زمن ماجد والسلوكيات الآن

محمود تراوري

TT

مضى زمن طويل منذ تقدم ماجد عبد الله من حكم مباراة فريقه النصر أمام أحد في المدينة المنورة عام 1982 ليعترف له بأن الكرة التي احتسبها هدفا له، غير قانونية لأنها دخلت من خارج الملعب، أو هكذا كان.

الأكاديمي والكاتب المصري أيمن بكر أعادنا في جريدة «الوطن» للذاكرة، عبر مقالة تفكيكية مارست «النقد الثقافي» الحقيقي لا الدعي، واصفا تصرف ماجد وأمثاله بأنه «شديد الندرة في ملاعب كرة القدم»، مستشهدا بمدافع فريق نيوزيلندي أعاد الكرة، بكامل إرادته، لمهاجم الفريق الخصم ليحرز المهاجم هدفا سهلا، والسبب في هذا التصرف المستغرب من معظم المعلقين هو أن المدافع كان قد منع الكرة من دخول المرمى باستخدام يده، متوقعا أن يقوم الحكم بطرده واحتساب ضربة جزاء، لكن الحكم لم ينتبه للعبة فما كان من اللاعب إلا أن قرر تصحيح الخطأ بطريقته، فأعاد الكرة للمهاجم ببساطة. بكر يرى أن الإعلام الرياضي لا يتوقف طويلا أمام الحالات السابقة وما يشبهها، بل لقد طالت اللاعب النيوزيلندي بعض التلميحات الساخرة، لافتا إلى أنه على الرغم من القيمة الأخلاقية الرفيعة التي تؤكدها مثل تصرفات ماجد أو اللاعب النيوزيلندي، فإن الشائع في ملاعب كرة القدم العالمية هو التحايل المسكوت عنه في معظم الأحوال، بما أكسبه صبغة شرعية وإن كانت ضمنية.

ويذكر بكر أن «الحالة الأخلاقية المتدنية لممارسي لعبة كرة القدم داخل الملعب تطرح إشكالية متعددة الأبعاد؛ خاصة في الثقافة العربية»، متأملا عند تحول أطراف لعبة كرة القدم - من لاعبين ومدربين وحكام ومحللين - إلى من لا صناعة لهم سوى الكلام المكرر عن تفاصيل أصبحت العامة تعرفها بصورة دقيقة - تحول هؤلاء جميعا إلى نجوم مجتمع، وخاصة اللاعبين الذين يلتبس الكثير منهم بصورة القدوة.

أما النقطة الأكثر أهمية التي تطرحها رؤية بكر، فهي حالة الانفصام ما بين الديني كخطاب، وما بين الممارسة على أرض الواقع كسلوك.

فلاعب النادي الأهلي المصري حين سجل هدفا في مرمى الترجي التونسي في البطولة الأفريقية، سجد لله شاكرا رغم عدم شرعية الهدف!.

وهذا ما يعيدنا، لما يدل على شكلانية الفعل الديني وخوائه لدى هؤلاء اللاعبين، ما يشير إلى خواء الممارسة الدينية في المجتمع كله. والسؤال الذي حير بكر هو: ما الذي كان يهمس به اللاعب في سجوده؟

حيرة بكر لم تمنعه ولن تمنعنا من الجهر بأننا بحاجة لحملة منظمة حول سلوك لاعبي الكرة أو على نجوميتهم التي تجعلهم ملء السمع والبصر في أجهزة الإعلام، ما يجعلهم يلتبسون مع موقع القدوة والمثل الأعلى وهم أبعد ما يكونون عن هذه المكانة طبقا لتعبير بكر.