من يختبر جودة تنفيذ الطرق؟

سعود الأحمد

TT

هناك على ما يبدو ظاهرة عالمية تتمثل في غياب معايير جودة الطرق، أو ربما تجاهل معايير الجودة فيها!.. فنحن نسير بسياراتنا في الشوارع الفرعية، وفي أحزمة المدن والطرق السريعة بين المدن والبلدات، ونلاحظ تفاوتا في مستوى الجودة. وهذا التفاوت مشاهد بين دولة ودول، وبين مدينة ومدينة داخل الدولة الواحدة.. وأحيانا كثيرة نجد التفاوت بين شارع وشارع داخل المدينة الواحدة.. ونرى بأم أعيننا مشاريع كتعديلات وتحسينات تتم على بعض الطرق بعد مدد طويلة من تشييدها، وبعضها لم تمض على تشييده مدد طويلة.. مما يؤكد أن هناك أخطاء وهفوات حصلت وتحصل في تنفيذ الطرق السريعة والشوارع داخل المدن. ولا أدري هل هذه الظاهرة نتيجة نقص في تأهيل تصميم الطرق أو نقص في وضع شروط التعاقد مع المقاولين.. أم لعل العلة في الفساد الإداري.. والله أعلم! ويؤكد ذلك ما نشاهده في طرق العاصمة السعودية الرياض (على سبيل المثال)، وما يلاحظ من تجمع مياه السيول وسط وعلى جوانب (الكثير من) الطرق السريعة، مثل طريق صلبوخ، مع أنه يعتبر حديث الإنشاء!.. ومن جانب آخر، فإن المرء يسأل وبكل استغراب: كيف يحصل هذا النقص الواضح في عدد المخارج ومنافذ العودة للاتجاه المعاكس ببعض الطرق السريعة في السعودية وغيرها؟.. مما يدلل على أنه ليست هناك مسافة محددة (لكي تتبع) بين المخرج والآخر. مع أن طرق المملكة معظمها يفترض أنها حديثة ومصممة بالاستفادة من تجارب الآخرين وطبقا لأرقى المواصفات!.. لكن المفارقة أن طريق الرياض – القصيم، القريب الموازي لطريق صلبوخ (الذي سبق أن تحدثت عنه) لا تتجمع به مياه السيول! بل إن هناك أفكارا يقدمها بعض المنظرين لبدائل للطرق التي تقام لتتسلق على قمم الجبال الوعرة لتصل مدينة بأخرى، مثل الطريق الذي يصل مكة المكرمة بالهدا، المعروف بطريق «الكر» أو «كرا».. لكن هذه الأفكار (للأسف) لا يلقى لها بال!.. فهذا الطريق - منذ بدأت الدولة السعودية تنفيذ مشاريع الطرق - يستحوذ على أولى الأولويات وأكبر أرقام الاعتمادات، تأكيدا على حرص الحكومات السعودية على البذل خدمة لحجاج البيت ولتوفير الراحة لهم. لكن هناك آراء تبدو منطقية تقترح أن تتركز مشاريع تطوير هذا الطريق (منذ البداية) في استهداف شق نفق في جبل الكر، وذلك عند أقصر نقطة فيه، لوصل الطائف بمكة عن طريق هذا النفق، وهذه فكرة ربما تكون أوفر وأجدر من طلوع جبل الكر للهدا ثم النزول منه إلى مكة! ولا تسأل عن توفير اللوحات الإرشادية على مستوى العالم.. وعن علاقتها بجودة الطرق داخل وخارج المدن والبلدات.. فأكثر ما يزعجنا كمسافرين هو ذلك النقص في اللوحات الإرشادية، وكأن مصمم الطريق يوفر هذه اللوحات الإرشادية لنفسه فقط، لا لمن يجهل المنطقة ويريد التعرف على الطريق وما يؤدي إليه! وبالمناسبة، فإن الفرق في مستوى التنفيذ في الدول الصناعية مقارنة بالدول الخليجية، أن تنفيذ مشاريع الخدمات، ومنها الطرق هناك، يتم بناء على حاجة ومطالبة الأهالي، على أنه حق لهم.. كونهم دافعي ضرائب ومواطنين من حقهم أن يحصلوا على خدمات النقل بطرق معبدة. ومن وراء المواطن سلطة رابعة متمثلة في وسائل الإعلام المختلفة، لها دور مؤثر وفاعل في قرارات المجالس البلدية، في حين دور وسائل الإعلام في دول الخليج مندثر (وليس مؤثرا).. فالمسؤول إن تكرم أخذ به (أو بشيء منه)، وإن شاء تجاهله جملة وتفصيلا!

* كاتب ومحلل مالي