السوريون يستقبلون العام الجديد وأعياد الميلاد مبكرا بعرض أجمل نماذج الزينة والأضواء التزيينية

حصول موظفي القطاع العام على يوم الأحد عطلة بالإضافة إلى يومي العطلة الأسبوعية

TT

مع أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وبداية شهر ديسمبر (كانون الأول) تتغير واجهات الكثير من المحلات والأبنية في المدن السورية؛ حيث تبرز الإضاءة التزيينية المعبرة والأشكال الجميلة المختلفة، ولن يستغرق تفكير الشخص وهو يرى كل هذه المظاهر التزيينية طويلا ليعرف سر هذه الزينة، حيث سيدرك مباشرة أن جميعها للاحتفاء بقدوم العام الجديد وأعياد الميلاد، ولكن ربما تساءل ومعه الكثيرون سر السوريين المبكر في التزيين احتفاء بهاتين المناسبتين السنويتين، وسيسمع الإجابة من المعنيين والباعة والمهتمين كما سمعناها من «أبو فادي» أحد أصحاب محلات بيع الهدايا والزينة في منطقة القصاع بدمشق، الذي يقول موضحا لـ«الشرق الأوسط»: من المعروف أن الكثير من السوريين يحملون في طبعهم الاهتمام بالمناسبات والاحتفاء بها، خاصة مناسبة العام الجديد، حيث يستبشرون بها خيرا، ولذلك يحرص هؤلاء على شراء زينة الميلاد ورأس السنة مبكرا قبل نحو شهر، ويعلقونها على واجهات المحلات وشرفات المنازل حتى تنتهي المناسبة فيزيلونها، ولذلك نستعد كباعة وحتى أصحاب البسطات في الأسواق لعرض مستلزمات الزينة مبكرا أيضا، وهي بشكل خاص الأشجار المختلفة الأحجام والأنواع والطابات والجوزة والنجمة والمصابيح ونماذج مختلفة لبابا نويل، وغير ذلك، وهي عادة تكون إما مستوردة أو مصممة محليا من قبل حرفيين متخصصين، ولكن تكون المحلية عادة أسعارها أعلى من تلك المستوردة، ولذلك معظم ما يعرض، خاصة على البسطات، هي مواد زينة صينية الصنع رخيصة الثمن قياسا بغيرها. ويوافق أبو فادي بائع آخر عرّفنا بنفسه بأبو إلياس في منطقة القشلة بدمشق القديمة قائلا: يحرص كل بائع منا على وجود مستلزمات زينة الميلاد ورأس السنة مبكرا، لأن الكثير من الناس يطلبونها بشكل مبكر وحتى لا تكسد البضاعة لدينا، لأن موديلات ونماذج هذه المناسبة تتغير كل عام، فلذلك نعمل على بيعها جميعها وبأسعار مقبولة، وتحقق لنا ربحا جيدا.

وإذا كان بائعو مستلزمات الزينة ينشطون ويعتبرون الشهرين الأخيرين من العام موسمهم، فإن هناك بائعين آخرين يعتبرونها أيضا أحد المواسم المهمة لهم، وهم باعة الشوكولاته والملبس واللوزينا. تقول أمل إبراهيم، وهي بائعة في محل لبيع الشوكولاته الفاخرة بسوق القصاع: نعرض في هذه المناسبة نماذج خاصة بأعياد الميلاد ورأس السنة حيث يقوم العاملون في معمل الشوكولاته بتصميم أنواع من الشوكولاته واللوزينا الفاخرة (وهي نوع من الحلويات الجافة التي اشتهر بتصنيعها أهالي مدينة حلب واللاذقية منذ سنوات طويلة وتحضر من عجينة ثمار اللوز الأخضر مع الدقيق وتأخذ ألوانا متعددة وبشكل خاص الأبيض والأخضر كما تحضر بنماذج مختلفة يغلب عليها نموذج يسمى الأصابع مع ابتكار نماذج أخرى كثيرة تبعا للمناسبة) وتأخذ الشوكولاته واللوزينا أشكالا خاصة لطيفة ومنها نماذج لشجرة الميلاد والمغارة وبابا نويل - بالتأكيد تؤكل هذه النماذج وهي بمذاق لذيذ. تضحك أمل معلقة وهي ترينا ما تعرضه في واجهة محلها من نماذج المناسبة!. وتتابع موضحة: لا نكتفي ببيع هذه النماذج بل نحرص وبالاتفاق مع حرفيي الشرقيات ومصنعي علب الشوكولاته على تصميم أنواع خاصة من العلب خاصة بالمناسبة أيضا بحيث توضع فيها قطع الشوكولاته والملبس واللوزينا بشكل جميل، وتكون مصممة للاحتفاء بالمناسبة من حيث شكلها الخارجي وطريقة تصنيعها الذي يكون إما من الموزاييك الدمشقي المصدف أو من الخزف الجميل البديع الشكل. وهذه العلب مع ما بها من شوكولاته يشتريها الكثير من الناس بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة ليتفاخروا بمنظرها الجميل أمام ضيوفهم، خاصة أن سعرها يكون مرتفعا بسبب الجهد المبذول في تصنيعها كما يقومون بتقديمها كهدايا لبعضهم في هذه المناسبة.

وكما يتبارى محضرو زينة الميلاد ورأس السنة ومحضرو الشوكولاته بتقديم الأجود لهذه المناسبة، فإن جهات أهلية ومؤسسات خاصة تتبارى أيضا بعرض أكبر شجرة لأعياد الميلاد حيث تفوقت هذا العام مدينة صافيتا في منطقة الجبال الساحلية السورية إذ أنجز أهلها أكبر شجرة ميلاد بلغ ارتفاعها 18 مترا ونصف المتر، قطر قاعدتها 5 أمتار وحملت 3200 لمبة تزيينية كما نفذ أهالي المدينة مغارة الميلاد بمساحة 6 أمتار مربعة وتم تصميمها بنوع من الحجارة السمراء القديمة المكسوة من الداخل بالورق بما يشبه الصخر الحقيقي.

وكما يحتفي السوريون مبكرا بقدوم العام الجديد فهم يحرصون أيضا على استقباله في سهرات عامة وخاصة محتفين به مستبشرين خيرا منه، ولذلك يلاحظ المتجول في شوارع المدن السورية كثرة الإعلانات والتبكير في الإعلان عنها لإقامة حفلات الميلاد ورأس السنة في المطاعم والفنادق مع مطربين محليين من علي الديك وشقيقه حسين ووفيق حبيب وحتى سمارة السمارة وغيرهم، ومطربين عرب مشهورين، ومنهم الفنان المصري عمرو دياب وغيره. ولكن معظم هذه الحفلات العامة التي يقدم معها العشاء والطرب تكون أثمان الدخول إليها مرتفعة الثمن، خاصة في الفنادق والمطاعم الشهيرة، حيث تتراوح الأسعار للشخص الواحد ما بين 2000 و8000 ليرة سورية (نحو 40 و180 دولارا أميركيا) وهذه مبالغ لن يتمكن من دفعها إلا الميسورون والأثرياء، أما أصحاب الدخل المحدود والموظفون فيفضلون قضاء ليلة رأس السنة في المنزل. يقول حميد أسعد، موظف لدى جهة عامة، لدي أسرة مكونة من 5 أولاد، أي معي ومع زوجتي نصبح 7 أشخاص، ففي حال قررت أن أسهر ليلة رأس السنة في مطعم بأقل سعر دخول ممكن، سأدفع 14 ألف ليرة. طبعا هذا مبلغ كبير لن أتمكن من دفعه لأنه يعني أنني سأعيش طيلة شهر يناير (كانون الثاني) بأقل من سدس معاشي أي بـ4 آلاف ليرة. ولذلك ومنذ سنوات كثيرة أسهر مع عائلتي في المنزل ونشاهد حفلات رأس السنة على الفضائيات ونتناول طعام العشاء الذي تحضره زوجتي في المنزل ولمختلف الأنواع التي تقدم عادة في الفنادق والمطاعم ولا يكلفنا ذلك أكثر من 2000 ليرة أي ما يعادل تكلفة شخص واحد يريد أن يسهر في هذه المطاعم.

الشيء المفرح هذا العام لحميد وزملائه من موظفي القطاع العام في سورية أن الحكومة السورية قررت منحهم يوم الأحد 26 ديسمبر عطلة بمناسبة أعياد الميلاد، على الرغم من أنه يأتي في يوم العطلة الأسبوعية المعتاد، أي يوم السبت، ولكن لأنه جاء في العام الماضي وهذا العام في يومي العطلة الأسبوعية للعاملين في الدولة، أي في يومي الجمعة والسبت، فقد قررت الحكومة منحهم يوم الأحد، وهذا يساهم - يقول حميد - في لمّ شمل الأقارب في هذه المناسبة، خاصة لمن يريدون السفر من دمشق إلى مدنهم وقراهم حيث سيكون لديهم 3 أيام عطلة.. هذا أمر جيد ومريح، يعلق حميد مبتسما.