) قد ذكر على موقع المعهد أن مؤتمر الدوحة قد يتبنى مبادرات (تشمل دعوة إيران للانضمام إلى جهود دول مجلس التعاون الخليجي لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية والاستخدام السلمي للطاقة النووية في المنطقة الاقتصادية والبيئية والتعاون البحري في الخليج، ودعما إقليميا للعراق وأفغانستان، ومكافحة الاتجار في المخدرات والأشخاص)، معتبرا أن «حوار المنامة قد يكون الفرصة الأخيرة للدبلوماسية على حساب العقوبات والتهديد باستخدام القوة».

وشدد باراسيليتي على أن «وجود وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، فضلا عن وفود وزارية من دول الخليج والعالم في مؤتمر (حوار المنامة 2010) سيوفر فرصة غير عادية لدول الولايات المتحدة وإيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي لتقديم مبادرات جديدة لأمن الخليج من جدول الأعمال الإقليمي».

وخلال انعقاد الدورة الحالية لـ«حوار المنامة»، أعلن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عن تدشين برنامج جديد يحمل اسم «برنامج الاستراتيجيين الشباب»، وهو برنامج يضم نحو 15 من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 عاما أو أصغر سنا ممن لديهم اهتمامات واعدة في مجالات الأمن بغرض تأسيس جيل جديد من الخبراء في الشرق الأوسط والعالم، بحسب بيان صادر عن المعهد. مضيفا، أنه من المقرر أن يشارك «الاستراتيجيون الشباب» الذين يمثلون الحكومات والمؤسسات العسكرية والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام في مؤتمر «حوار المنامة» للاستفادة من مناقشات السياسة العامة التي يقودها وزراء الدفاع والخارجية ومستشارو الأمن القومي وقادة الجيش والاستخبارات مما يقارب من 30 دولة مشاركة، ومن المؤمل أن يشاركوا أيضا في حلقات العمل وعقد اجتماعات منفصلة مع بعض الوفود الوزارية.