«ويكيليكس»: الهند تبلغ واشنطن بوجود 43 معسكرا للمتشددين في باكستان.. وعلاقة وثيقة بين الفاتيكان والولايات المتحدة

أبو الغيط: تسريبات «ويكيليكس» تؤكد أن ما تقوله مصر في الاجتماعات المغلقة هو ما تتحدث به علنا

متظاهر يضع على وجهه قناعا عليه صورة مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج في مظاهرة تأييدا له أمام القنصلية البريطانية في برشلونه أمس (رويترز)
TT

كشفت أحدث مجموعة من البرقيات الدبلوماسية الأميركية المسربة، أن الهند أبلغت الولايات المتحدة بوجود 43 معسكرا للمتشددين في باكستان، من بينها 22 معسكرا في الجزء الباكستاني من إقليم كشمير، وأنه لم يبذل سوى القليل من الجهود لإغلاق هذه المعسكرات بشكل دائم.

وأفادت البرقيات التي نشرها موقع «ويكيليكس» ونشرتها صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، بأن هذا الاتهام أثير أثناء حديث في يونيو (حزيران) العام الماضي بين الجنرال جيم جونز مستشار الأمن القومي الأميركي آنذاك، ووزير الدفاع الهندي أ. ك. أنتوني. وقال الجنرال ديباك كابور قائد الجيش الهندي الذي حضر الاجتماع إن باكستان داهمت المعسكرات في أعقاب هجمات مومباي في عام 2008، ولكن بعض المعسكرات استأنفت عملياتها بعد ذلك. وقالت البرقية إن كابور أبلغ الموفد الأميركي كذلك بأن المتشددين ما زالوا يتسللون إلى القسم الهندي من إقليم كشمير عبر خط المراقبة، وأن ذلك لن يكون ممكنا من دون «نوع من المساعدة أو قدر من الدعم المؤسسي أو كليهما».

وقال كابور إن الهند حسنت استعداداتها على الحدود، وقدر أن ما بين 15 و20 في المائة تقريبا ممن يحاولون التسلل عبر الحدود نجحوا، وتساءل: «إذا كنا نستطيع الإمساك بهم (المتسللين)؛ فلماذا لا يستطيع الجيش الباكستاني؟». وقال جونز طبقا لمحضر الاجتماع إنه سيثير موضوع معسكرات تدريب المتشددين مع إسلام آباد، وسأل قائد الجيش الهندي أثناء الاجتماع عن احتمالات تطوير المحادثات العسكرية الهندية - الباكستانية لبحث المخاوف الهندية، ولكن وزير الدفاع الهندي أقحم نفسه في الحديث قائلا إن الحوار مع باكستان صعب إلى أن تتخذ إجراءات ضد المسؤولين عن هجمات مومباي.

ورفضت باكستان الاتهامات الهندية بأنها لا تزال تدعم متشددين يحاربون الحكم الهندي لإقليم كشمير، وأنها تسعى لإجراء محادثات لحل الخلاف المستمر منذ فترة طويلة حول الإقليم، ولكنها اعترفت بأنه جرى التخطيط لهجمات مومباي، وأن جزءا منها انطلق من أراضيها وقدمت سبعة من المشتبه فيهم المرتبطين بجماعة عسكر طيبة للمحاكمة. وتقول الهند إنها غير راضية عن وتيرة التحقيق الذي تجريه باكستان.

وقال جونز إن هجوما آخر على غرار هجمات مومباي «سيكون أسوأ شيء تتعرض له المنطقة، وأنه لا يمكننا السماح للإرهابيين بأن يستغلوا خلافاتنا»، وناقش الجانبان أيضا الوضع في أفغانستان حيث قالت نيودلهي إن لديها مصلحة حيوية، وإن العملية الدولية يجب أن تنجح «لأن الهند لا تستطيع أن تتخيل للحظة استيلاء طالبان على جارتها المتاخمة لأراضيها».

ومن القصص التي كشفها أمس موقع «ويكيليكس»، أن الأميركيين يصغون باهتمام كبير إلى صوت الفاتيكان وقنواته غير الرسمية، كجماعة سانت إيجيديو، في قضايا تتراوح من الشرق الأوسط إلى الكونغو الديمقراطية، مرورا بالصين وكوبا وإيران. وبحسب هذه البرقيات التابعة لوزارة الخارجية الأميركية واطلعت عليها صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن تأثير «الدبلوماسية الفاتيكانية» مبالغ فيه أحيانا. وتؤكد هذه البرقيات أن سفارة الولايات المتحدة في الكرسي الرسولي مهتمة على ما يبدو بعلاقاتها مع الكنيستين السرية والرسمية في الصين حيث لديها «مصادر معلومات ممتازة حول المنشقين وحقوق الإنسان والحرية الدينية وسيطرة الحكومة على السكان».

وتضيف هذه البرقيات أن الدبلوماسيين الأميركيين التقوا راهبة مقربة من فيدل كاسترو للاطلاع منها على الحالة الصحية للزعيم الكوبي، وأن هذه الراهبة «لديها على ما يبدو إمكانية جيدة للوصول إليه، ولكن يبدو أيضا أنه لديه هو تأثير كبير عليها».

وبحسب البرقيات الدبلوماسية فإن الخارجية الأميركية أبدت قلقا بشأن موقف الفاتيكان من موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهو مطلب تركي تسانده واشنطن. وبعدما بدا الكاردينال راتزينغر، الذي أصبح لاحقا البابا الحالي بنديكتوس السادس عشر في 2004 متشككا حيال هذا الانضمام.

وفي عام 2002 في خضم الانتفاضة الثانية، طلب الأميركيون من الفاتيكان مناشدة رئيس السلطة الفلسطينية في حينه، ياسر عرفات، «وقف العنف»، بحسب إحدى هذه البرقيات. وبحسب برقيات أخرى فقد كان الفاتيكان في 2003 معارضا بقوة لأي تدخل عسكري في العراق، وحفلت البرقيات الصادرة في أبريل 2007 بسرد لتحفظات الفاتيكان على الوضع في هذا البلد. وأعرب الأميركيون، بحسب الوثائق، عن أسفهم لعدم استخدام الكرسي الرسولي بشكل أفضل «علاقاته الجيدة مع إيران» لما فيه مصلحة لبنان أو لحل أزمة الملف النووي الإيراني.

وفي 2008 أقنع السفير الأميركي في روما البابا بنديكتوس السادس عشر بعدم استقبال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي طلب موعدا للقاء الحبر الأعظم. وبحسب البرقيات، فإن الدبلوماسيين الأميركيين رحبوا بالعمل الذي تقوم به جماعة سانت إيجيديو المتخصصة في حل النزاعات والحوار بين الأديان، معتبرين أن أفراد هذه الجماعة بإمكانهم أيضا أن يكونوا «مصادر جيدة للمعلومات».

من جهه اخرى قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط: «إن كل البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي تم تسريبها على موقع (ويكيليكس)، والتي تتحدث عن مصر، تؤكد أن ما يقوله المسؤولون المصريون في الاجتماعات المغلقة هو ما يتحدثون به في العلن»، معتبرا أن «هذا يؤكد قوة الموقف المصري».

وأضاف أبو الغيط، في مؤتمر صحافي مشترك، مع نظيره الأسترالي كيفن رود، في القاهرة، أمس: «يهمني أن أقول إن هذه التسريبات هي بداية جبل ثلج، وبالتالي فمن المبكر جدا أن نعقب عليها أو نعلق عليها، فقد لا تستحق التعليق».

وقال: «ننتظر ونتابع ونقرأ وليس بالضرورة كل ما نقرأه حقيقيا، فقد يكون إما مشوشا وإما مدسوسا لأسباب، وبالتالي فنحن نتمسك بمواقفنا ونتحدث بها علنا، ونقول رأينا في القضايا كافة». وكان موقع «ويكيليكس» قد سرب برقيات دبلوماسية سرية مرسلة من السفارة الأميركية في القاهرة تتحدث عن أن مصر ضغطت من أجل تأجيل الاستفتاء بشأن جنوب السودان بسبب خوفها من أن يؤدي تقسيم السودان إلى التأثير على حصتها من مياه النيل، بالإضافة إلى برقية أخرى تحدثت عن أن مصر وحركة فتح رفضتا طلبا إسرائيليا لتقديم الدعم للهجوم على غزة.

كما كشف موقع «ويكيليكس» مؤخرا عن برقية تتحدث عن أن الرئيس المصري حسني مبارك سيترشح لفترة ولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.