بث «ويكيليكس» مزيدا من الوثائق بشأن ليبيا يثير حفيظة مواطنيها

واشنطن تسعى لاحتواء التوتر مع طرابلس.. وكلينتون تتصل بكوسا

TT

في محاولة لاحتواء قلق السلطات الليبية حيال استمرار تسريبات وثائق وزارة الخارجية الأميركية عبر موقع «ويكيليكس»، سعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون إلى طمأنة نظيرها الليبي موسى كوسا، عبر اتصال هاتفي أعلنت خلاله أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مصممة على تعزيز علاقاتها مع طرابلس.

وأدى نشر وترجمة مزيد من وثائق «ويكيليكس» بشأن طرابلس الغرب إلى إثارة حفيظة الليبيين، بعد أيام معدودة من إشادة العقيد معمر القذافي بموقع «ويكيليكس» وما يتيحه من معلومات لشعوب العالم، حيث خرجت صحف ليبية محسوبة على النظام أمس لتنتقد الموقع وتهاجمه، قائلة إنه يستهدف ممارسة الضغط والابتزاز على الدول وتشويه الأشخاص.

ومنذ بضعة أيام، وتحديدا مساء الجمعة الماضي، أشاد القذافي بموقع «ويكيليكس»، وذلك أثناء حديث له مع طلبة كلية لندن للاقتصاد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قائلا: «أنا مع الحرية، وضد حجب الأفكار. والموقع (ويكيليكس) مفيد في كشف المناورات والأكاذيب وما يجري خلف الكواليس ضد الشعوب، وفضح النفاق العالمي والضحك فوق الطاولة بينما الأيادي تلدغ وتلسع تحتها». وفي الحديث ذاته، أكد القذافي ترحيبه واستعداده لمناقشة أي وثائق تضم معلومات حول الشأن الليبي، وقال: «لا علم لي إن كان الموقع نشر أي وثائق عن ليبيا، ولكن إن سمعتم أو قرأتم شيئا حول ليبيا في الوثائق فأنا مستعد للحديث معكم حولها».

لكن يبدو أن هذا الموقف بدأ في التغير التدريجي إلى النقيض؛ إذ خرجت صحيفة «الجماهيرية»، وهي إحدى الصحف الليبية الرئيسية أمس قائلة إن «ويكيليكس» يمارس الابتزاز ضد الدول ويهدف إلى تشويه الأشخاص، وهاجم رئيس تحرير الصحيفة، في مقال تحليلي، موقع «ويكيليكس»، وقال إن الموقع نشر وثائق عن أمور وتجاهل أمورا ووقائع أخرى، في كثير من القضايا، خاصة تلك التي تناولت قضايا العالم العربي.

يذكر أن خطاب القذافي، الذي أشاد فيه بالموقع، تزامن مع بدء التفات وسائل الإعلام لوثائق «ويكيليكس» المتعلقة بالشأن الليبي، ومنها برقيات رسمية تشير إلى بوادر كارثة نووية عام 2009 على خلفية تأجيل القذافي لإعادة مواد نووية مشعة من مفاعل تاجوراء الليبي إلى روسيا، وتقرير آخر عن تقييم وتحليل لشخصية القذافي، أعدته السفارة الأميركية بطرابلس الغرب، واحتوى على تعليقات جارحة.

ويعتبر اتصال أمس بين كلينتون وكوسا أول اتصال من نوعه على هذا المستوى الرسمي بين كبار المسؤولين الليبيين والأميركيين، بعد نشر كثير من وثائق «ويكيليكس» في ما يخص ليبيا. وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن طرابلس أكدت مؤخرا في رسالة إلى الإدارة الأميركية أن استمرار هذه التسريبات من شأنه الإضرار بالعلاقات الثنائية بين الطرفين.

وكمقدمة لاحتمال تغييره، أبلغت كلينتون نظيرها الليبي بأنها بصدد استدعاء جين كريتز، السفير الأميركي في طرابلس للتشاور حول كيفية سبل تعزيز تلك العلاقات. وراجت مؤخرا تكهنات قوية بشأن وجود خطط أولية لدى الإدارة الأميركية لعزل موظفين من سفاراتها في غضون الأشهر المقبلة، من بينهم سفيرها لدى ليبيا، في أعقاب ما تصفه واشنطن بـ«كارثة ويكيليكس».

وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ على العلاقات الليبية - الأميركية بعد ثلاثة عقود من القطيعة، فإن طرابلس غير راضية تماما على الانفتاح الأميركي تجاهها، ولا تزال تطالب واشنطن ببذل مزيد من الخطوات الانفتاحية.

من جانب آخر، وفي ما بدا أنه بمثابة انتكاسة جديدة للتيار الإصلاحي في ليبيا، أعلنت وكالة «ليبيا برس»، المحسوبة على سيف الإسلام نجل العقيد القذافي، عن إغلاق مكتبها في طرابلس، وإبلاغ مراسليها في ليبيا بعدم قدرتها على توفير الحماية لهم، بسبب ما وصفته بالتضييقات الأمنية المتصاعدة التي يتعرضون لها.

وأوضحت الوكالة، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن قرارها المفاجئ جاء بعد إبلاغ الجهات الأمنية مسؤولي شركة «الغد للخدمات الإعلامية»، التي تدير الوكالة، بعدم رغبتهم في أي وجود لها داخل ليبيا، رغم صدور أوامر من العقيد القذافي بإطلاق سراح الصحافيين وفتح تحقيق في أسباب الاعتقالات التي أدت إلى سجن 22 صحافيا الشهر الماضي.

وقال مسؤولون في الوكالة إنهم قرروا مغادرة ليبيا نهائيا للعمل في عدد من العواصم الأوروبية، كما طلبوا من موظفي ومراسلي الوكالة الذين تم اعتقالهم الالتزام بأوامر رجال الأمن «بعدم العودة للعمل»، حتى لا يعرضوا حياتهم للخطر.