كوسوفو تخوض أول انتخابات برلمانية منذ الاستقلال

التحدي نسبة مشاركة الصرب.. وأوروبا تشدد على أهمية نزاهة الاقتراع

TT

تشهد كوسوفو اليوم أول انتخابات برلمانية بعد الاستقلال الذي أعلن عنه في 17 فبراير (شباط) 2008. ويتنافس على مقاعد البرلمان البالغة 120 مقعدا، 1265 مرشحا ينتمون إلى 29 حزبا سياسيا، بينهم 8 أحزاب صربية. ودعي نحو مليون و600 ألف ناخب للإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات المبكرة بين الساعة السابعة صباحا والسابعة مساء.

وتشكل هذه الانتخابات خاتمة أزمة سياسية بدأت مع استقالة رئيس كوسوفو فاطمير سيديو في سبتمبر (أيلول) وما تبعه من انفراط عقد حكومة التحالف. وكان التحالف مكونا من الحزب الديمقراطي الكوسوفي بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته هاشم تاجي والرابطة الديمقراطية في كوسوفو التي أصبح يقودها منذ فترة قليلة عيسى مصطفى رئيس بلدية بريشتينا الذي يحظى بشعبية واسعة. وتولى مصطفى في الآونة الأخيرة وبعد فوزه الانتخابي في الانتخابات البلدية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 قيادة الرابطة التي كان يتزعمها الراحل إبراهيم روغوفا الذي توفي في 2006. ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية قال مصطفى إنه لا يرغب في إقامة تحالف جديد مع الحزب الديمقراطي.

وبحسب آخر استطلاعات نيات التصويت لدى الناخبين، فإن المنافسة محتدمة بين الحزب الديمقراطي والرابطة. وتأتي في الموقع الثالث الحركة الوطنية من أجل تقرير المصير بزعامة البين كورتي التي تنتقد بشدة الحضور الدولي، والتي اختارت المشاركة في الاقتراع للمرة الأولى. أما التحالف من أجل مستقبل كوسوفو فما يعوقها هو اعتقال زعيمها رئيس الوزراء الأسبق راموش هاراديناج في لاهاي حيث سيواجه محاكمة جديدة بتهمة اقتراف جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وانضمت الكنيسة الأرثوذكسية الصربية يوم الثلاثاء الماضي إلى موقف حكومتها المعلن الشهر الماضي، معتبرة أن الشروط لم تتوفر من أجل مشاركة الأقلية الصربية في انتخابات اليوم. ورغم موقف بلغراد فإن بعض المسؤولين عن المجموعة الصربية في كوسوفو، خصوصا في الجيوب الصربية، قرروا المشاركة. وكانت منظمتا «هلنسكي لحقوق الإنسان» و«بليانا كوفاتشيفيتش فوتشو» دعتا لمشاركة صرب كوسوفو في هذه الانتخابات. وقال مدير مكتب منظمة «هلنسكي لحقوق الإنسان» في صربيا، إيفان كوزمينوفيتش، في مؤتمر صحافي عقده أمس في بلغراد: «مشاركة صرب كوسوفو في الانتخابات حق وواجب. الانتخابات ستعطي الصرب وضعا أفضل داخل الحياة السياسية في كوسوفو، وستجعلهم مشاركين في القرار السياسي جنبا إلى جنب مع الألبان». أما منظمة «بليانا كوفاتشيفيتش فوتشو» فاعتبرت أن ارتباط صرب كوسوفو ببلغراد، يسبب خسائر أكبر، بينما اندماجهم في مؤسسات كوسوفو يضمن حقوقهم السياسية والاقتصادية والثقافية.

وبدوره، شدد السفير الأميركي في بريشتينا، كريستوفر ديل، على أن الانتخابات البرلمانية يجب أن تشمل جميع مناطق البلاد، لا سيما الشمال الذي تقطنه أغلبية صربية نسبية. وتابع في تصريحات أدلى بها في بريشتينا أمس: «نعمل مع الشركاء الدوليين على تهيئة الظروف لإجراء الانتخابات في شمال كوسوفو، في نفس اليوم الذي تجري فيه الانتخابات في مختلف جهات كوسوفو». وأردف: «من المهم للغاية إجراء الانتخابات البرلمانية في جميع الجهات في كوسوفو، وهذا ما اتفقت عليه مختلف الأطراف الدولية».

وستتم مراقبة الانتخابات من أكثر من 120 فريقا دبلوماسيا بإشراف الاتحاد الأوروبي. وأعلنت دوريس باك التي تقود بعثة مراقبين من البرلمان الأوروبي مكلفة الإشراف على العملية الانتخابية في بيان «ندعو كافة الأحزاب السياسية إلى التصرف بما يؤدي إلى أن تكون عملية الاقتراع حرة ونزيهة وأن يؤخذ في الاعتبار كل صوت». وأضافت أن حسن سير الاقتراع «أساسي لكل دولة ديمقراطية وحاسم لعملية اندماج كوسوفو في الاتحاد الأوروبي».

ويأتي اقتراع اليوم في فترة دقيقة بالنسبة لكوسوفو حيث يأمل المجتمع الدولي، وخصوصا الأوروبيين، في انطلاق حوار بين كوسوفو وصربيا بأسرع وقت تحت رعاية الاتحاد الأوروبي. ويطمح هذا الحوار إلى التركيز على القضايا الملموسة للكوسوفيين والألبان والصرب لتحسين أوضاع المجموعتين دون التطرق إلى مسألة استقلال كوسوفو الذي أعلن في فبراير 2008 ولم تعترف به بلغراد.

وأعلنت صربيا عن استعدادها للمشاركة في مثل هذا الحوار ما يتيح حلحلة الوضع بين بريشتينا وبلغراد. وأعلنت بريشتينا رسميا أنها ترغب في الحوار غير أنه من غير المرجح أن تنطلق هذه المحادثات قبل تشكيل حكومة جديدة في كوسوفو على الأرجح في يناير (كانون الثاني) 2011. واعترفت بدولة كوسوفو حتى الآن 72 دولة، بينها الولايات المتحدة و22 من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ومن بين الدول الأوروبية التي لم تعترف بالدولة الجديدة، إسبانيا واليونان وسلوفاكيا وقبرص ورومانيا.

وقد شاب الحملة الانتخابية بعض الاحتكاكات التي رافقها مقتل ناشط بوشناقي وجرح آخر يوم الخميس في منطقة بوستينيا، ببلدية ليبوصافيتش، شمال كوسوفو، الذي تقطنه أغلبية نسبية صربية (120 ألف نسمة من أصل 2.5 مليون نسمة). كان الضحيتان: شفيق سالكوفيتش، 30 سنة، وإدين إسلاموفيتش، 25 عاما، يقومان بالدعاية لائتلاف بوشناقي، مستخدمين سيارة من نوع «تويوتا».