الأمير تركي الفيصل في حوار المنامة: بنك الوقود النووي هو المخرج للأزمة

ندد بتسريبات «ويكيليكس» ودعا الأميركيين لضمان أمن المعلومات ومعاقبة المسربين

الأمير تركي الفيصل يتحدث في الجلسة الأخيرة لمؤتمر «حوار المنامة 2010» والتي خصصت للحديث عن طبيعة المخاطر الأمنية أمس في العاصمة البحرينية (أ.ب)
TT

أكد الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق، أهمية المضي قدما في إنشاء بنك للوقود النووي، وهو المشروع الذي أعاد إطلاقه وزير الخارجية البحرينية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وذلك كمخرج للأزمة النووية بين إيران والمجتمع الدولي.

وقال الأمير تركي إن لقاء على الغداء جمعه بوزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، الذي أعرب عن دعمه لهذه الفكرة، ما دام البنك سيفتح فرعا له في إيران. وقال الأمير تركي: «قلت للوزير متقي: لو تم تأسيس فرع لهذا البنك في إيران، فهل ستسمحون لنا بالاقتراض منه؟ فأجاب متقي: بل سوف نمنحكم أسهما في هذا البنك».

وأضاف الأمير تركي أن أحدا في دول الخليج لا يريد أن تصل الأمور بين الولايات المتحدة وإيران إلى مستوى الصراع المسلح، سواء في أن تقوم الولايات المتحدة أو إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية، مضيفا أن الإيرانيين أنفسهم لديهم مثل هذه المخاوف أيضا. وأضاف: «يتعين على إيران أن تبذل مزيدا من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية لتبديد المخاوف بشأن برنامجها».

كان الأمير تركي يتحدث في الجلسة الأخيرة لمؤتمر (حوار المنامة 2010) التي خصصت للحديث عن طبيعة المخاطر الأمنية، وجمعته بوزير الخارجية السويدي كارل بيلدت.

وفي كلمته، ندد الأمير تركي بالتسريبات التي نشرها موقع «ويكيليكس»، داعيا المسؤولين الأميركيين إلى بذل مزيد من الجهود لضمان المراسلات والمعلومات الدبلوماسية.

وقال: «إن نشر هذه الوثائق يعرض أطرافها للخطر». وقال: «إننا نتحدث عن الأمن العسكري، والأمن الاقتصادي والثقافي، ولكن علينا أن نناقش كذلك الأمن الإلكتروني»، مضيفا أن «على أميركا توخي الحذر الشديد وأن تحافظ على مصداقيتها، كما أن علينا ألا نواجه حدثا مشابها في المستقبل». ودعا لمعاقبة المتسببين في هذه التسريبات.

كان الأمير قد قلل، في اليوم الأول من مؤتمر حوار المنامة، من أهمية هذه التسريبات، قائلا: «إن الوثائق المنشورة تمثل النزر اليسير من الوثائق التي تم تسريبها، وهناك ملايين الوثائق التي لم تنشر»، مضيفا أن هذه التسريبات تشتمل على «انتقائية، وخالية من التسلسل التاريخي».

كان الأمير تركي قد ذكر أن «ما كشف عنه موقع (ويكيليكس) مجرد تسريبات لا بيانات رسمية، لا تؤثر في صنع القرار أو صنع السياسة أو التفكير الاستراتيجي في المنطقة»، مضيفا أن «الصورة الكاملة لن تتضح إلا عند الكشف عن جميع الوثائق».

وهذه أول مرة يندد فيها مسؤول خليجي بهذه التسريبات.

وخلال المناقشات التي أعقبت الجلسة، أكد الأمير تركي أن دول الخليج حققت نجاحا في مجال الاستقرار السياسي؛ لأنها تمتلك أنظمة سياسية منسجمة مع النسيج الاجتماعي، مضيفا أن هذه البلدان «حققت تنمية ثورية عوضا عن ترديد الكلمات الرنانة حول التنمية».

وقال: إن الحكومات السعودية المتعاقبة منذ توحيد المملكة في 1932 اختارت التعليم هدفا رئيسيا لها، مضيفا: هناك اهتمام بقضايا مثل حقوق الإنسان وحرية الصحافة. وأضاف: ما زلنا نعمل على تحقيق التقدم، وقراءة تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية الأول، وتقريرها الأخير يظهر أن هناك نجاحات متميزة.

في السياق ذاته، قال الأمير: ما زلنا في هذه المنطقة نواجه مشكلات تتعلق بالطائفية، وحقوق الإنسان، وهناك محاولات للتغلب على هذه المشكلات، منوها بمبادرة حوار الأديان التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقال: إن هذه المبادرة مهمة؛ لأنها انطلقت من السعودية، مضيفا: أنتم تعلمون حجم الاختلافات في هذه المنطقة بين الطوائف والأعراق التي تصل أحيانا إلى درجة القتل.

وقال: «هناك أمور مثل حقوق المرأة، وحرية الصحافة، نحن نعمل على تطويرها»، مضيفا: لا معنى لأي ضغط في هذا الاتجاه.

وتحدث الأمير تركي عن الوجود العسكري الغربي، خاصة الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج، وقال: إن هناك اختلافا في تقييم هذا الوجود؛ حيث أدى التدخل العسكري الأميركي في العراق إلى تغيير الحكم، ولكنه تسبب كذلك في مزيد من الضرر على العراقيين.

وأضاف أن «القوات الأميركية جاءت لمنطقة الخليج بناء على اتفاقيات دفاع مشترك» بين الولايات المتحدة ودول الخليج.

وقال: «إن دول الخليج أعربت باستمرار عن دعوتها لبقاء المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتمثل هذه القضية مصدر قلق دائما، ولن يكون مفاجئا أن تستحوذ هذه القضية على اهتمام قمة الخليج المقبلة» المقرر انعقادها في أبوظبي يومي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وتحدث الأمير تركي عما يمكن للولايات المتحدة أن تمارسه من ضغوط لدفع الإسرائيليين للعودة إلى مفاوضات السلام، وقال: إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يمتلكان الكثير من أوراق الضغط، معددا المبادرات الأميركية في هذا السياق، من بينها: منع إسرائيل من استخدام الأسلحة الأميركية في غزو لبنان في بداية الثمانينات، وقيام الإدارة الأميركية بتجميد الضمانات المالية من أجل وقف الاستيطان.

من جانبه، تحدث وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت عن فكرة تطوير مفهوم أمني أوسع، في منطقة الشرق الأوسط، لا يستثني إيران وإسرائيل، وقال: «يجب أن يكون هناك نظام أمني يسمح بمشاركة إيران وإسرائيل، وإدماجهما في الحياة الاقتصادية وفي المشاريع التي تحقق الرفاهية والاستفادة من مصادر الطاقة، والحالية منها، وتطوير الاستفادة السلمية للوقود الأحفوري، وهذا مهم لمسار التنمية الاقتصادية».

وقال: إن هذه المنطقة (الخليج) تشهد تدفقات (للمخاطر) الأمنية ذات علاقة بأمن الطاقة والقرصنة في البحر الهندي، مضيفا أن منطقة الشرق الأوسط التي تذخر بالفرص، تواجه كذلك التحديات الاقتصادية والتنموية وتوفير فرص العمل لآلاف الشباب.

وتحدث الوزير السويدي عن رؤيته للأمن، وقال: إن التحديات اليوم في أوروبا «انتقلت من عصر النزاعات بين الآيديولوجيات لعصر الصراع بين الهويات المختلفة». ودعا للمحافظة على الأقليات الدينية التي تعيش في أوروبا والشرق الأوسط، وتحدث عن «الأقليات المسيحية التي تترك بلدانها بسبب الصراعات في بلدان مثل العراق»، مضيفا: «نحن اليوم نكافح من أجل التنوع في مجتمعاتنا ومجتمعاتكم».