مدارس سعودية تواجه «صداع» المعاطف الشتوية.. بالخطابات الاستباقية

جامعات تعتبرها «مخالفة».. ومسؤولة تبرر: لا نريد أن تصبح الكلية مجالا لعرض الأزياء

محاضر ضبط في مدارس البنات للحد من ظاهرة المعاطف الشتوية الصاخبة و«توبيخ» مرتدياتها («الشرق الأوسط»)
TT

مع التراجع التدريجي في درجات الحرارة، وجهت مدارس سعودية التحذيرات المسبقة للأهالي من حظر ارتداء الطالبات للمعاطف الملونة والكنزات الصوفية اللافتة، عبر خطابات بعثتها بعض إدارات مدارس البنات لأولياء الأمور، تفيد بأن «ارتداء المعاطف الملونة والصاخبة غير مسموح به»، مع التشديد على كونها «مخالفة» تستوجب لفت نظر الطالبة أمام زميلاتها، وذلك للحد من هذا «الصداع» المدرسي المتكرر سنويا في فصل الشتاء.

وتفيد وكيلة إحدى المدارس الحكومية في الدمام لـ«الشرق الأوسط» بأن «تذكير الأهالي والطالبات بهذا الإجراء الغرض منه الحفاظ على الانضباط والنظام»، مضيفة: «في ذلك مراعاة لنفسية الطالبات اللاتي لا يستطعن مجاراة زميلاتهن في شراء الأزياء اللافتة، واحتراما للأنظمة والقوانين»، بينما أشارت إلى أن «التوبيخ أمام الطالبات» هو الحل الذي تلجأ إليه معظم المدارس للحد من هذه الظاهرة.

يأتي ذلك في حين تجد كثير من الطالبات في الشتاء الفرصة لكسر حدة المريول المدرسي، واستعراض ما في خزاناتهن من معاطف الصوف والفرو والجلد إلى جانب القبعات والقفازات والأحذية والجوارب الصوفية، والتباهي بعرض أزياء الملبوسات الشتوية، الأمر الذي تتحول معه المدارس إلى «كرنفال» من الألوان الشاذة، بينما تلجأ بعض المدارس لوضع حد لمبالغات الطالبات عبر المحاضرات وموضوعات الإذاعة المدرسية التي تسعى إلى التقليل من «هوس» الأناقة الشتوية.

وتوضح المرشدة الطلابية في مدارس رياض الإحسان للبنات بالدمام، منال المحمد، أن «المدارس الحكومية تشدد على متابعة ألوان وتصاميم معاطف الشتاء، بعكس المدارس الأهلية التي تدقق فقط في خلو ملابس الطالبات من صور ورسوم الفنانين والشخصيات غير اللائقة»، بينما تـبين أن كثيرا من الطالبات يتعمدن ارتداء المعاطف اللافتة والملونة في ظل معقولية درجات الحرارة، وهو ما ترجعه للرغبة في لفت الانتباه، حسب قولها.

وتؤكد المحمد، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن المدارس الأهلية تحاول مجاراة المدارس الحكومية في مواجهة هذه الظاهرة من خلال تكريم «الطالبة المثالية» التي تلتزم بالزي المدرسي وتحفيز الأخريات للاقتداء بها، مضيفة: «بعض الطالبات يلجأن لاستعارة الملابس الشتوية كي لا يظهرن بصورة أقل من زميلاتهن، وهذا يكرس من اهتمام الطالبة بالأمور الشكلية على حساب العلم والدراسة».

ولا يقتصر ذلك على مدارس البنات فقط، بل يمتد إلى بعض الجامعات والكليات التي تحظر ارتداء المعاطف الشتوية «المشجرة» وتقتصر على الألوان «السادة»، إلى جانب منعها ارتداء القبعات الصوفية على اختلاف أنواعها، معتبرة ذلك «مخالفة جامعية» قد تؤدي إلى تغييب الطالبة عن محاضراتها، وهو ما أثار استياء بعض طالبات كلية المجتمع للبنات في الأحساء، اللائي عبرن عن انزعاجهن من هذا الإجراء «الشتوي» الصارم على صفحات المنتدى الإلكتروني للكلية، متحججات بصعوبة إيجاد الملابس المطلوبة في الأسواق. أمام ذلك، أوضحت صباح العرفج، عميدة كلية المجتمع للبنات في الأحساء، مسوغات ذلك بقولها: «لا مانع من لبس الملابس الشتوية الساترة بأي لون، فالأساس هو اللبس الساتر، وقرارنا لأن تكون الألوان سادة حتى لا نترك مجالا لأن تكون الكلية واحة ألوان ومجالا لعرض الأزياء بأنواعها».

وبيـنت عميدة كلية المجتمع للبنات في الأحساء أن «أستاذة المادة حينما تجد الطالبة مخالفة للزي أثناء إحصاء الغائبات، فإنها تضع إشارة عند اسمها، الغرض منها نقل أسماء المخالفات لشؤون الطالبات لحصر مخالفاتهن»، وحول تغييب الطالبات المخالفات تقول: «لا يمكن أن تـحسب الطالبة كغائبة، وهذا التوجيه من إدارة الكلية».

وأفادت العرفج أنه «عندما قررت الإدارة أن تكون الألوان للبلوزة (أبيض، سماوي، بيج، رصاصي، بني، كحلي، أسود) وللتنورة (أسود، كحلي)، كان هذا بالاتفاق مع عينة ممثلة من الطالبات، وكذلك الموظفات في شؤون الطالبات»، بينما ردت على احتجاج بعض الطالبات بالقول: «فتح المجال لوجود الألوان والبلوزات المشجرة، وفتح جميع الألوان من غير ضابط، أكبر مدعاة للصرف على الزي وإرهاق أولياء الأمور ماديا؛ حيث إن الطالبات يحاولن مجاراة بعضهن في هذا الموضوع، علما بأن الكلية لا تمانع أن تدمج الطالبة نفس الألوان المسموح بها، بشرط أن تكون سادة».

تجدر الإشارة إلى أن الجامعات والكليات الحكومية في السعودية تضع ضوابط صارمة للباس الطالبة؛ حيث لا يسمح بالأقمشة الخفيفة أو الشفافة، ولا يسمح بالقمصان المشجرة، ولا يسمح بالتنورة القصيرة والكم القصير، بينما تختلف الكليات فيما بينها في تحديد الدرجات اللونية المسموح بارتدائها، وفي تحديد طبيعة العقوبة الواقعة على الطالبات المخالفات لهذه الأنظمة.