عباس إبراهيم: لن أقبل بمصاصات الأطفال في مبارياتي.. وتكفيني شهادة الغندور والمهنا

أكد في حواره لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يندم على أي قرارات اتخذها في مباراة الاتحاد والاتفاق

TT

وصف حكم الدرجة الأولى السعودي عباس إبراهيم تهجم إدارة نادي الاتفاق عليه، بعد قرار استبعاده للمحترف الأرجنتيني سبستيان تيغالي، بالمتوقع والطبيعي، نظير حساسية اللقاء الذي شهد تعادلا اتحاديا في ثواني المباراة الأخيرة التي جمعت الفريقين ضمن دوري زين للمحترفين، مؤكدا أن الحالة التي اتخذ حكمه عليها «تقديرية» ولا تستند بصورة واضحة إلى مادة قانونية، مما يتيح للحكم حق إصدار ما يراه مناسبا تجاهها.

وكشف في حديثه الجريء والأول من نوعه لـ«الشرق الأوسط» عن نيته تكرار الإنذار في حال وقعت الحالة ذاتها في المواجهات المقبلة، مستندا إلى ما قاله الحكم الدولي المصري جمال الغندور، الذي أكد صحة ما ذهب إليه عباس إبراهيم، مفندا ما تطرحه الوسائل الإعلامية الفضائية والصحافية التي تتضمن 70% من الآراء غير الصحيحة، معتبرا هجومها السبب الرئيسي الذي يقف خلف غياب الحكم السعودي عن المحافل القارية والعالمية، وأحدثت ضغطا كبيرا على الحكام، مما انعكس بصورة سلبية على أدائهم داخل الملعب، مثبتا أفضلية الحكم السعودي على الأجنبي الذي لم يسلم من الأخطاء حينما حضر لإدارة الكثير من مواجهات دوري زين هذا الموسم، داعيا رؤساء الأندية والمحللين إلى عدم التسرع في إطلاق أحكامهم على الحالات التحكيمية، وأن يطلعوا على القانون ويحيطوا به علما، ليكون ما يقولونه دقيقا خاليا من الانفعالات التي لا تحمد عقباها، مثنيا على لجنة الحكام الرئيسية بقيادة عمر المهنا، التي تسعى إلى تطوير مستوى الحكم السعودي الذي يحتاج إلى وقفة من الجميع.

نفى أن تكون اللجنة قد أوقعت في حقه عقوبة عقب قراره الجريء في مباراة الاتفاق والاتحاد، التي يرى أنه وُفق في إدارتها، بعد أن أبان آلية احتسابه للوقت بدل الضائع، الذي امتد لـ40 ثانية بعد انتهاء الوقت الإضافي المقرر، وتفهم رد فعل الجماهير الاتفاقية الغاضبة التي مكثت طويلا بعد إطلاقه صافرة النهاية، ووصفها بالمصدومة وكأنها تلقت خبر وفاة قريب لها.

* استغرب الكثير من النقاد والمحللين قرار طردك للمحترف في صفوف نادي الاتفاق الأرجنتيني سبستيان تيغالي بعد وضعه «مصاصة أطفال» في فمه تعبيرا منه عن سعادته بتسجيل الهدف، خصوصا أن اللاعب سبق أن فعل الحركة ذاتها أمام القادسية، ولم ينذره حكم المباراة؟

- أحترم جميع وجهات النظر التي طُرحت في مختلف الوسائل الإعلامية، إلا أن قرار طرد اللاعب الذي اتخذته جاء عن قناعة تامة، والحالة في تقديري استفزازية ومثيرة تستوجب بطاقة صفراء، وبما أن لديه بطاقة صفراء أولى تحصل عليها قبل هذه الحركة فإنني أخرجت الحمراء وقمت بطرده، وقانون كرة القدم لا يفرق بين ذهاب اللاعب إلى الجمهور أو مقاعد البدلاء في حال تسجيله الهدف، وما يمكنني قوله في هذا الموضوع هو أنني راض كل الرضا عن قراري الذي نفذته، والحكم له مطلق الحرية في تقدير الحالة التي أمامه وما تستحقه، فسواء قام بهذه الحركة في مباراة سابقة أو لم يقم بها فهذا أمر راجع للحكم الذي أدار المباراة، وأنا أتحدث عن نفسي ولا أرغب في تقييم عمل حكم آخر؛ فلجنة التحكيم هي المخولة بمتابعة قرارات الحكام الآخرين، خصوصا أنني لم أشاهد تلك المباراة التي وقعت بها تلك الحالة، ومن الصعب أن أتابع جميع المباريات التي تقام، مع يقيني أن فهد العريني من أفضل الحكام في السعودية، ومن المحتمل أن يكون قراره صائبا؛ لأن هذه الحادثة غير واضحة في المادة.

* إدارة الاتفاق ممثلة برئيسها عبد العزيز الدوسري ونائبه خليل الزياني وصفت قرارك بالسخيف، ما موقفك من ذلك؟

- أحترم وجهة نظر رئيس نادي الاتفاق عبد العزيز الدوسري الذي يعتبر من الأشخاص الخلوقين في الوسط الرياضي، وله الحق في الدفاع عن فريقه بكل ما أوتي من قوة، وهو ما دعاه للقول إن الحكم ظلمنا، وهو أمر طبيعي ورد فعل متوقع، ويجب علينا معشر الحكام احترام تلك الآراء أو ترك المجال التحكيمي؛ لأن هذه الانتقادات التي نتلقاها بعد المباريات جزء من عملنا، أما خليل الزياني فهو علم من أعلام الرياضة السعودية، وانتقاده لي لن يدفعني للإساءة له، بل هو تاج على رأسي، وتابعت مداخلته التي أعقبت المباراة بيومين، ووجدت حدة الطرح انخفضت كثيرا عما كانت عليه بعد المواجهة، وبما أنه مسؤول عن الفريق الاتفاقي، فلا بد أن ينفعل بعد أن حقق الفريق الآخر هدف التعادل في آخر ثانية، ولا ينبغي أن نصدم بآراء الآخرين المخالفة لنا؛ لذا علينا أن نكون أكثر ارتقاء، وفريق الاتفاق من الفرق السعودية التي أحترمها، وفي الوقت نفسه يجب علينا عدم مصادرة آرائهم، فاللجنة والمحللون والإعلاميون كل منهم له رأيه، وفي نهاية المطاف ننظر إلى الرأي الصحيح، وللعلم الحكم والمحاضر الدولي المصري جمال الغندور أنصفني في هذا القرار عندما أكد أنه لو كان مكان عباس إبراهيم لاتخذ القرار نفسه؛ حيث شاهد اللقطة وأعادها أكثر من مرة، وقال بالحرف الواحد: إن ما اتخذه الحكم قرار صحيح 200%، وإن كانت هناك اختلافات في هذه الحالة فالقرار الأول والأخير للحكم، كما أنني لم أكسر قانون اللعبة، فرئيس اللجنة عمر المهنا، العالم في الشؤون التحكيمية، قال لي: إن القرار قرارك.. ولم يختلف معي ولله الحمد.

* في حال قام لاعب آخر بالحركة ذاتها التي فعلها محترف الاتفاق، هل ستخرج له بطاقة صفراء؟

- بكل تأكيد، لن أتردد أبدا في إشهار البطاقة الصفراء في وجه أي لاعب يقوم بتلك الحركة، مع الأخذ بعين الاعتبار نوعيتها وكيفية القيام بها، ونحن ليس من مهمتنا محاكمة نوايا اللاعبين، وأرجو ألا يُفهم كلامي خطأ، فهذا النوع من الحالات يختلف وفق ما يراه الحكم الذي يملك صلاحية تقدير الحالة بما يراه مناسبا في اللحظة ذاتها.

* ترددت أنباء عن أن لجنة الحكام الرئيسية أصدرت عقوبة الإيقاف بحقك بعد هذه المباراة، كيف ترى ذلك؟

- لم أتعرض للإيقاف من اللجنة، ولا يوجد أساسا خطأ يستحق أي عقوبة تتخذ في حقي، ولكي تكون على اطلاع ودراية فإن لجنة التحكيم، برئاسة عمر المهنا، لديها شفافية لاتخاذ القرارات حينما ترى أي حكم يخطئ، من دون أن تميز بين شخص وآخر، وهي مستعدة لتطبيق عقوبة الإيقاف حينما يثبت ارتكاب أخطاء مؤثرة غيرت مجرى المباراة، وأنا، ولله الحمد، لم أرتكب خطأ مثل احتساب ركلة جزائية غير صحيحة، أو هدف غير شرعي أثر على سير اللقاء، وهذه الأمور لم تخف على لجنة الحكام التي أوكلت لي قيادة مباراة الشباب والقادسية، أول من أمس، كإشارة منها على رضاها عن أدائي في مباراة الاتفاق والاتحاد، وقدمت في المباراة الأخيرة مستوى مميزا، وسارت المواجهة بصورة سليمة.

* كيف ترى عدم رغبة الاتفاقيين في قيادتك لأي مواجهة مقبلة لهم في هذا الموسم؟

- نحن الحكام نعمل تحت مظلة الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنصاع لجنة الحكام الرئيسية لأي نادٍ؛ كونها لجنة مستقلة، ورئيس اللجنة عمر المهنا يسعى بقدر ما يستطيع لإنجاح العمل التحكيمي في السعودية، ورفع من مستوى الحكم السعودي، وليس من مهمته الرضوخ لما تطلبه الأندية، وحتى في الأوقات التي يغيب فيها عمر المهنا فإنه يعمل لصالح الكرة السعودية، وهو ما يجعله يضع الحكم المناسب لظهور المباراة بأفضل صورة بصرف النظر عما تشتهيه الأندية، وهذا الأمر لمسته بصفتي حكما؛ فأنا عايشت ذلك من خلال احتكاكي بالرجل الكبير عمر المهنا، وتعلمنا منه الشفافية والوضوح في جميع الأمور.

* هل تعتقد أن اللجنة الفنية أنصفتك حينما رفضت طلب إدارة الاتفاق بإلغاء البطاقة الصفراء عن محترفها الأرجنتيني سبستيان تيغالي؟

- لم يحدث بيني وبين اللجنة الفنية أي تواصل حيال هذا الموضوع، ولم يخبروني بأنهم رفضوا الطلب، وأنا مدرك تماما القانون الذي أبني عليه قراراتي التحكيمية، ولو كنت مخطئا في هذا القرار فلن أتردد أبدا في أن أعترف بما قمت به، وهذا ما تعلمناه من لجنة الحكام التي أعطتنا مطلق الحرية في الحديث عما يقع في الملعب بكل جرأة؛ لأن ذلك من شأنه أن يطور مستوى التحكيم السعودي، والرياضة بصفة عامة، وكما قلت سابقا إن مداخلة الحكم الدولي جمال الغندور كانت مؤكدة للقرار الذي ذهبت إليه، وهو رد صريح لكل من يعتقد أنني أخطأت في تقديري.

* احتسبت 4 دقائق وقتا إضافيا في مباراة الاتفاق والاتحاد، وجاء هدف التعادل بعد مرور 40 ثانية من انتهاء الدقيقة الإضافية الرابعة، ما السبب برأيك؟

- لو عدنا لأحداث المباراة، وفي الـ4 دقائق الأخيرة التي احتسبتها بعد نهاية الوقت الأصلي لوجدنا إضاعة للوقت من حارس مرمى الاتفاق قبل تنفيذ الضربة الركنية، مما دعاني إلى منحه بطاقة صفراء إلى جانب إيقاف الساعة؛ لأن من حق الفريق المقابل أن يلعب الـ4 دقائق كاملة، وأنا بكل صراحة أعاهد الله قبل أي مباراة يتم تكليفي بها أن أراعي ضميري في كل قرار أتخذه، على أن يكون القانون هو المصدر الرئيسي الذي أستقي منه تلك القرارات، من دون الأخذ بالاعتبار مشاعر الآخرين التي بكل تأكيد لن تتمكن من إرضاء الجميع لاختلاف ميولهم، وأنا مدرك أن المتابعين سيحترمون قراري حتى لو اختلفوا معي، ولأثبت صدق كلامي فهناك 3 قضايا هاجموني بسببها؛ نظرا لارتكابي أخطاء مؤثرة في المباريات التي كلفت بها، وبعد المناقشات اتضح أن الحق يقف إلى جانبي.

* عاش جمهور الاتفاق لحظات من الغضب بعد مواجهة الاتحاد، مما اضطرك للمكوث داخل الملعب لتتمكن من الخروج! - في الحقيقة لا ألوم الجماهير التي عانت صدمة تعادل فريقها، فالموقف قريب من وفاة شخص عزيز أو تعرضه لحادث، وهو ما يجعل للموقف صدمة تؤثر على الشخص، فأن يدخل في شباكهم هدف في آخر ثانية من الوقت الضائع لا بد أن يكون له مردود غير إيجابي، مما يدفع بعض المشجعين لتفريغ شحناتهم بأساليب غريبة.

* كيف كان رد فعلك بعد أن أدرك الاتحاد التعادل؟

- الهدف قانوني، وأنا متأكد من صحته، مما جعل دخوله في شباك الاتفاق غير مؤثر بالنسبة لي، وكنت أتابع الساعة لحظتها، فالهدف مستحق، ولست من الحكام الذين يضعفون في مثل هذه المواقف، مما يجعلهم ينهون المباريات قبل تسجيل أي هدف في مثل هذه الأوقات.

* هل ترى أن الانتقادات تؤثر في مستوى التحكيم السعودي؟ وما القرار الذي ندمت على اتخاذه؟

- التحكيم السعودي بخير، ولله الحمد، ويجب على الجميع الوقوف مع لجنة الحكام التي تسعى إلى تطوير الحكم السعودي بكل ما تملك من قوة، وعما يخص الضغوط التي تمارس على الحكام من خلال الانتقادات فمن جهتي لا توجد لديَّ أي ضغوط؛ حيث إنني أدخل المباراة من أجل ممارسة هوايتي والاستمتاع بتقديم أداء مميز لي وللجنتي، والدليل أنني في جميع المباريات أكون هادئ الأعصاب، غير متوتر، من دون النظر إلى وقت احتساب القرار سواء أكان في الدقيقة الأولى أم في نهاية الوقت بدل الضائع، والفريق الذي يستحق ضربة جزاء سأحتسبها من دون أي تردد أو خوف، فالقانون يفرض نفسه على الجميع، ولم أندم على قرار اتخذته خلال مشواري التحكيمي، ويمكن أن أخطئ وهذا خارج عن إرادتي ولكن أن أندم فمعنى ذلك أن هنالك تعمدا باحتساب قرار، وهذا مستحيل، وأقسم بالله لن يحصل مع عباس إبراهيم.

* برأيك، هل ترى أن انفعالات مسؤولي الأندية والنقاد الرياضيين عاطفية؟

- لا يمكننا القول إنهم لا يفهمون القانون، بل هي مسألة تسرع امتزجت بقلة ثقافة في الشؤون التحكيمية، والدليل أننا نجد خطابهم الحاد سرعان ما يتغير حينما يهدأ الشخص، والمتابع للانتقادات التي تتضمنها الصحف والقنوات الفضائية يجد أن 70% منها غير صحيحة، والـ30% الأخرى تعتبر جزءا من اللعبة.

* كيف ترى تزايد مطالبات الأندية بوجود الحكم الأجنبي وإبعاد السعودي؟

- الذين يطالبون بحكام أجانب هم من ينتقدون الحكم الأجنبي، وحاليا يطالبون بالحكم السعودي الذي يقدم مستويات جيدة، وما نتعرض له من هجوم أعتبره غير مبرر، وإذا أردنا التحدث بالواقع نجد أن الحكم السعودي هو الأفضل والأكثر تميزا على مستوى الحكام العرب، وحكم الدرجة الأولى بإمكانه قيادة أقوى المباريات، ولكن المشكلة لدينا هي أن الانتقادات تكون على حسب الميول، سواء من الصحافي أو رئيس النادي، فالاتحاديون قالوا إن ضربة الجزاء غير صحيحة، لكنهم رجعوا وقالوا إنها شرعية، فهي عملية تسرع وعدم ثقافة، فلا بد من وجود دورات يقوم الحكم بتثقيفهم فيها بعد أن يثقف نفسه في كيفية التعامل مع الأندية حتى يستطيع الحد من الضغوط والانتقادات المتواصلة.

* ما الرسالة الأخيرة التي تريد توجيهها في نهاية الحوار؟

- أتمنى من رؤساء الأندية والصحافيين عدم التسرع في إصدار أحكامهم على الحكام، والاطلاع على ما يتضمنه القانون من نصوص، وقراءة الوضع التحكيمي في السعودية، وأن يقفوا مع رئيس اللجنة المهنا؛ فهو لا يجامل أحدا على حساب آخر، ويتعامل مع القضايا بكل شفافية ووضوح، وما نتعرض له نحن الحكام يعتبر خسارة ليس على الحكم بل على الرياضة السعودية، فللأسف الآن تقل فرصنا في المحافل الدولية والآسيوية والعربية، والسبب هو ما نتعرض له من انتقادات وهجوم متواصل على المستوى المحلي، فالأخطاء واردة ولا نقبل بها، ونتأثر إذا صدر منا قرار غير صحيح، حتى إنني لا أنام في بعض الأحيان، فالحكم يسعى إلى نجاحه، ومن أنا حتى لا أخطئ أخطاء تقديرية؟ والأمر كذلك بالنسبة لزملائي الحكام، وحتى الحكام الأجانب الذين قدموا إلى الدوري السعودي وقعوا في بعض الأخطاء التقديرية غير المتعمدة؛ فلجنة الحكام تحتاج إلى دعم من الجميع لتواصل عملها بنجاح، لرقي الرياضة السعودية عموما.