عواصف في لبنان ومصر.. وابتهاج بالأمطار في سورية بعد طول جفاف

توقع وصول عواصف ترابية إلى السعودية وهبوط درجات الحرارة في الجوف

هوائي راديو الشرق إثر سقوطه بسبب العاصفة التي ضربت لبنان أمس محدثا أضرارا بإحدى السيارات (إ. ب. أ)
TT

القاهرة: وليد عبد الرحمن جدة: بدر القحطاني

* شهدت عدة دول عربية تقلبات جوية أمس، شملت لبنان الذي شهد عاصفة ورياحا قوية خلفت أضرارا، وتم إغلاق موانئ في مصر بسبب الأجواء السيئة، بينما ابتهج السوريون بالسقوط الكثيف للأمطار بعد طول جفاف، في حين يتوقع أن تصل اليوم العاصفة الترابية التي ضربت دولا في بلاد الشام ومصر، إلى شمال غربي السعودية، كما توجد توقعات بانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة.

* لبنان: يشهد لبنان منذ منتصف ليل أول من أمس عاصفة جوية مصحوبة بأمطار غزيرة ورياح تصل سرعتها في بعض المناطق إلى مائة كيلومتر في الساعة، خلفت أضرارا مادية كبيرة لم تسلم منها ثلاث طائرات تدريب من نوع «سيسنا» كانت متوقفة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مما أدى إلى تحطمها، فضلا عن تعرض طائرة رابعة من الطراز عينه لأضرار نتيجة ارتطام طائرتين بسبب العاصفة والرياح. واقتصرت الأضرار على الماديات من دون حدوث أي إصابات بشرية. في حين لم تتأثر حركة الملاحة الجوية في مطار بيروت، واستمر إقلاع الطائرات وهبوطها بشكل طبيعي، مع استثناء وحيد خلال النهار تمثل في تحويل اتجاه طائرة تابعة لـ«طيران الخليج» إلى مطار دمشق الدولي، ريثما تهدأ العاصفة، لتعود إلى بيروت.

وأدت العاصفة المصحوبة برياح قوية، وهي الأولى من نوعها التي يشهدها لبنان منذ انتهاء فصل الصيف، إلى اقتلاع اللوحات الإعلانية العملاقة المثبتة على جانبي الطرق الرئيسية، واقتلاع والأشجار المعمرة وقرميد عدد من المنازل وانقطاع كابلات الكهرباء والإنترنت والهاتف في الكثير من المناطق اللبنانية. كما تسببت في زحمة سير خانقة بسبب سرعة الرياح وكثافة تساقط الأمطار وانحجاب الرؤية، وخلفت أضرارا كبيرة في المزروعات والأشجار الحرجية.

كذلك، أدى سقوط عمود ضخم للإرسال تابع لإذاعة «الشرق» إلى أضرار جسيمة في أحد المباني ببيروت، فضلا عن تحطم أربع سيارات، واحتجاز عدد من المواطنين، من دون تسجيل إصابات بشرية.

* سورية: وفي دمشق، استيقظ السكان صباح أمس على صوت مطر غزير، وكان لافتا أن هناك من فتح نوافذه لاستقبال المطر بعد تأخر طال كثيرا، خاصة أن المناطق الأخرى من سورية شهدت بعض الأمطار، إلا أنها تأخرت في دمشق، ليتحول صباح السبت إلى يوم عيد تبادل فيه السوريون التهاني بالانفراج والأمل الذي حمله المطر، بعد أيام طويلة من الجفاف وشح الأمطار، الذي تسبب في كارثة بيئية في المناطق الشرقية من البلاد أدت إلى نزوح مئات الآلاف من السكان نحو المنطقة الوسطى والجنوبية. كما جاءت في النشرة الصادرة مؤخرا أنباء عن مشروع الإنذار المبكر عن الجفاف بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، التي قالت إن انحباس الأمطار لفترة تزيد على الشهر وارتفاع درجات الحرارة، أدى إلى يباس الشجيرات الرعوية وانحسار المراعي واقتصارها على بقع صغيرة ومتناثرة حول الآبار ومصادر الماء، حيث تحتاج هذه المراعي والشجيرات كحد أدنى إلى نحو 100 مم من المطر سنويا.

بينما أكد خبراء أن حالة الجفاف التي تعرضت لها البلاد ليس لها مثيل منذ نحو قرن، مما انعكس سلبا على الزراعة البعلية والمروية، وبالأخص القمح والشعير. وأكثر المناطق تضررا كانت تلك التي تعتمد في اقتصادها على الزراعة والرعي مثل محافظات «حماة، درعا، السويداء، ريف دمشق، الحسكة»، حيث سجل مخزون المياه في تلك المناطق انخفاضا كبيرا.

وتسبب تأخر المطر في حالة قنوط عامة نتيجة المخاوف والقلق من الأضرار التي ستترتب على ذلك، حتى إن رئيس الجمهورية دعا إلى إقامة صلاة استسقاء في مساجد سورية أول من أمس الجمعة، وأدى المصلون في كل أنحاء البلاد الصلاة والدعاء إلى الله تعالى «ليمد سورية بالغيث رحمة للوطن والمواطنين»، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السورية «سانا»، التي نقلت عن الأئمة والخطباء تأكيدهم «المعاني السامية لصلاة الاستسقاء وضرورة التوجه بقلب مخلص موقن بالإجابة إلى الله سبحانه وتعالى وطلب المغفرة والرحمة والغوث، وربط الاستسقاء بالدعاء إلى الله عز وجل واستغفاره والإنابة إليه وطلب الرحمة والسقيا والغيث منه جلت قدرته».

أما على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» فقد كثرت التعليقات على صلاة الاستسقاء وعلى هطول المطر، فعبر البعض عن مخاوفهم من أن «يأتي المطر غزيرا بقدر تعطش القلوب والنفوس وحرقة الدعاء، فيكون الشح مثل السيول، كلاهما كارثي»، فيما تمنى آخر «ألا تكون الحكومة قد اعتادت التصحر ونسيت الإجراءات الخدمية اللازمة لمواجهة العواصف والمطر الشديد، فتتحول الرحمة إلى نقمة»، لا سيما أن محافظة طرطوس الساحلية قد تعرضت إلى عاصفة مطرية شديدة أمس، أدت إلى إغلاق أبواب ميناء طرطوس التجاري والمصب النفطي فيه أمام الملاحة البحرية، حيث بلغت سرعة الرياح في هباتها النشطة أكثر من 100 كيلومتر في الساعة (50 عقدة)، ووصل ارتفاع أمواج البحر إلى ما بين 6 و7 أمتار. ونفت مصادر في مديرية الموانئ بطرطوس حصول أي حوادث جنوح أو اصطدام بواخر، حيث قامت مديرية الموانئ قبل بدء العاصفة بالإيعاز للبواخر الكبيرة في عرض البحر لأخذ الحيطة والحذر وتدوير محركاتها للمناورة، كما قامت بإدخال البواخر الصغيرة إلى حوض الميناء. كما أدت العاصفة إلى اقتلاع الكثير من الأشجار في بعض منصفات الجزر في أنحاء المدينة، وتطاير صحون استقبال البث الفضائي عن أسطح المنازل. أما الأمطار التي تواصل هطولها ليومين متتاليين في طرطوس فقد جرت سيولا، وشكلت مستنقعات في مختلف أحياء المدينة. وقد تدخلت عناصر الإطفاء لشفط المياه من أقبية المنازل السكنية.

أما في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، فيبدو أن الأمر سيبقى كارثيا سواء كان هناك جفاف أو عواصف مطرية، فمنذ ساعات الصباح الباكر من يوم أمس ضربت المحافظة عاصفة رملية شديدة أدت إلى انعدام الرؤية في أغلب المناطق. وقالت مديرية المرور بالمحافظة إن الرؤية في الطرق والمحاور الطرقية الداخلة والخارجة من المحافظة كانت معدومة أو شبه معدومة نتيجة الأحوال السديمية، داعية المواطنين إلى التأكد من مكابح السيارات والأضواء الكاشفة أثناء السفر. كما أعلنت مصادر طبية بالحسكة أن المشفى الوطني استقبل صباح أمس أكثر من 20 حالة إسعافية تعاني من ضيق تنفس وربو وحساسية تنفسية، وقالت المصادر إن المشفى ما زال يستقبل الحالات الإسعافية.

وبحسب الأرصاد الجوية، تأثرت سورية بامتداد منخفض جوي في طبقات الجو كافة، مرفق بكتلة هوائية باردة ورطبة، حيث سجلت أعلى نسبة هطول في محافظة اللاذقية وصلت إلى 280 مم. ومن المتوقع أن يستمر المنخفض الجوي في طبقات الجو كافة من الجهة الغربية، وتهطل الأمطار مصحوبة بالعواصف الرعدية، ويتوقع سقوط الثلوج فوق المرتفعات الجبلية التي يزيد ارتفاعها على 900 متر، لتتراجع حدة المنخفض بعد غد الاثنين، فيما بلغت في دمشق وريفها 10.5 مم.

* السعودية: وتصل اليوم العاصفة الترابية التي ضربت دولا في بلاد الشام ومصر، إلى شمال غربي السعودية. ومن المنتظر أن تشهد مدينتا تبوك والجوف تأثرا بالعاصفة الترابية القادمة من هناك، تصل في تأثيرها خلال اليومين المقبلين لمدن منطقتي الرياض والقصيم (وسط البلاد).

ولم تعلن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، حتى يوم أمس، أي حالة إعلان للطوارئ في المدن التي ستشهد العواصف الترابية، خلافا للمعلومات التي أوردتها الرئاسة على موقعها الإلكتروني.

وتذهب التحليلات والبيانات المنشورة في السعودية، عن حالة الطقس، إلى تعمق موجة هوائية باردة، مع العواصف الرملية التي ستضرب شمال البلاد، ستهبط درجات الحرارة على أثرها لما دون الصفر درجة مئوية، في مدن منطقة الجوف السعودية.

وتوقعت رئاسة الأرصاد وحماية البيئة أن تشهد مدينتا تبوك والجوف اليوم الأحد وغدا الاثنين تدنيا في مستوى دراجة الحرارة، بالإضافة إلى عاصفة ترابية، مما يسبب تدنيا في مدى الرؤية الأفقية بسبب الأتربة المثارة في الأجواء.

وتشهد مدن في المنطقة الشمالية اليوم الأحد عواصف ترابية تأتي امتدادا للعواصف التي ضرب بلاد الشام مسبقا، ويرافق هذه العواصف تعمق موجة هوائية باردة ينتظر أن تخفض مستوى درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي.

وستعيش مدينة حائل الأحد (اليوم) والاثنين (غدا)، انخفاضا ملموسا في درجة الحرارة وموجة برد قارس، حيث يتوقع أن تشهد درجة حرارة تلامس في ساعات الليل وساعات الصباح الأولى الصفر.

ويتوقع أن تكون الرياح السطحية على البحر الأحمر شمالية غربية بسرعة 15 - 40 كيلومترا في الساعة، وارتفاع الموج من متر إلى متر ونصف المتر، وقد يصل إلى مترين خاصة على الجزء الجنوبي، وحالة البحر متوسط الموج.

أما على الخليج العربي فيتوقع أن تكون الرياح السطحية شمالية غربية إلى شمالية بسرعة 15 - 38 كيلومترا في الساعة، وارتفاع الموج من متر إلى متر ونصف المتر، وحالة البحر خفيف إلى متوسط الموج.

وأدت الحالة غير المستقرة في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، إلى إغلاق 9 موانئ مصرية، والتي وصل فيها ارتفاع الأمواج البحرية لـ5 أمتار.

وطبقا للبيان اليومي الذي تصدره رئاسة الأرصاد في السعودية، فإن اليوم الأحد، سيشهد نشاطا في الرياح السطحية على مناطق شمال البلاد (تبوك والجوف وحائل والحدود الشمالية)، والتي تصل إلى الأجزاء الداخلية من منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة وأجزاء من وسط المملكة، مما يؤدي إلى تدن في مدى الرؤية الأفقية بسبب الأتربة المثارة.

وأكدت رئاسة الأرصاد في بيانها أن الفرصة ستكون مهيأة لهطول أمطار رعدية على مناطق «جازان، عسير، الباحة، مكة المكرمة»، كما يشمل ذلك شمال غربي البلاد وأجزاء من وسط وشرق المملكة، تسبق بنشاط في الرياح السطحية التي تحد من مدى الرؤية الأفقية، فيما ستنخفض درجات الحرارة في مدن شمال البلاد إلى ما دون الصفر.

* مصر: وتسبب سوء الأحوال الجوية بمصر أمس (السبت) إلى تعطل حركة الملاحة ببعض الموانئ بالمحافظات وبطول قناة السويس، وذكر مسؤولون في هيئة الملاحة البحرية أن الأحوال الجوية أدت إلى إغلاق أربعة موانئ على البحر الأحمر، نتيجة العواصف الرملية وارتفاع مستوى الأمواج، فيما نفى اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ جنوب سيناء، توقف جهود البحث عن أسماك القرش التي مثلت خطرا على السائحين بمنتجع شرم الشيخ.

وأوضح المحافظ في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحوال الجوية مستقرة في جنوب سيناء، وأن اللجنة العليا لمتابعة أزمة أسماك القرش، تقوم بعملها»، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي جديد».

وقد أدت العاصفة الترابية الشديدة إلى اقتلاع أشجار في أماكن كثيرة بأنحاء بمحافظات مصر، وتكدس الحركة المرورية على الطرق الصحراوية، وتأثر حركة السير بسبب انخفاض مستوى الرؤية بصورة كبيرة، وغلق الكثير من المطارات.

وحذر خبراء هيئة الأرصاد الجوية من تزايد الطقس السيئ خلال اليومين القادمين، ورجحت الهيئة تحول الرياح المثيرة للرمال والأتربة إلى عواصف شديدة في بعض المناطق، مما أدى لتدهور الرؤية الأفقية على الطرق، واضطراب الملاحة البحرية.

وتوقعت الهيئة استمرار السحب الممطرة على شمال البلاد والقاهرة وسيناء وجبال البحر الأحمر، وشمال الصعيد، وتكون الصقيع على المزروعات في أغلب المناطق.

وأشار خبراء الأرصاد إلى حالة «اضطراب شديدة» يرجح أن تصيب البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، مع ارتفاع الأمواج في البحر المتوسط إلى ما بين أربعة وخمسة أمتار، وفي البحر الأحمر إلى ما بين ثلاثة إلى أربعة أمتار.

وأكد الدكتور علي قطب، المتحدث الرسمي لهيئة الأرصاد الجوية، تعرض مناطق كثيرة من مصر إلى عاصفة ترابية تسببت في تدهور الرؤية الأفقية، وصاحبها انخفاض في درجات الحرارة، وتكاثر السحب على المدن الشمالية والقاهرة وسيناء، مع سقوط أمطار غزيرة على السواحل الشمالية.

وفي الإسكندرية، أعلن اللواء مسعد عامر، رئيس قسم العلاقات الخارجية بهيئة ميناء الإسكندرية، إغلاق ميناءي الإسكندرية والدخيلة، نظرا لسوء الأحوال الجوية وسرعة الرياح وارتفاع الأمواج. وفى السويس، أكد مصدر مسؤول بغرفة عمليات هيئة موانئ البحر الأحمر أنه بسبب سوء الأحوال الجوية تم إغلاق ميناء بور توفيق وميناء الزيتية وميناء الأدبية بمحافظة السويس، وتم منع جميع الرحلات من الخروج أو الدخول إلى موانئ السويس. وفى سيناء تعطلت حركة الطرق الرئيسية والفرعية وتقلصت الحركة التجارية، وقال مصدر مسؤول في ميناء العريش إنه تم إغلاقه، فيما أكد مصدر مسؤول أنه تم إغلاق ميناء نويبع البحري بجنوب سيناء بسبب شدة الرياح، التي وصلت إلى خمس وعشرين عقدة في الساعة، وشهدت الإسماعيلية حالة اضطراب شديدة في حركة السيارات، حيث توقفت حركة السيارات في موقف الإسماعيلية العمومي، وشهد الطريق الصحراوي رياحا وأتربة كثيفة حالت دون رؤية السائقين للطريق.

وصرح اللواء أحمد سعيد، رئيس الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية، بأنه على الرغم من انخفاض الرؤية فوق مطار القاهرة إلى ثلاثمائة متر فقط، فإن عمليات الإقلاع والهبوط تسير بشكل منتظم.

وتوقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية، ارتفاعا في نشاط الرياح السطحية على مناطق شمال المملكة يشمل «تبوك، الجوف، حائل، والحدود الشمالية» ويصل إلى الأجزاء الداخلية من منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة وأجزاء من وسط البلاد، مما سيؤدي إلى تدن في مدى الرؤية الأفقية بسبب الأتربة المثارة.

وقالت الهيئة في تقريرها الصادر أمس على موقعها الإلكتروني: «إن الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار رعدية على مناطق جازان، وعسير، والباحة، ومكة المكرمة»، يشمل ذلك شمال غربي وأجزاء من وسط وشرق المملكة. وفي الوقت نفسه، بثت وكالة الأنباء السعودية أنباء عن هطول أمطار أمس، على مناطق «القصيم، والباحة، والحدود الشمالية، والشفا (الطائف)، وتبوك، وحائل».