المعجزة القطرية

مصطفى الآغا

TT

حتما، ما فعلته قطر بنجاحها في استضافة كأس العالم 2022 يعتبر إعجازا رياضيا وسياسيا ومكسبا اقتصاديا ودعائيا، خاصة في ظل التربيطات والفضائح والضرب تحت الأحزمة الذي تمارسه الدول «الكبرى» من أجل أن تسحب البساط من تحت هذه الدولة العربية الخليجية الصغيرة التي أثبتت أن الصغير مساحة وسكانا قادر على أن يقارع أقوى قوة في العالم وهي أميركا وأن يتركها مع مسؤوليها وفي مقدمتهم الرئيسان، الحالي والأسبق، أوباما وكلينتون يضربان أخماسا في أسداس.

أما التربيطات الأنغلوساكسونية بين الإنجليز والأستراليين والأميركيين فلم تشفع لأي منهم فخرج الإنجليز بصوتين وبضعفهما أبناء عمومتهم الأستراليون.

شخصيا، كنت أعتبر نفسي واحدا من أسرة الملف منذ انطلاقته بهمة وحكمة وحماسة رئيسه الشيخ محمد بن حمد ومعه بضعة شبان عملوا ليل نهار وجابوا العالم من أقصاه إلى أقصاه، محاولين إقناع الدنيا بأن بلادهم الصغيرة (الحارة) قادرة على أن تغير وجه العالم باستضافتها لكأس العالم من خلال تكنولوجيا متطورة صديقة للبيئة وملاعب هي الأجمل في العالم وميزتها أنها مكيفة (رغم أن بطولتي 1986 في المكسيك و1994 في أميركا جرتا تحت حرارة خانقة) وأهم ما فعله مسؤولو الملف القطري هو تحويلهم لكل ما كان البعض يهاجم الملف القطري من خلاله إلى ميزة، مثل المساحة الصغيرة وحرارة الجو وجاءت كلمة الشيخة موزة حرم أمير قطر أمام مسؤولي الفيفا حاسمة عندما تساءلت متى ستسنح الفرصة لدول الشرق الأوسط أن تشارك العالم عشقه لكرة القدم ومتى يثق العالم بقدرات أبناء هذه المنطقة التي قدمت للبشرية أبجديتها وعلومها فكان الرد ثقة العالم أجمع بنا.. وعندما نقول بنا فنحن نعتبر أنفسنا جزءا من فريق عمل الملف حتى ولو ساهمنا بكلمة أو بمقالة أو بتقرير عن العمل الجبار الذي بدأت به قطر.

يحق للقطريين أن يفخروا برؤية أميرهم وأنجاله الذين حولوا المستحيل إلى مجرد كلمة.

نعم، كلنا سنستفيد من التجربة القطرية ويجب أن نستفيد منها، خاصة أن قطر سبق واستضافت دورة الألعاب الآسيوية ولن يعرف ماذا يعني تنظيم دورة للألعاب الآسيوية سوى من شارك بها فهناك أكثر من 24 لعبة وللجنسين بمشاركة عمالقة مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والشمالية وماليزيا وإندونيسيا وغيرهم من العرب وغير العرب ونجحت يومها قطر فاستثمرت نجاحها ذاك بنجاح أكبر وأضخم وأوقع، وهنا صرنا متيقنين أن دبي أو أبوظبي تستطيعان تنظيم دورة الألعاب الأولمبية بعدما استضافت المدينتان أكبر الأحداث العالمية من سباقات الفورميولا وان إلى كأس العالم للأندية إلى بطولة العالم للرجبي إلى كأس العالم للشباب والسباحة ويمكن أن يمنح نجاح قطر الدافع والحافز والثقة لبقية الدول العربية بأن تسعى لاستضافة أحداث عالمية أخرى ليكون المواطن العربي في النهاية هو الرابح الأكبر بعد عقود كبيرة من الزمن قضاها متفرجا على الأحداث بدلا من أن يكون صانعها.