دانة وراكان.. يحبان قطر!

منيف الحربي

TT

كنت وحدي أتابع مشهد بلاتر وهو يخرج الورقة من المظروف ببطء ثم يصرخ «كاتار»، ومع تصفيقي الحاد، دخلت علي ابنتي الصغيرة دانة وهي تتساءل ببراءة: بابا فاز المنتخب؟

دانة تدرس في الصف الخامس الابتدائي، وهي لا تحب الرياضة، فالبيئة الدراسية التي تعيشها لا تشجعها على أي نوع منها، حتى أبسط الأشكال كتمارين طابور الصباح.. بل إن (الركض) ممنوع، فالمعلمات يلاحقن من تجري ليعاقبنها بتوقيع تعهد، تحت حجة أنها ربما تقع على وجهها.. وهو حل وقائي مبكر لكنه لا يمنع الفتيات من الوقوع لاحقا (على وجوههن)، ضحايا للسمنة وأمراضها!

دانة تحب الرسم وتجيده، لهذا أردت أن أتخذ من هوايتها مدخلا للرياضة، حيث بدأت شرحا موجزا لسبب فرحتي وتصفيقي.. ومعنى فوز قطر بتنظيم كأس العالم بعد 12 سنة، وأن بإمكانها وزميلاتها أن يرسمن مستقبلهن، كما رسمت قطر إنجازها المبهر.. بعد نصف الساعة كانت دانة تقدم لي لوحة جميلة تبدو فيها وشقيقها الأصغر (راكان) وسط مدرجات عنابية، قائلة إنها تتمنى أن يكونا هناك عام 2022، لأنهما يحبان قطر، حينها تذكرت كلمة حرم أمير قطر أمام تنفيذية «الفيفا» وهي تقول: «إن أكثر من نصف سكان الشرق الأوسط سيكونون تحت سن الـ25 عند إقامة مونديال الدوحة..!».

لاحقا انتشرت رسالة تبين أعمار بعض نجوم كرة القدم عام 2022.. فأيقنت أن قطر قد فتحت عيون الناس على (المستقبل) بصورة أشد وضوحا من أي وقت، لدرجة أنهم أصبحوا يستحضرون ذاك التاريخ بقوة ويفكرون في أوضاعهم، وكيف ستكون أحوالهم.. قطر أيضا فتحت عيون الناس على (الحاضر) فانتشرت المقارنات والتقييم الذاتي والنقد المنطقي، الذي سيكون طريقا لتصحيح الأخطاء وتقليب الملفات!

قطر انتصرت لأهداف كرة القدم على مستوى العالم كمنجز حضاري، وانتصرت لفكر الشباب وطموحهم الذي لا يبحث عن المبررات بقدر بحثه عن قهر المستحيلات..!

الخميس الماضي كتبت هنا بالنص «اليوم يترقب الملايين نتيجة ملف السحاب العنابي الذي يراهن على تحويل السراب لماء، وهو رهان مشروع في الذهنية القطرية التي لا تعرف اليأس، لأنها نجحت بالفعل في تحويل سراب الهجير إلى أنهار من العطاء الإنساني المتدفق للأعلى.. وبالتالي فإن جاءت الرياح بما تشتهيه السفن، فالدوحة بإذن الله هي مرسى 2022، وإن لم يكن فستبقى الدوحة مرسى كل التطلعات المضيئة!».

اليوم، أثق أن دانة وراكان مع ملايين الأطفال والشباب في الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي، يشاركون الكبار مشاعر الامتنان للروح القطرية الخلاقة التي تستحق التهنئة والتقدير.