السعودية: لن ندخل سباق تسلح نووي.. وعلى طهران تقديم «ضمانات»

وكيل الخارجية السعودية: لا دول الخليج ولا إيران مستهدفة من أحد.. فلماذا السلاح النووي؟

TT

سيطرت تحذيرات انزلاق دول منطقة الشرق الأوسط في سباق تسلح نووي، على أحاديث المسؤولين السعوديين والخليجيين في الرياض، مدفوعة بعدم إعطاء إيران الضمانات اللازمة لجيرانها تجاه سلمية طابع برنامجها النووي، وامتلاك إسرائيل لترسانة نووية، دون توقيعها على اتفاقية حظر أسلحة الدمار الشامل.

وفي وقت حذرت فيه الخارجية السعودية، أمس، على لسان مسؤول رفيع فيها، من مخاطر انزلاق منطقة الشرق الأوسط في سباق تسلح نووي، أكدت أنها لن تكون طرفا في أي سباق من هذا النوع.

لكن الرياض، التي استضافت، أمس، تجمعا دوليا لمناقشة مستقبل القرار 1540 المتعلق بالحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، أعربت عن قلق بالغ إزاء عدم وجود ضمانات سلمية لبرنامج إيران النووي، وامتلاك إسرائيل لترسانة نووية ضخمة.

وجددت السعودية، موقفها الداعي إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، في وقت أكد فيه رئيس لجنة القرار 1540 السفير كلود هيلر، الممثل الدائم للمكسيك لدى الأمم المتحدة، أن هناك مسعى لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية في عام 2012، وهو ما قال إنه يتطلب حوارا مستمرا مع إسرائيل وإيران في هذا الشأن.

ومقابل ذلك، أكد الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير، وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات متعددة الأطراف، أن بلاده «تدعم إنشاء منطقة خالية من أسلحة التدمير الشامل في منطقة الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن مسألة امتلاك سلاح نووي لا يمثل عامل استقرار، متسائلا عن الفائدة من الحصول على هذه الأسلحة في ظل ظروف لا تدعو إلى ذلك، قائلا: «لا دول الخليج ولا إيران مستهدفة من أحد.. فلماذا التسلح؟!».

وأشار الأمير تركي بن محمد، إلى أن السعي لامتلاك سلاح نووي سيؤدي إلى انزلاق نحو سباق تسلح نووي في المنطقة، مقرا بحق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكنه قال: «نرجو ألا يتعدى هذا الاستعمال إلى أمور أخرى».

واعتبر وكيل الخارجية السعودية، أن أمن منطقة الشرق الأوسط، مسؤولية جماعية، سواء لدولها أو للمجتمع الدولي، انطلاقا من كون المنطقة عنصرا مهما وأساسيا للاقتصاد الدولي، مؤكدا أن على مجلس الأمن الدولي مسؤولية في هذا الأمر.

ورد الأمير تركي بن محمد الكبير على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول مدى القلق من امتلاك تنظيم القاعدة أسلحة نووية، قائلا: «القرار 1540 هو قرار دولي، وليست معنية فيه دول الشرق الأوسط فقط، وهو ينص على الحد من انتشار الأسلحة النووية ومنع وصول أي من الأسلحة إلى المنظمات الإرهابية. هذا الأمر يتطلب إرادة جماعية وتنسيقا وتنظيما وتعاونا جماعيا ووقوفا في وجه (القاعدة) أو غيرها. المنظمات الإرهابية متعددة. الجهود الدولية منصبة لمنع وصول الجماعات الإرهابية إلى هذه الأسلحة الفتاكة المدمرة، وهو جهد دولي ومسؤولية جماعية مشتركة».

وتتقاسم السعودية ودول الخليج والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، التي شاركت، أمس، في تجمع دولي بالرياض بخصوص الحد من أسلحة الدمار الشامل، القلق إزاء احتمالية وصول الأسلحة النووية أو البيولوجية أو الكيماوية إلى أيدي الإرهابيين، وهو ما دعاها للاجتماع للبحث فيما توصلت إليه كل دولة بشأن تطبيق القرار 1540.

ويلزم القرار 1540 الذي اتخذ بالإجماع في أبريل (نيسان) 2004، جميع الدول بالامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم لأطراف لا تمثل دولا في محاولاتها استحداث أسلحة نووية أو صنعها أو امتلاكها أو نقلها أو استخدام أسلحة نووية أو كيماوية أو بيولوجية.

وشارك عبد الرحمن العطية، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، في اجتماع الرياض بشأن القرار 1540، وتطرق إلى الجهود الخليجية المبذولة لناحية تطبيق القرار، ومنع الجماعات الإرهابية من الوصول إلى المواد النووية.

وكانت دول مجلس التعاون قررت إطلاق برنامج نووي مشترك للاستخدامات السلمية. وكشف العطية عن أن الدراسات الأولية أثبتت جدوى البرنامج، مؤكدا أنهم بصدد عمل الدراسات التفصيلية الـ7، مضيفا أن الدراسة الاستراتيجية للبرنامج المشترك ستنتهي في غضون الأشهر الستة المقبلة، حيث ستكون بمثابة «خارطة طريق» لعمل دول مجلس التعاون مجتمعة في هذا الملف.

وكان الأمير تركي بن محمد قد نبه ممثلي مجلس الأمن والأمم المتحدة وحضور التجمع الذي دعت إليه بلاده، من أن «منطقة الشرق الأوسط تعاني من عدم الاستقرار وفقدان الأمن بسبب التحديات والأزمات التي لازمتها لمدة طويلة جعلتها رهينة مخاطر حقيقية، سواء بامتلاك بعض دولها للأسلحة الفتاكة، وهذا يشكل خطرا قائما، أو من ناحية حدوث مخاطر محتملة نتيجة قدرات وإمكانات بعض دولها لإنتاج هذه الأسلحة الفتاكة».

وأكد أن «من العوامل الرئيسية لتحقيق الأمن والاستقرار في أي منطقة من هذا العالم الفسيح، إدراك أن التشاور والتعاون بين الدول ومراعاة مصالح ومشاغل كل طرف هو الطريق الأمثل لبلوغ هذا الهدف، فلا امتلاك الأسلحة الفتاكة ولا السعي نحو الحصول عليها ولا محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة ولا السعي نحو السيطرة والهيمنة، ستحقق الأمن والاستقرار، بل بالعكس سوف يؤدي هذا إلى اتباع مثل هذه السياسات التي تشكل مخاطر جسيمة تهدد السلام والاستقرار وبرامج التنمية».

وأضاف وكيل وزارة الخارجية السعودية أن «السلام الحقيقي ينبغي أن يبنى على الثقة المتبادلة وحسن النيات، ووضوح الأهداف والغايات بين الدول والشعوب، لكوننا نعيش في عالم متواصل في أهدافه وغاياته، وأي محاولات لتعكير أمنه واستقراره ستكون آثارها السلبية شاملة».

ودعا الأمير تركي المجتمع الدولي إلى أن تنصب جهوده في المقام الأول على «خلق عالم يسوده الأمن والاستقرار».

وتطرق وكيل وزارة الخارجية السعودية، إلى الخطوات الحكومية التي اتخذتها الرياض لتفعيل القرار 1540، والوقوف أمام أي محاولة تهدف إلى وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أيدي المنظمات الإرهابية، والعمل على تشديد الرقابة والحراسة على مزودي الخدمات للمواد النووية والبيولوجية والكيماوية.

من جانبه، أكد عبد الرحمن العطية حرص دول المجلس على تعزيز معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتفعيل الركائز التي تستند إليها المعاهدة، وهي عدم الانتشار، ونزع السلاح، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وأكد العطية على «عدم جواز المساس بحق الدول الأطراف غير القابل للتصرف في الحصول على التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، وعدم وضع العقبات أمام الدول غير النووية الأطراف في المعاهدة في سعيها لتطوير قدراتها النووية للأغراض السلمية».

وفي وقت أكد فيه الأمير تركي بن محمد دعم بلاده لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية، وجه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي دعوة مماثلة لحل الملف الإيراني بطريقة سلمية، بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وأشار العطية إلى تنامي القلق الدولي نتيجة الأخطار المتزايدة لانتشار الأسلحة النووية، التي أدى التعامل معها بسياسات انتقاء غير عادلة إلى تكديس كميات مرعبة منها، إضافة إلى تطوير أسلحة فتاكة جديدة، يجري استحداثها في الكثير من الدول من دون مراعاة لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وأكد العطية أن بعض الدول الحائزة على الأسلحة النووية، «لا تنظر بجدية إلى التزاماتها بنزع السلاح النووي، بل تتعمد الإخلال بالتزاماتها الدولية في مضمار عدم الانتشار النووي، وتتجاهل وعودها التي أعطتها للدول غير الحائزة على الأسلحة النووية، والدليل الماثل للعيان على الخلل المشار إليه، هو استمرار تعاون بعض الدول النووية مع إسرائيل في المجال النووي، بل والأخطر من ذلك، قيام عدد من الدول في المعاهدة بمنح استثناءات للدول غير الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي، من دون أن تتوافر لديها السلطة القانونية لاتخاذ القرار منفردة، الأمر الذي يتعارض مع التزامات المعاهدة ومقررات مؤتمرات مراجعتها».