صقر لـ «الشرق الأوسط»: مهلة حزب الله تهويل.. ورسالة إلى رعاة التسوية

حزب الله يواصل تصعيده على المحكمة... ويهدد بـ«تغيير صورة لبنان»

TT

لم يحل هول العاصفة المناخية التي يشهدها لبنان دون صدور ردود سياسية «عاصفة» على الموقف الأخير الذي أدلى به رئيس كتلة نواب حزب الله، النائب محمد رعد، أول من أمس، لناحية إعطائه مهلة «قد تمتد يومين، أو ثلاثة أو أربعة» ودعوته إلى أن انتهاز هذه الفرصة، وإلا سيدخل لبنان مرحلة جديدة.

وفيما يأتي كلام رعد تكملة للمعركة التصعيدية التي بدأها حزب الله الأسبوع الفائت ضد المحكمة الدولية عبر إعلانه لا دستوريتها لبنانيا، حملت أوساط «14 آذار» على عودة حزب الله إلى لغة «التهديد والتهويل»، في وقت لا تزال فيه التسوية اللبنانية خاضعة للرعاية العربية المكثفة. وفي هذا السياق، اعتبر النائب عقاب صقر، المقرب من رئيس الحكومة سعد الحريري، أن كلام رعد «يضرب بالعمق فكرة التسوية اللبنانية القائمة على حماية أمن لبنان واللبنانيين والسلم الأهلي لا التهويل»، معتبرا أن «تهديد حزب الله باستخدام سلاحه يعطي وجها ميليشياويا للحزب وهو مرفوض من حيث المبدأ».

ورأى أن «رعد ترجم بكلامه ما دأب على قوله (التابعين) لحزب الله الذين كنا نعتبرهم هامشيين»، وقال: «على كل الأحوال هذا الكلام موضوع برسم قيادة حزب الله وينبغي التراجع عنه فورا لما ينطوي عليه من خطورة على أكثر من مستوى». وأوضح أن رعد يدرك أنه يستطيع تغيير لبنان بسلاحه، ولكن عليه أن يدرك أنه إذا كان التهديد عبر النزول إلى الشارع فلكل شارع مقابل، وإذا كان بالسلاح فهذا أمر يدرك حزب الله جيدا أنه إذا ما تطور فسيؤدي إلى تقسيم البلد بشكل واضح وقد يطلق الحديث عن تقسيم الجيش والمؤسسات الأمنية وعودة المنطق الفيدرالي وكل ذلك إنما يشكل خدمة مجانية لإسرائيل.

وشدد صقر على أن «هذا التهويل يضر بكل الاتجاهات، في وقت نعلم جميعنا أن كل ظروف ومناخات التسوية اللبنانية قد نضجت بفعل الرعاية العربية، ولكن يبدو أن البعض يحاول اللعب في الوقت الضائع». واعتبر أن تحديد رعد مهلة 3 أو 4 أيام «يشكل تهويلا مباشرا على جلسة مجلس الوزراء من أجل دفع بعض الأطراف كرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لاتخاذ مواقف تنسجم مع موقف حزب الله في ملف شهود الزور والتهديد بأن أي خطوة لا ترضيه إنما تعني قلب الطاولة على الجميع».

ورأى أن في ذلك أيضا «رسالة إلى الرعاة العرب والإقليميين والدوليين للتسوية اللبنانية بأن حزب الله جاهز لقلب الطاولة»، مشددا على أن «هذا المنطق يخرج من إطار المناورة السياسية إلى المقامرة بمصير البلد، مع قناعتنا بأننا لن نصل إلى هذا الحد بفضل إرادة الرئيس الحريري ووضوح رؤيته في الخروج من هذه الأزمة وبدعم الدول الشقيقة». وأبدى صقر أسفه «لأن اللبنانيين استبشروا خيرا بالمبادرة السعودية الطيبة عبر جمع السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري سفراء إيران ومصر وسورية على طاولته مساء أول من أمس، في إشارة واضحة إلى حضانة الوضع اللبناني برمته والتسوية الداخلية، وإذ بالنائب رعد يقدم صورة سوداء قاتمة يدرك جيدا ألا آفاق لها ولا مجال لترجمتها إلا بأبعادها النفسية في الضغط على اللبنانيين وإرهاقهم».

وكان حزب الله واصل أمس حملته على المحكمة الدولية، وجدد النائب رعد أمس تحذيره من «تمسك البعض بالقول بأن الأمر أصبح عند المحكمة الدولية وغير قادرين على فعل شيء»، مؤكدا «ألا أحد يقدر على التنصل من المسؤولية فيما تخطط له القوى الاستكبارية من سوء متوهما أن يطال المقاومة وأنتم بالخارج». وشدد على أن «صورة لبنان ستتغير تلقائيا إذا لم يكن هناك تفاهم داخلي لبناني ينأى بلبنان عن مأزق المحكمة الدولية وتداعياتها»، معتبرا أنه «بعد الفشل بالقضاء على المقاومة عبر الحرب، اتبعوا أسلوبا جديدا وهو القرار الدولي والمحكمة الدولية». وقال: «(روحوا بلّطوا البحر)، فهذه المقاومة أكرم وأشرف وأنزه وأطهر من أن يستطيع أحد أن ينال منها».

وكرر نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم الإشارة إلى أن «المحكمة الخاصة بلبنان ألعوبة بيد أميركا وإسرائيل»، ورأى «أنهم يحملون اليوم علينا فزاعة المحكمة الدولية، وأقول لكم إنها تفزعهم ولا تفزعنا، ولا تؤثر علينا لا من قريب ولا من بعيد، أصدرت أحكامها أو لم تصدر أحكامها، أسرعت في القرار الظني الذي يتهم أفرادا منا أو أجلت القرار الظني». وأوضح أن «المساعي السعودية - السورية موجودة، ونحن نعتبر أنها قطعت شوطا مهما ونأمل أن تنجح، لكن مفتاح النجاح من لبنان»، معتبرا أن «فريق حزب الله ومن معه قام بما عليه وزيادة، وأما الفريق الآخر وعلى رأسه الرئيس الحريري فهو الذي يتحمل المسؤولية الأساسية في أن يقدم ما يساعد على إنجاز تسوية تخلص لبنان من فزاعة المحكمة الدولية التي تستخدمها أميركا وإسرائيل ولا علاقة لها بالحقيقة لا من قريب ولا من بعيد».

في موازاة ذلك، لاقت مواقف رعد ردودا من قوى «14 آذار»، فاعتبر النائب في كتلة المستقبل، أحمد فتفت أن «أي كلام يقال عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قبل صدور القرار الاتهامي، ليس عرضا قانونيا ولا دستوريا»، معتبرا أن «هجوم حزب الله على المحكمة ليس لمواجهتها بحد ذاتها، بل هو وسيلة سياسية للهجوم على النظام السياسي اللبناني وعلى الأسس الشرعية».

وشدد منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد على أن «أسلوب التهديد والاستعلاء الذي يعتمده حزب الله ليس الأسلوب المناسب لحل المشكلات العالقة، وأن منطق (تقطيع الرؤوس) لن يؤدي إلى أي انفراج بالوضع السياسي الداخلي»، معتبرا أن «حزب الله هو من يضع نفسه بدائرة الاتهام أمام الرأي العام اللبناني».

إلى ذلك، أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان، أمس، أن رئيس قلم المحكمة هيرمان فون هيبل قبل استقالة الناطقة باسمها فاطمة العيساوي، لأسباب إدارية.