واشنطن تخطط مع حلفائها للمزيد من العقوبات ضد إيران رغم استئناف المفاوضات

أفادت بأن «حيلة» طهران بتخفيف الضغوط عليها عبر المحادثات لن تفلح

علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، خلال مؤتمر صحافي عقده في طهران أمس (رويترز)
TT

يدرس الغرب فرض عقوبات جديدة على إيران للتضييق عليها بسبب استمرارها في برنامجها النووي الذي يشتبه بأن له أهدافا عسكرية، ويأتي التوجه الغربي على الرغم من عودة طهران إلى طاولة المفاوضات الأسبوع الماضي في جنيف والاتفاق على جولة جديدة العام المقبل في مدينة إسطنبول التركية. وقال مسؤول أميركي إن الجمهورية الإسلامية تأمل في العودة إلى المحادثات كـ«حيلة» للتخفيف من العقوبات والضغوط المفروضة عليها.

قال مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون منع الانتشار النووي يوم الجمعة إن الولايات المتحدة وحلفاءها يخططون لعقوبات أخرى في محاولة تهدف إلى اختبار «قدرة إيران على التحمل» وإجبارها على وقف إنتاجها من الوقود النووي. وأدلى المستشار غاري سامور بهذه التصريحات بعد ثلاثة أيام من إرجاء محادثات مع مسؤولين إيرانيين من دون إحراز تقدم في جنيف.

ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إنه من خلال زيادة الضغوط الاقتصادية فإنهم يأملون في أن يرفعوا التكاليف التي تتكبدها القيادة الإيرانية بسبب المماطلة في المحادثات. ولكن يقول البعض إنه من الممكن أن يرد الإيرانيون بالانسحاب من المحادثات. وتعد المحادثات التي عقدت هذا الأسبوع داخل جنيف الأولى خلال عام، ومن المفترض أن تتبعها المزيد من اللقاءات خلال الشهر المقبل، وربما داخل تركيا.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد أشار سامور إلى أن إيران ربما قررت استئناف المحادثات مع دول أعضاء في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، «لأنها تعتقد أنه يمكن استغلال الظهور في المفاوضات من أجل إضعاف العقوبات القائمة وتجنب المزيد من الضغوط».

وقال في كلمة ألقاها خلال مؤتمر عقدته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات يوم الجمعة: «لن تفلح هذه الحيلة، فعقب محادثات جنيف، لدينا مع حلفائنا إصرار على الإبقاء على الضغوط الحالية وزيادتها. ونحتاج إلى أن نبعث برسالة إلى إيران بأن العقوبات سوف تزيد إذا تملصت إيران من المفاوضات الجادة، ولن ترفع هذه العقوبات حتى يتم علاج مخاوفنا بالكامل». ولم يتناول سامور تحديدا العقوبات محل النظر.

وكانت بريطانيا قد طلبت على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت من مجلس الأمن التفكير في تشديد العقوبات، بينما اعتبرت فرنسا أن على الخبراء المكلفين بموضوع العقوبات التحقيق في شأن «تقنيات التهريب» لدى إيران. وتم الإعراب عن هذا القلق بعد مصادرة 7 أطنان من المتفجرات من مادة «+تي 4+» داخل حاويات في إيطاليا في سبتمبر (أيلول) الماضي، وحاويات أخرى الشهر الماضي في نيجيريا تضم صواريخ وقذائف هاون وأسلحة أخرى. وأيدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس الدعوة إلى إجراء مزيد من التحقيقات، لافتة إلى أن هذا الأمر «سيساعدنا في وقف تهريب الأسلحة من جانب إيران».

وتبدو هذه الدعوات كمؤشر على أن الغرب لم يلمس نتائج إيجابية خلال جولة المحادثات الأولى مع إيران، ومع ذلك فإن الخيارات التي لدى واشنطن لفرض مزيد من العقوبات، خصوصا تلك التي تتعلق بقطاع الطاقة، تعتبر محدودة، حيث تتردد الكثير من الدول الأوروبية في دعم خطوة تقليل صادرات النفط الإيرانية التي يعتقد الكثيرون أنها سوف تلحق أكبر أذى بالنظام، لأن أي حصار حقيقي سيكون له آثار متتابعة داخل النظام العالمي. كما أن البيت الأبيض متردد في فرض قيود على تسليم النفط المكرر لإيران، ويخشى من أن نقص البنزين يمكن أن يزيد من نقمة المدنيين الإيرانيين على الغرب وليس على حكومتهم.

ومع ذلك تضع العقوبات الحالية، التي فرضها مجلس الأمن خلال فصل الربيع وألحقت بعقوبات من جانب الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية واليابان وأستراليا، صعوبات على الحكومة والشركات الإيرانية فيما يتعلق بإجراء عمليات مصرفية في مختلف أنحاء العالم والحصول على تأمين لخطوط الشحن وإعادة تزويد الطائرات بالوقود داخل بعض المطارات الأوروبية.

ولكن لم تقنع هذه العقوبات القيادة الإيرانية بالالتزام بمطالب مجلس الأمن الخاصة بوقف تخصيب اليورانيوم والإجابة عن سلسلة من الأسئلة يطرحها مفتشون نوويون دوليون.

وأعرب مستشار أوباما عن تفاؤله بأن الوضع يمكن أن يتغير، وقال: «أعتقد أن ما تستعد إيران للقيام به يعتمد على تقييم للمكاسب والتكلفة. وإذا كانت التكاليف والمخاطر كبيرة بالقدر الكافي فسيقبلون التعليق».

ولا يوافق على هذا الرأي خبراء آخرون في الشأن الإيراني، ويقولون إن القيادة البارزة داخل إيران وقوات الحرس الثوري الإسلامية لا يحتمل أن يقدما تنازلات تحت الضغط.

وكان سامور ينسق الجهود الرامية إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني، وإخراجه عن مساره في نهاية المطاف. وخلال الأسابيع الأخيرة قال إنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فإن ذلك قد يؤدي إلى انتشاره داخل منطقة الشرق الأوسط ومن ثم تقويض جهود أوباما الرامية إلى دفع الدول إلى تقليل المخزون النووي.

وردا على سؤال بشأن أثر دودة الكومبيوتر «ستوكسنت»، التي تهدف إلى التشويش على أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، توخى سامور الحرص وتجنب الإشارة إلى من يحتمل أن يكون مسؤولا عن هذا الهجوم.

ولكنه أضاف والابتسامة على وجهه قائلا: «أنا سعيد بسماع أنهم يواجهون مشكلات في أجهزة الطرد المركزي لديهم، والولايات المتحدة وحلفاؤها يقومون بكل شيء نستطيعه من أجل زيادة صعوبة الأمر عليهم». وفي سياق متصل، طلبت إيران من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إدانة استهداف عالمين نوويين إيرانيين في طهران الشهر الماضي، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر.

وانتقد بشدة مندوب إيران لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي، في رسالة، موقف أمين عام الأمم المتحدة ومجلس الأمن في القضية، «مطالبا باتخاذ خطوات بمستوى مسؤولياتهما في هذا الشأن».

وبحسب وكالة «مهر» الإيرانية، فإن خزاعي أدان في الرسالة الهجمات التي استهدفت العلماء الإيرانيين، واصفا إياها بأنها جرائم وأعمال همجية.

وأشار المسؤول الإيراني إلى اغتيال العالم مجيد شهرياري، وإصابة فريدون عباسي مؤخرا في طهران، مؤكدا أن هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها العلماء الإيرانيون العاملون في البرنامج النووي الإيراني، حيث إنه جرى العام الماضي أيضا اغتيال عالم إيراني آخر، هو مسعود علي محمدي.

وأضاف مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة: «الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتوقع من منظمة الأمم المتحدة، في إطار مسؤولياتها، أن تدين هذه الأعمال الإرهابية، وأن تعمل على اتخاذ خطوات مؤثرة للقضاء على الإرهاب بجميع أشكاله». كما جدد المسؤول الإيراني اتهامه لإسرائيل بالوقوف وراء استهداف العلماء، وقال: «على الرغم من وجود أيد معلومة وجهات صهيونية تقف خلف هذه الأعمال الإرهابية التي تهدف إلى عرقلة وحرمان إيران من امتلاك التقنية النووية المدنية، فإن هذه الخطوات والضغوط السياسية والاقتصادية لن تستطيع ثني الشعب الإيراني عن الدفاع والحفاظ على حقوقه النووية المشروعة».