مصادر الحريري لـ «الشرق الأوسط»: لن نقبل بالتصويت لإحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي من دون باب قانوني

مجلس الوزراء يلتئم الأربعاء بجدول أعمال يتضمن 300 بند عالق

TT

يلتئم مجلس الوزراء، المعطل منذ العاشر من الشهر الفائت، في القصر الرئاسي الأربعاء المقبل، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وعلى جدول أعماله 300 بند حول ملفات عالقة تتطلب البت بها، بفعل انقطاع مجلس الوزراء عن الاجتماع طيلة الفترة الفائتة، نتيجة تمسك قوى «8 آذار» بحسم ملف شهود الزور، الذي سيشكل البند الأول المطروح على طاولة المجتمعين.

وفي موازاة استمرار فريق «8 آذار» في مطالبته بإحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي وطرحه على التصويت إذا تعذر التوافق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة من الرئيس الحريري ومطلعة على حركة الاتصالات أن «وزراء 14 آذار لن يقبلوا بطرح ملف شهود الزور على التصويت ما لم يتبين وجود باب قانوني يفرض إحالته إلى المجلس العدلي».

وأكدت أن «حسم الملف لن يكون إلا بالاحتكام إلى الحوار الهادئ داخل مجلس الوزراء وإحالته إلى نقاش قانوني ودستوري بعيدا عن التهديد الموتور»، معتبرة أنه «إذا ثبت في القانون أن ثمة ما يجيز إحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي فسنكون أول من يطبق ذلك، وفي حال لم يثبت ذلك فلن نقبل بالتصويت على مسألة لا قانونية ولا تمت إلى الديمقراطية بصلة». واستغربت المصادر الإصرار على إحالة الملف إلى القضاء العدلي، وسألت: «هل بإمكان القضاء العدلي التحقيق في (شهود الزور) وليس بإمكان القضاء العادي القيام بذلك»، مشددة على أن «النتيجة ستكون واحدة أمام القضاء العدلي أو العادي، أما الإصرار على إحالته إلى العدلي، فهذا يعني أن الهدف أبعد بكثير من (شهود الزور)».

وينظر المجلس العدلي في لبنان في الجرائم التي تقع على أمن الدولة والجرائم الإرهابية والاغتيالات التي تطال رؤساء ووزراء ونوابا فضلا عن مرجعيات روحية وعسكرية، في حين أن القضاء العادي ينظر في الجرائم العادية كالقتل والسرقة. ويصر فريق «8 آذار» على إحالة ملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي باعتبار هذا الملف جزءا لا يتجزأ من قضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، التي تسلمها المجلس العدلي قبل إحالتها إلى المحكمة الدولية. بالمقابل، يعتبر فريق «14 آذار» أنه ليس من صلاحيات المجلس العدلي النظر في ملف «شهود الزور» باعتبار أن قضية الحريري لم تعد أمامه اليوم، وبالتالي يمكن للمتضررين من إفادات كاذبة اللجوء إلى القضاء العادي لتحصيل حقوقهم.

وفيما تبلغ الوزراء رسميا جدول أعمال مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، كشف وزير العمل بطرس حرب، الذي قدم أول من أمس اقتراحا يصلح كمخرج لأزمة «شهود الزور»، ويقضي برفض مذكرات التوقيف السورية الصادرة بحق عدد من الشخصيات اللبنانية واسترداد الملف من دمشق على أن يتحرك القضاء اللبناني في مرحلة لاحقة، أنه لمس إيجابية من رئيس الجمهورية، ومن رئيس الحكومة الذي «وجد في الاقتراح إمكانية حل لأنه يوفق بين موقف (14 آذار) و(8 آذار)».

وأوضح حرب «أنه بحسب طرحه يجري التحقيق قاضي التحقيق العادي وبعد صدور القرار الظني نرى إذا كان هناك ثبوت للأفعال وعندها يعلن مجلس الوزراء استعداده لإرسال ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي لكن بعد صدور القرار الظني».

في موازاة ذلك، أوضح مستشار الرئيس الحريري للشؤون الخارجية محمد شطح أنه «لا مانع من أن يكون موضوع شهود الزور بندا أول على جدول أعمال مجلس الوزراء، على أن نترك إدارة الجلسة لرئيس الجمهورية الذي يدير الجلسة ويحدد الأولويات».

وشدد على وجوب عدم «اللجوء إلى السيناريوهات»، وقال: «هناك إفادات كاذبة أدلي بها في التحقيق وهناك من ضلل مسار المحكمة، ولكن واقع الأمر أن الإفادات الكاذبة تضر ولكنها لا ترقى إلى تهديد أمن الدولة»، مشيرا إلى أن «العلاقات اللبنانية - السورية ضربت في السنوات التي سبقت الاغتيال عام 2005 حيث كان هناك غضب شديد من الشعب اللبناني على سورية وهو ما نتج عن انفجار شعبي تجاه المسؤولين السوريين، وبالتالي لم تكن الإفادات الكاذبة هي سبب الضرر في العلاقة مع سورية». ورأى أن «ما نراه من أخذ أمن الدولة رهينة لمناقشة أمن الإفادات هو الضرر».

وأوضح النائب في كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن «الرئيسين سليمان والحريري تشاورا وفق الدستور من أجل الدعوة لجلسة مجلس الوزراء ومن أجل تحديد جدول أعمالها»، مشيرا إلى أن «كل البنود المتعلقة بقضايا الناس وضعت على جدول الأعمال، إضافة إلى بند شهود الزور».

ولفت إلى أن «مبدأ التصويت هو مبدأ باطل ولا إمكانية بإحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي». وأوضح أن «المطلوب ليس المناكفة من قبل أي من الفريقين في مجلس الوزراء بل يجب إيجاد الحلول»، معربا عن اعتقاده بأن «هناك مخارج كثيرة، وأحدها اقتراح الوزير حرب الذي يعطي حلولا معقولة وأفكارا يمكن تطويرها».

واعتبر وزير الدولة محمد فنيش أن «موقف الفريق الآخر من ملف شهود الزور هو الذي يعطل عمل الحكومة لأنه تمّ طرح هذا الملف وأصبح على المستوى الوطني قضية كبرى وعلى مستوى علاقات القوى السياسية قضية أساسية، وبالتالي لا يمكن القفز فوقه»، معتبرا أن «الكلام عن التعطيل مردود لأن الذي لا يقبل التصويت على إحالة ملف الشهود الزور على المجلس العدلي لا بالتوافق ولا بالتصويت، هو الذي يساهم في تأخير عمل مجلس الوزراء».

وشدد النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ميشال موسى على أن «مجلس الوزراء يجب أن يحل كل الأمور العالقة ومنها ملف شهود الزور»، داعيا إلى «بت هذا الملف في جلسة الأربعاء بأي طريقة دستوريّة وقانونيّة». وأوضح موسى أن «إصرار فريق (8 آذار) على إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي يعود لكون هذا المجلس يتخطى تجاذبات سياسيّة كثيرة ويذهب مباشرة إلى قضاء صاف».