الصحافة البريطانية تطالب بمقاطعة الفيفا.. وبمحاكمة مسؤوليه

الشعور بالغبن مستمر لخسارة سباق استضافة مونديال 2018

TT

تشتد الحملة الإنجليزية ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يوما بعد يوم، منذ خسارة إنجلترا سباق استضافة مونديال 2018 لصالح الروس. وعلى اختلاف أنواع وميول هذه الحملة، سواء كانت رياضية أو سياسية أو غيرها، تجمع الصحف البريطانية على أن الملف البريطاني تعرض لإجحاف من قبل أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم، بل واتهم بعضها الاتحاد الدولي بالتزوير. صحيفة «إندبندنت» الإنجليزية دعت أمس إلى مقاطعة الفيفا، وتصورت سيناريو لما يمكن أن يحدث بعد هذا الانسحاب.

يمكن أن تقدم إنجلترا معروفا لبقية دول العالم عبر تنسيق وضع نهاية للفساد والمحسوبي؛ فما الذي سيحدث لو تخلت إنجلترا عن عضويتها في الفيفا؟ وماذا سيحدث لو أخبر اتحاد كرة القدم الإنجليزي (الذي تأسس في عام 1863) الاتحاد الدولي لكرة القدم (الذي تأسس في عام 1903) بأنه لن يعترف بعد الآن بالصلاحيات الجديدة القوية للفيفا، وأنه لن يقر سياساته الفاسدة التي أصبحت واضحة أكثر من أي وقت مضى. وماذا سيحدث لو وقف رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في أشهر وأكبر الملاعب الإنجليزية في ويمبلي، وأعلن قائلا: «لقد أعدنا بطاقة عضويتنا، وألغينا تعاوننا مع الفيفا، وسوف نواصل مسيرتنا بمفردنا؟».

سوف تكون ردة الفعل استثنائية، كما هو الحال بالنسبة للتداعيات. وفورا، سوف يعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يوفا) عن تعليق عضوية الاتحاد الإنجليزي، وأن الأندية الإنجليزية سوف تستبعد من الآن فصاعدا من المشاركة في كل المسابقات الأوروبية. وسوف يطمئن ميشال بلاتيني، رئيس «يوفا» خلال مؤتمر صحافي طارئ جوزيف بلاتر، رئيس الفيفا بأن أندية الرابطة الإنجليزية الممتازة لكرة القدم سوف تجبر الاتحاد الإنجليزي على التراجع عن موقفه.

وسوف يدعي بلاتيني أن «فريقي مانشستر يونايتد وتشيلسي لن يوافقا إطلاقا على هذه الخطوة، والشيء الأكثر أهمية من ذلك أن موقع وقنوات (سكاي سبورتس) الرياضية لن توافق على هذه الخطوة أيضا».

ولكن مجرد التلويح بهذا الأمر يمثل ضربة منسقة، وإذا افترضنا أن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قد اجتمع مع ريكاردو سكودامور، الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، وروبرت موردوخ، مالك قنوات «سكاي سبورتس»، وعائلة غلازر، مالكة نادي مانشستر يونايتد وكل الملاك الآخرين (أجل، ومن بينهم رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي)، وغوردون تايلور من رابطة اللاعبين.

ولنفترض أيضا إن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قد أقنع هذه الجهات بخوض مباراة طويلة والتعرض لخسائر قصيرة الأجل لمواردها المالية وطموحاتها من أجل تحقيق هدف أعظم. ولنفترض لمرة واحدة فقط أن كرة القدم الإنجليزية يمكن أن تشكل جبهة متحدة مع توحيد الجهود والوقوف يدا واحدة في مواجهة الفيفا، فما الذي يمكن أن يفعله الفيفا في هذه الحالة؟

سوف يحاول مسؤولو الفيفا مواصلة عملهم مهما يكن، وسوف يوضح بلاتر ما الذي كان يشعر به الفيفا دائما، وهو أن إنجلترا كانت متعجرفة ووقحة وأنها تسعى دائما لتجاوز حجمها الطبيعي، وسوف يصرح سيب بلاتر غاضبا: «فقط لأنهم اخترعوا اللعبة، فإنهم يعتقدون أنهم يجب أن يديروها. حسنا، يمكن أن تستغني كرة القدم عنهم».

وبعد ذلك، وفي استعراضه الناقد للقوة، سوف يدعو بلاتر، الاتحادات الوطنية التي تتمتع بعضوية الفيفا، البالغ عددها 207 دول، للاجتماع وسوف يخبر هذه الاتحادات بأن توجه تعليمات للاعبيها المحترفين بعدم اللعب في بطولات الدوري الإنجليزية لكرة القدم.

وبالطبع، سوف تنتهي هذه الفوضى المؤسفة في المحاكم، وسوف يحاول بعض اللاعبين المحترفين إلغاء عقودهم، وسوف يرفع البعض الآخر دعاوى تتعلق بـ«القيود التجارية»، ولكن في كل هذه الأثناء، سوف تتعمق الشقوق في واجهة الفيفا. وعلانية سوف تنتقد القوى العظمى الأوروبية الأخرى في كرة القدم الاتحاد الإنجليزي، ولكن سوف تجري محادثات غاضبة خلف الأبواب المغلقة، وسوف يتضح ببطء أن بطولة دوري أبطال أوروبا لا قيمة لها من دون فرق الدوري الإنجليزي.

ولكن فرق الدوري الإنجليزي سوف تشعر أنه ما زال بإمكانها الاحتفاظ بقيمتها من دون بطولة دوري أبطال أوروبا، ومن الناحية الاقتصادية، فإن عجلة المال ستتوقف، ولكن من الناحية العاطفية، فإن مثل هذه الخطوة ستعود بالتأكيد بفائدة، وسوف يشعر المشجعون بسعادة لاكتشافهم أن كرة القدم تمتلك روحا خاصة بالفعل، وسوف ترتفع معدلات حضور المشجعين لمشاهدة مباريات الدوري الإنجليزي. وسوف تظهر أشياء قليلة الفارق، وسوف يتم الترحيب باستخدام تقنية الفيديو - التي سوف يصبح الاتحاد الإنجليزي الآن حرا في تطبيقها - بسعادة بالغة، وسوف يتمكن الناس من ملاحظة كل خفايا اللعبة عبر القنوات، ولن يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن ينعقد الاجتماع العام الاستثنائي للـ«يوفا» في مدريد أو برشلونة أو ميلانو أو تورينو أو ميونيخ أو باريس أو إسطنبول... إلخ. وسوف تمثل هذه الخطوة المرحلة الأخيرة في الأزمة.

وسوف تمرر اتحادات الدول الأعضاء في الـ(يوفا) البالغ عددها 53 اتحادا تصويتا بسحب الثقة في الجمعية التنفيذية للـ«يوفا»، وسوف يتم توجيه الدعوة إلى إنجلترا للانضمام من جديد إلى اليوفا، وسوف يقبل الاتحاد الإنجليزي هذه الدعوة بلطف وامتنان، وسوف يثير هذا القرار مسؤولي اللجنة التنفيذية لـ«فيفا» في زيوريخ. وسوف يشعر «فيفا» بالقلق، ولن يكون هناك أي مكان للهرب. وخلال ساعات، سوف يتقدم بلاتر باستقالته، وخلال أسابيع قليلة إضافية، سوف يسيطر الـ«يوفا» على الأمور، وسوف يمضي من أجل فضح فساد الـ«فيفا» علانية، وسوف يشعر العامة بالدهشة إزاء هذا الفساد. وسوف تظهر كل الأسرار - مثل الرشاوى والمؤامرات والتهديدات.

وسوف يتم حل الجهاز كما ينبغي، وبعدها سوف يتم إعادة بنائه مع رؤية بعض كبار المسؤولين في الفيفا، مثل جاك وارنر، لقواعد صلاحياتهم المضحكة وهي تنقسم ثم تضعف، وسوف يفرض الفيفا سيطرته على اللجنة الأوليمبية الدولية ويزيد عدد الأعضاء في لجنتها التنفيذية ليضيف أعضاء جددا إلى العدد السخيف البالغ 24 عضوا، وكلما كبر عدد الأصوات، أصبحت إمكانية إصلاحها أكثر سهولة، وسوف يتم مساءلة كل شخص في الفيفا والتحقيق في كل شيء عن الفيفا فجأة.

ولكن ماذا عن كأس العالم؟ سوف يتم إضفاء ثورة على بطولة نهائيات كأس العالم بالطبع لكونها البطولة الكبرى الأساسية الوحيدة التي ينظمها الفيفا.

وقد تبدأ عملية الترشح لاستضافة نهائيات بطولة كأس العالم من جديد، ولكنها سوف تجري هذه المرة بشكل شفاف ونزيه، وسوف يسمح للمرشحين باعتماد ميزانية ترشح تصل قيمتها إلى مليون جنيه إسترليني فقط، وسوف تشتمل هذه الميزانية على تكاليف دفع قيمة الزيارات الفنية للـ«فيفا». ولن تكون هناك مطاعم فاخرة أو مناسبات لتبادل الحديث أو علاقات صداقة تقوم بين المستضيفين المحتملين والدول المصوتة، وبالإضافة إلى ذلك، لن يطلب الفيفا من الحكومات تقديم ضمانات خاصة من أجل تقليل ضرائبها، ولكنه سوف يطالب بدلا من ذلك بالحصول على ضمانات تؤكد أن الأرباح سوف يتم استثمارها وضخها في الرياضة مرة أخرى.

قد يبدو هذه كله مثل خيال واهم لبعض الشبان، ولكنه أمر وارد جدا بشكل بارز. وكل ما يحتاجه هو الحصول على موافقة مؤسسات بقوة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة أندية الدوري الإنجليزي لاتخاذ هذا الموقف.

ولكن لماذا تتخذ رابطة الدوري الإنجليزي هذا الموقف على الرغم من تحقيقها لأرباح وسير عملها بشكل ناجح تماما؟ وما الذي سوف يجنيه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم من هذا الموقف؟ حسنا، على الأقل، سوف تحصل إنجلترا في ظل الأوضاع الجديدة على فرصة لاستضافة كأس العالم، وإذا فعلت ذلك، فسوف تصبح علامات مثل الدوري الإنجليزي والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أكثر قوة بشكل لا يمكن قياسه.