«لي».. أكاديمية مصرية تعلم المرأة فن اكتشاف المجتمع والذات

صاحبتها: هدفنا الوصول إلى كل شرائح المرأة حتى الحموات

منى العريشي صاحبة أول أكاديمية مصرية خاصة للنهوض بالمرأة («الشرق الأوسط»)
TT

«الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق».. تحت مظلة هذا البيت الشهير لشاعر النيل حافظ إبراهيم تبلورت فكرة أكاديمية خاصة لتعليم المرأة في مصر فن اكتشاف الذات، وتأهيلها بقدرات ومعارف ومهارات حتى تكون عضوا فاعلا في المجتمع وفي محيطها الأسري على نحو خاص.

المهندسة منى العريشي تنبهت لهذه الفكرة ففكرت في تأسيس أكاديمية لتنمية المرأة، تهدف إلى تحسين نوعية الحياة للأسرة المصرية من خلال التركيز على المرأة بشكل خاص، مؤكدة أن أي دور تقوم به المرأة سواء كانت زوجة، أو أما، أو ابنة، أو امرأة عاملة، أو سيدة منزل، له تأثير على من حولها، فالمرأة نصف المجتمع كما أنها المسؤولة عن تربية وإعداد النصف الآخر والأجيال القادمة. وتدعو الأكاديمية كل سيدة وفتاة إلى أن تعطي القليل من الوقت والاهتمام لنفسها، وأن تبدأ رحلة اكتشاف وتطوير ذاتها من الناحية البدنية والعقلية والنفسية والعاطفية لتكون قادرة ومؤهلة للقيام بأدوارها في المجتمع على أكمل وجه.

عن فكرة الأكاديمية، تقول العريشي، صاحبة فكرة الأكاديمية ومديرتها، «أنا في الأساس مهندسة، وأول عملي كان في شركة لا يوجد بها إناث، وكان دخول مجتمع كله ذكور ليس بالأمر السهل، لذا أصررت على إثبات ذاتي، وبالفعل نجحت، ولكن واجهتني بعض الصعوبات عندما تزوجت وأنجبت، فكنت أريد النجاح في عملي وبيتي معا والتوفيق بينهما دون أن يؤثر أي منهما على الآخر، والحمد لله استطعت تحقيق هذه المعادلة، وساعدني في ذلك دراستي لفن الإدارة، حيث وفرت لي الشركة التي كنت أعمل بها فرصة دراسة إدارة الأعمال، خاصة بعدما توليت الكثير من المناصب القيادية، فأفادتني دراسة قواعد إدارة الأعمال لأن تطبيقها لا يقتصر على مجال العمل فقط، فهي أيضا مفيدة لست البيت لأنها مديرة أعمال في بيتها، وعليها وضع خطة لإدارة منزلها وتربية أولادها وتنمية ذاتها».

تتابع العريشي: «فكرت بعد ذلك في نقل خبراتي لباقي موظفات الشركة، وبالفعل بدأت أقدم لهن الدعم والنصيحة على الصعيدين العملي والشخصي، من خلال منصب رئيسة مجلس القيادة النسائي بالشركة، وهو منصب فخري منحته الشركي لي، والحمد لله وجدت إقبالا وتفاعلا مع الفكرة، فقررت تعميم الفائدة من خلال أكاديمية لتنمية المرأة. أطلقت عليها اسم (لي) وهي كلمة لها معان كثيرة في عدة لغات، لكنها تترادف كلها في التعبير عن الأنثى».

تغطي الأكاديمية أوجه واحتياجات المرأة المختلفة من الناحية البدنية والعقلية والنفسية والعاطفية، وبحسب العريشي: «تنادي الأكاديمية بزيادة الوعي والتنوير لدى المرأة وبالتالي زيادة قدرتها على القيام بدور فعال في تطوير حياتها وحياة من حولها عن طريق تغذية العقل والجسد والقلب والروح بالمصادر اللازمة من علم وتطبيقات. فتقدم الأكاديمية عدة برامج ودورات، منها برامج تساعد المرأة على أن تبدو في أحسن صورة، عن طريق تقديم دورات تعلمها كيفية اختيار ملابسها محققة المعادلة الصعبة في أن تكون حشمة ومواكبة للموضة، ودورة في فن الماكياج لتتعلم طرق وضع الماكياج المناسبة لجميع المناسبات، ودورات في فن الطهي والتغذية السليمة لتتعلم طهي جميع أنواع الأكلات الصحية والخفيفة ومعرفة فوائدها الصحية، ودورة في الحركة السليمة للتدريب على كيفية التحرك والوقوف والجلوس بطريقة سليمة لمعالجة مشكلات الظهر والركب».

كما تهتم الأكاديمية بتغذية عقل المرأة من خلال دورات في فن الإقناع وإدارة الوقت، ومواجهة الضغوط، وكيفية تحقيق التوازن في الحياة بين أدوارها المختلفة كامرأة عاملة وزوجة وأم وابنة، وكيفية إدارة علاقاتها مع عائلتها الصغيرة مثل الزوج والحماة وأخت الزوج والجيران والأبناء، ودورات لتعلم وفهم أساسيات ومبادئ وأدوات التربية الصحيحة للأبناء.

ولتغذية الروح والقلب تقدم الأكاديمية دورات عن أساسيات النجاح في الحياة الزوجية، تهدف لتعليم المرأة كيفية تحقيق الرومانسية في حياتها مهما كان عمر زواجها، ودورة في كيفية التعامل كامرأة لتتعلم كل سيدة كيف تترك انطباعا جيدا عند الآخرين مع تنمية مهارات الاتصال والاستماع لديها، وتودع الارتباك والتردد. كما توجد دورات في الطاقة، لتتعلم كيفية الفهم والتواصل مع نقاط الطاقة الموجودة بجسمها وعلاقتها بالألوان والكون، ودورة في لغة المشاعر وكيفية التعبير بوضوح عن مشاعرها الداخلية وأفكارها بشكل سليم، بما يساعدها على تقوية علاقاتها المختلفة سواء الشخصية أو في العمل، وتحقيق أهدافها المختلفة.

كل هذه الدورات يقوم بتدريسها أطباء ومتخصصون، كل في مجاله، تختارهم العريشي بدقة وعناية شديدة، كما تقوم هي بتدريس بعض الدورات التي تقع في مجال تخصصها مثل الدورات الخاصة بالإدارة والتوازن في الحياة.

وتوفر الأكاديمية أيضا مجاميع مدعمة، وهي عبارة عن مجموعات من السيدات يجلسن معا للتحدث وتبادل الخبرات، وذلك لتنشيط قدرة العقل على التفكير السليم، فالتجارب الحياتية عندما تجتمع معا تكون محصلة العقل وقدرته على التفكير السليم أعلى وأكبر.

وتشير العريشي إلى أن الأكاديمية تخاطب المرأة بكل شرائحها العمرية، وباختلاف أدوارها في المجتمع، فتقول: «تهدف الأكاديمية للنهوض بالمرأة بمختلف أعمارها، فعلى سبيل المثال تهتم الأكاديمية بالسيدات كبار السن، وتقدم لهن دورات في كيفية المحافظة على صحتهن والأغذية المناسبة لسنهن، كما نقدم دورات للجدات في التربية لتعلم كيفية التعامل مع أحفادهن، كما تستهدف الحموات ونقدم لهن نصائح في إدارة العلاقات، فكثير من الزيجات تفشل بسبب تدخل الحموات في حياة أبنائهن، فالأكاديمية تخاطب كل السيدات لدورهن المؤثر في كل جوانب الحياة، الذي لا جدال، سيؤثر على الجيل الحالي والأجيال القادمة».

وتضيف: «كما نسعى أيضا للوصول للمرأة بكل شرائحها ومستوياتها الاجتماعية، حيث نتعاقد مع الشركات والنوادي لمخاطبة وتقديم الدورات للسيدات هناك، كما نتعاون مع الجمعيات الخيرية لمخاطبة المستويات البسيطة، وفي الحالتين أقوم بتدريس نفس المضمون مع اختلاف الطريقة والأسلوب، وتغييرات بسيطة في ترجمة التطبيق، فمن خبرتي أستطيع أن أؤكد أن المرأة لها احتياجات واحدة تقريبا، كما أنها لديها قابلية للتغيير للأفضل».

وعن المشكلات التي تواجه الأكاديمية، تقول العريشي «أكبر مشكلة تواجهنا قلة الوعي والانتشار، ففي كثير من الأحيان نقوم بتنظيم مجموعات مدعمة مجانية ولا نجد من يحضرها، رغم أهميتها وفائدتها، فهناك نوع من الكسل وقلة الوعي، هذا بالإضافة إلى عدم الانتشار، ولكن هذه المشكلة بدأنا نتغلب عليها بعض الشيء، وذلك بعد التعاون مع ساقية عبد المنعم الصاوي، فهذا المكان الثقافي المتميز كان له دور كبير في مساعدتنا على الانتشار عن طريق تقديم دوراتنا هناك، ونطمح إلى أن يتسع نشاطنا قريبا ليصل لكل المحافظات».

وأخيرا تنصح العريشي كل فتاة قائلة: «اطلبي العلم ولو في الصين، ولكن تأكدي من مصادر هذا العلم، واسعي دائما إلى أن تكوني سيدة كاملة وناجحة في كل المجالات، فالنجاح الحقيقي هو تحقيق التوازن بين العقل والروح والجسد والقلب، لذا يجب ألا يقتصر مفهومك عن تنمية وتطوير الذات في النزول لسوق العمل، فالمرأة الناجحة هي التي تستطيع أن تؤدي بنجاح في أي مجال عمل، سواء عملها خارج المنزل أو داخله، وأن تحقق التوازن بينهما، ولا تنتظري الوقوع في المشكلة لتبدئي في تعلم كيفية حلها، وإنما تسلحي بالعلم لتتجنبي المشكلات».