جولة جديدة من المفاوضات بين المغرب و«البوليساريو» في نيويورك الخميس المقبل

الفاسي الفهري ينتقد استمرار الجزائر في إغلاق الحدود ويدعوها للحوار

TT

تُعقد جولة جديدة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة «البوليساريو» حول نزاع الصحراء، الخميس المقبل بضواحي نيويورك، بحضور الجزائر وموريتانيا.

وكانت المفاوضات التي جمعت الأطراف المعنية بالنزاع في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، برعاية كرستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، لم تحرز أي تقدم ملموس باستثناء الاتفاق على عقد لقاءين جديدين منتصف الشهر الحالي، ومطلع العام المقبل.

وفي غضون ذلك قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي إن المغرب التزم بالتعاون مع الأمم المتحدة للدخول في مفاوضات جادة ومثمرة للتوصل لحل سياسي نهائي وتوافقي لهذا النزاع، طبقا لقرارات مجلس الأمن الداعية لإجراء مفاوضات مكثفة وجوهرية بين الأطراف تأخذ في الاعتبار الجهود المبذولة من طرف المغرب منذ 2006، حيث طرح المغرب مشروع الحكم الذاتي حلا للنزاع في الصحراء. وأوضح الفاسي الفهري أن المغرب أكد على ضرورة إعطاء دينامية للمفاوضات، ليس فقط لضمان مواصلتها، وإنما لتفعيلها حسب الإمكانات، ومنهجية خلاقة للتوصل للحل السياسي المنشود، مشددا على أن «جميع الأطراف مطالبة بالالتزام بقرارات مجلس الأمن، وأن لا تبقى حبيسة مخططات أصبحت متجاوزة، بما فيها خيار الاستفتاء غير القابل للتطبيق» حسب قوله.

من جهته أعلن مارتن نسيركي، المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن الاجتماع الرابع غير الرسمي حول الصحراء سيعقد من 16 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في «غرينتري» بجزيرة لونغ آيلند بضواحي نيويورك. وأوضح أن هذا الاجتماع سيعقد بحضور المغرب والجزائر وموريتانيا و«البوليساريو»، مضيفا أن المشاركين اتفقوا خلال الاجتماع الثالث غير الرسمي الذي انعقد مطلع نوفمبر الماضي أنهم «سيعملون خلال اللقاء المقبل على استكشاف مقاربات جديدة في محاولة لخلق أجواء أكثر ملاءمة لإحراز تقدم».

وتتزامن المفاوضات الجديدة بين الأطرف المعنية بالنزاع مع تداعيات أحداث العنف والشغب التي عرفتها مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، في الثامن من نوفمبر الماضي، وما خلفته من ردود فعل متضاربة على الصعيد الدولي. وفي هذا السياق، قال الفاسي الفهري إن المخطط العدائي لخصوم الوحدة الترابية للمغرب بتجلياته المتعددة؛ الأمنية والسياسية والحقوقية والدعائية، دخل في الأسابيع الماضية منحى خطيرا بعد تفكيك مخيم «كديم ازيك» للمحتجين بالعيون، وما تلاه من أحداث عنف وشغب بالمدينة، إذ لجأوا إلى «استخدام كل الأساليب المغرضة والدنيئة لترويج مغالطات وافتراءات واتهامات في حق المغرب، لصرف الأنظار عن بشاعة الجرائم التي اقترفت في هذه الأحداث في حق أفراد قوات الأمن المغربية والأعمال التخريبية ضد المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة».

وانتقد الفاسي الفهري، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في البرلمان في معرض تقديمه لمشروع موازنة وزارة الخارجية للعام المقبل، ما وصفه بـ«القراءات المعكوسة وعن سبق إصرار لبعض وسائل الإعلام الأجنبية، وخاصة الإسبانية، لهذه الأحداث، وبثها حمولات دعائية مسمومة وصورا ملفقة لتأليب الرأي العام الإسباني والأوروبي ضد المغرب».

كما انتقد الفاسي الفهري بشدة القرار «الخاطئ والمتحيز الذي صدر عن مجلس النواب الإسباني، والذي يعادي بصفة جسيمة الحقوق السيادية والتاريخية والمشروعة للمغرب، ويتعارض بشكل جوهري مع المصالح العليا المغربية وأحكام معاهدة حسن الجوار والتعاون الموقعة مع إسبانيا».

وفي موضوع ذي صلة، قال الفاسي الفهري إن النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمغرب منذ أكثر من ثلاثة عقود، ما زال يلقي بظلاله القاتمة على مستقبل المنطقة، ويحول دون إخراج اتحاد المغرب العربي من حالة الجمود، ويجعله المنطقة الأقل اندماجا في أفريقيا. وأضاف أن الوضع الراهن في المغرب العربي له تكلفة باهظة على مسارات التنمية الشاملة في الدول الخمس، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية البينية على مستوى هذه الدول لا تزال في حدود 3 في المائة. وانتقد الفاسي الفهري استمرار إغلاق الحدود البرية من طرف السلطات الجزائرية منذ أكثر من 16 عاما، بيد أن المغرب كما قال يبقى متمسكا بفضيلة الحوار، متطلعا بثقة نحو تطوير العلاقات الثنائية مع هذا البلد الجار، ومعالجة جميع القضايا العالقة، بما فيها ملف التهجير القسري لآلاف المواطنين المغاربة في سنة 1975 من الجزائر في ظروف تراجيدية يعرف الجميع أسبابها الحقيقية، وأشار إلى أن المغرب يواصل بموازاة ذلك تطوير شراكاته الغنية والمتنوعة مع كل من موريتانيا وتونس وليبيا.

وأضاف الوزير المغربي أن الفضاء المغاربي، بحكم قربه الجغرافي من جنوب الصحراء الذي «أصبح مرتعا لانتشار شبكات الإرهاب والتهريب والاتجار في السلاح والمخدرات، بما فيها المخدرات الصلبة المهربة من أميركا اللاتينية، أصبح بدوره معرضا لتهديدات جسيمة نظرا للارتباط ما بين انتشار شبكات المخدرات والأنشطة الإرهابية» على حد قوله.