مصر تتبنى استراتيجية «التهدئة والتمسك بالحقوق» وتزيد استثماراتها في دول حوض النيل

القاهرة والخرطوم تخوضان جولة نيروبي بمنهج جديد

TT

قررت مصر اتباع منهج جديد يتسم بالتهدئة وتقديم الحوافز والإغراءات الاستثمارية خلال مشاركتها في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء دول حوض النيل المقرر انعقاده في نيروبي بعد أسابيع.

وقال مصدر مسؤول بوزارة الموارد المائية المصرية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن تعليمات مشددة من الرئيس المصري حسني مبارك وصلت أعضاء الوفد برئاسة محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية المصري الذي يضم ممثلين عن وزارتي الري والخارجية المسافر إلى كينيا. وأشار إلى أن التعليمات تتمثل في الالتزام بالحوار الهادئ في ذات الوقت الذي يتم فيه التمسك بحقوق مصر التي تنص عليها معاهدة حوض النيل وعدم إقامة أي مشروعات تهدد حصتي مصر والسودان من المياه.

وتطرح مصر خلال الاجتماع مبادرة إقامة «مفوضية عليا للاستثمار» تجمع دول حوض النيل العشرة كبديل لمبادرة أخرى روجت لها إثيوبيا، حسبما أفاد المصدر، موضحا أن مصر دأبت في الآونة الأخيرة على زيادة استثماراتها في دول حوض النيل بهدف استيعاب الخلافات الناجمة عن اتفاقية عنتيبي الإطارية لمياه النيل التي عمدت خمس من دول حوض النيل لتوقيعها دون موافقة دول المصب، بالمخالفة للعرف الدولي في هذا المضمار. وأوضح المصدر أن مصر تؤيد حق الدول في إقامة المشروعات المائية، بل وتساعد في هذا الإطار وتوفر الدعم بكافة أشكاله، ولكن بشرط ألا تؤثر هذه المشروعات على حصة مصر من المياه.

ونوه إلى أن الاستثمارات المصرية في إثيوبيا وصلت إلى نحو مليار دولار الشهر الماضي بعد الإعلان عن مشروع مصري ضخم لتصنيع الكابلات الكهربائية هناك، بينما بلغت في أوغندا 600 مليون دولار.

ويعقد هذا الاجتماع المقرر في 25 يناير (كانون الثاني) القادم في إطار من التنسيق المصري السوداني.

وكانت مصر قد قررت المشاركة فيه بعد مباحثات مع الجانب السوداني. وصرح علام أمس أن هذا القرار جاء عقب جلسة المباحثات بينه وبين الدكتور صلاح يوسف وزير الدولة السوداني للموارد المائية والري الموجود حاليا في زيارة للقاهرة على رأس وفد رفيع المستوى.

وأكد الدكتور علام أن الجانبين اتفقا على توحيد الرؤية بين البلدين عند بحث نقاط الخلاف في الاتفاقية التي امتنعت مصر والسودان عن التوقيع عليها، لافتا إلى أنه من المقرر أن يتم مشاركة الدول المانحة والممولة لمشروعات دول حوض النيل في الاجتماع الاستثنائي الذي يعقد في العاصمة الكينية نيروبي.

وعلق الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية المتخصص في شؤون حوض النيل على هذه التطورات بتأكيده أن الاستراتيجية الناجعة في هذا المضمار لا بد أن ترتكز على «مبادلة المياه بالطاقة»، فدول حوض النيل إنما تبغي بهذه التحركات الضغط على مصر للحصول على مزايا، فإثيوبيا تسمى «نافورة أفريقيا» وهي ليست في حاجة إلى المياه بقدر حاجتها لمشروعات البنية الأساسية، وحذر من أزمة عطش ما لم تسع مصر لزيادة مواردها من المياه إلى 75 مليار متر مكعب سنويا عام 2017. وأوضح أن الاستراتيجية المصرية الجديدة تعبر عن انتصار اتجاه التهدئة على اتجاه التصعيد في القرار المصري، وذلك بترجيح الرئيس مبارك لكفة الاتجاه الأول وهو الأمر الذي كان واضحا في معرض رده على تصريحات ميليس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي. ودعا مصر لإحداث دفعة استثمارية قوية جدا للحفاظ على حقوقها التي تقرها القوانين والأعراف طبقا لمبدأ التوارث الدولي للمعاهدات.

وحول التسريبات الأخيرة التي بثها موقع «ويكيليكس» التي زعمت وجود قلق مصري من وصول رموز غريبة عنها لسدة الحكم في جنوب السودان حال انفصاله وتأثير هذا على حصتها من مياه النيل، قال المصدر المسؤول إن العلاقة بين مصر وجنوب السودان طيبة وقد وصلت الاستثمارات هناك إلى نحو 300 مليون دولار أميركي، ومصر تقيم عدة مراكز للتدريب بهدف تأهيل الكوادر لإدارة الموارد المائية وإدارة مشروعات مياه النيل، كما أنشئت مؤخرا 5 مدارس مصرية للتعليم من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية. بل إن مصر ساهمت في إنشاء سد سيوي بمدينة واو بقيمة 100 مليون دولار لتوليد الكهرباء.