إيران تستبق اجتماع جنيف بإعلان إنتاج الكعكة الصفراء محليا

جليلي وأشتون يقودان فريقي التفاوض.. ولا توقعات بنتائج فورية حول الملف النووي

رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي خلال اعلانه عن انتاج «الكعكة الصفراء» لليورانيوم المخصب في مراكز ابحاث ايرانية أمس (رويترز)
TT

تستضيف مدينة جنيف السويسرية، صباح اليوم وربما حتى الغد، جلسات اجتماع مغلق ومهم، يضم إيران من جانب، ومجموعة دول «3 زائد 3»، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين من جانب آخر.

واستبقت إيران أول جلسة مباحثات بينها وبين القوى الست الغربية حول ملفها النووي في جنيف اليوم منذ نحو سنة، بإعلان أنها ستستخدم مركزات يورانيوم مصنعة محليا في محطة مهمة ضمن برنامجها النووي لأول مرة أمس.

وقال علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، إن خبراء إيرانيين سيستخدمون مسحوق مركزات اليورانيوم (أو ما يعرف بالكعكة الصفراء) المنتج في البلاد في محطة أصفهان، أمس.

وفي السابق، استخدمت إيران مخزونا من الكعكة الصفراء كانت قد اشترته من جنوب أفريقيا في السبعينات. لكن بعض المحللين في الغرب ذكروا أن مخزون إيران من المادة ربما أوشك على النفاد.

وأضاف في مؤتمر صحافي أذاعه التلفزيون الرسمي أنه تم تسليم أول كمية من الكعكة الصفراء من مدينة بندر عباس لموقع أصفهان النووي. وبالطبع تجري العملية بكاملها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وينتج اليورانيوم، الذي يستخدم في المفاعلات النووية أو في إنتاج الأسلحة، باستخدام أجهزة طرد مركزي مزودة بغاز سادس فلوريد اليورانيوم تدور بسرعة فائقة. ويستخلص سادس فلوريد اليورانيوم من مركزات اليورانيوم (الكعكة الصفراء) التي تنتح بدورها من اليورانيوم الخام.

ويمكن استخدام اليورانيوم المخصب في محطات الكهرباء، ويمكن تخصيبه لدرجة أعلى ليستخدم كمادة لتصنيع قنابل.

وفي ما يتعلق باجتماعات جنيف، أعلنت طهران أن وفدها سيكون بقيادة سعيد جليلي، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، وأعلنت المجموعة الأخرى أن وفدها سيكون برئاسة كاثرين أشتون، الممثل السامي لشؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي.

وبينما اتفق الطرفان في تصريحاتهما على الترحيب بالاجتماع باعتباره بادرة جيدة للعودة لمائدة التفاوض كأساس لمزيد من التواصل، مركزين على ضرورة أن يأتي الطرف الآخر بروح إيجابية تساعد على مواصلة تفاوض صريح وبناء، فإنهما اختلفا وبوضوح بين عند الإشارة لأولويات أجندة الاجتماع المحورية.

فمن جانبه، ركز سعيد جليلي في بيان رسمي على أهمية أن يغير مفاوضوه من نهجهم السابق الذي وصفه بالمعوج والاستراتيجية الخطأ ذات المواقف المزدوجة، مؤكدا ترحيب بلاده بالتفاوض في مجالات أرحب ليس من بينها على الإطلاق الحق الإيراني النووي أو الحقوق الإيرانية النووية، مشددا على ضرورة ألا يكون الاجتماع لإملاء وفرض الآراء.

ومن جانبها، بادرت الولايات المتحدة بالتأكيد على أن الأولوية ستكون لقضية النشاط النووي الإيراني لإشراك إيران في منهج لبناء الثقة على مراحل، وللتأكيد على أن إيران لا تسعى لإنتاج سلاح نووي.

هذه الاختلافات البينة حول أجندة الاجتماع تأتي رغم تأكيد طرفيه على كونه فرصة يجب انتهازها لمواصلة الحوار تزيد من قلق المراقبين ممن يأملون على الأقل ألا ينفض الاجتماع من جلسته الافتتاحية وأن تستمر الاجتماعات طيلة اليومين المعلنين، إذ إن استمرار الجلسات يعني نجاح الطرفين في تجاوز الجمود وتذويب شيء من الجليد المتراكم بينهما، وتمهيد الطريق للانخراط في مزيد من الحوار لحلحلة نقاط الخلاف المتجذر العميق على مراحل تقود إحداها للأخرى.

وبالطبع فإن الأنظار التي تتابع مهمة التفاوض الشاقة هذه تتركز على قيادة كل من طرفي التفاوض، وهما السيدة أشتون والدكتور سعيد جليلي.. فماذا عنهما؟

عند الإعلان عن اختيارها لتولي منصب الممثل السامي للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية، في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، صدرت عن السيدة كاثرين أشتون شهقة تدل على دهشتها وعدم تصديقها لما حدث، لكنها سريعا ما تداركت ذلك معبرة عن غبطتها بالمنصب الرفيع، مؤكدة عزمها على القيام بكل ما هو ممكن لخدمة المصالح الأوروبية دبلوماسيا، مؤكدة أنها ستثبت أنها الأنسب للمنصب، متمنية أن تساعدها مميزاتها على ذلك.

ولدت السيدة أشتون في 20 مارس (آذار) 1956 بمدينة لانكشير، لأسرة عمالية تعمل بمناجم الفحم. وتعتبر هي الأولى من أفراد أسرتها التي تلقت تعليما جامعيا.

تنقلت السيدة أشتون في أكثر من وظيفة، غير ذات صيت، كما كانت عضوا في ثلاث حكومات عمالية، وقادت مجلس اللوردات، مما منحها فرصة المساهمة في اتفاقية لشبونة، ومن ثم تولت منصب المفوض الأوروبي للتجارة 2008.

في يومنا هذا تعتبر الليدي أشتون (أو كاثي كما تحب أن ينادونها) ثالثة ثلاث نساء يتبوأن أرفع المناصب، مع رفيقتيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

تقود السيدة أشتون دبلوماسيا أكثر من نصف مليار مواطن أوروبي، وهي أول من يقوم بهذا المنصب. ومعلوم أن الاتهامات قد لاحقتها بالافتقار للخبرة العملية في مجال العلاقات الدولية، بل قال البعض إنها مُنحت هذه الوظيفة فقط كمحاولة لتعويض المملكة المتحدة عن خسارتها في قبول تعيين رئيس وزرائها الأسبق، توني بلير، كرئيس للاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أن أشتون لا تتحدث بطلاقة غير الإنجليزية مع شيء من الفرنسية. ولم تغفل صحف أن تذكر أن برقية مستعجلة كانت قد وردت من العاصمة الفرنسية تستفسر عندما اشتد التفاوض بصدد تعيين السيدة أشتون إن كانت تتحدث لغة «موليير» أم لا. ويقال إن باريس قد سكتت عن معارضة اختيارها عندما ذُكر أنها تتحدث الفرنسية وإن لم يكن بطلاقة.

يصغر سعيد جليلي السيدة أشتون بنحو عقد من الزمان، إلا أنه، ومن دون شك، أكثر خبرة منها في مجالات التفاوض والحوار بشأن قضايا الملف النووي الإيراني. وقد خاض قبل عام، وفي مدينة جنيف، تجربة الحوار مع مجموعة «5 زائد واحد»، أو «3 زائد 3» كما أصبحوا يرقمونها هذه المرة.

ولد سعيد جليلي بمدينة مشهد الإيرانية في السادس من سبتمبر (أيلول) 1965، وتخرج في جامعة العلوم الصناعية في طهران قسم العلوم السياسية. يتحدث الفارسية والإنجليزية والعربية، ويحمل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية. عمل كمحاضر ثم في عدد من الوظائف الحكومية.

شارك في الحرب الإيرانية العراقية، وأصيب بجرح في ساقه خلف له عرجا مستديما. وفي هذه الحرب كان معه زميله الجامعي وصديقه أحمدي نجاد.