مدارس لتعليم اللغة الهيروغليفية والفنون بمتاحف القاهرة

تسعى لربط الأطفال بالمتاحف وتعليمهم الفنون التراثية

في محاولة لربط الأطفال بتراثهم وثقافتهم ونشر الوعي التاريخي والفني انشئت مدارس لتعليم اللغة الهيروغليفية والفنون بمتاحف القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

في محاولة لربط الأطفال بتراثهم وثقافتهم ونشر الوعي التاريخي والفني بينهم، قامت إدارة التنمية الثقافية بالمجلس الأعلى للآثار بتجربة رائدة، هي افتتاح فصول لتعليم بعض اللغات القديمة والتدريب على الكتابة بأنواع مميزة من الخطوط، إضافة إلى تدريس الرسوم والموسيقى. تعليم مثل هذه الفنون أصبح موجودا داخل عدة متاحف مصرية، كل حسب مجاله وتخصصه.

المتحف المصري الذي يضم آثارا فرعونية تدرس فيه اللغة الهيروغليفية (اللغة المصرية القديمة)، والمتحف الإسلامي ويدرس فيه الخط العربي والرسم على الزجاج والخزف، أما المتحف القبطي فتدرس فيه اللغة القبطية القديمة، إلى جانب اللغة الهيروغليفية أيضا.

وتعليم هذه «العلوم» يهدف إلى تشجيع الأطفال على زيارة المتاحف والارتباط بها ورفع الوعي تجاه الآثار والاهتمام بها، إضافة إلى تعريفهم بقيمة التراث وأهميته في الحياة وضرورة الاهتمام به والحفاظ عليه من خلال إشراكهم في أنشطة تعليمية وفنية مرتبطة بالتراث والمتاحف.

محمود سامي، الأثري بالمجلس الأعلى للآثار، مدرس اللغة الهيروغليفية بالمتحف المصري، أشار إلى أن هذه الفصول تستهدف مرحلتين، الأولى للأطفال من سن 8 إلى 13 سنة والثانية من سن 13 إلى 18 سنة. وبدأت فكرة هذه الفصول منذ عدة سنوات لأهداف كثيرة، أهمها ربط الأطفال بتاريخهم، قائلا: إن الأمر يشبه محاولة ربط الأجيال الجديدة بالتاريخ القديم عن طريق التعلم والاستمتاع وقضاء الوقت في شيء مفيد وهو ما يحدث بالفعل.

وأشار سامي بقوله: نحن نحرص على تعليم الأطفال بشكل بسيط ومحبب إليهم.. بالنسبة إلى اللغة الهيروغليفية، فنحن ندرس لهم الرموز والأسماء والأصوات الخاصة بها. ونبدأ في تعليمهم تدريجيا كيفية استخدامها في أمور بسيطة مثل كتابة أسمائهم أو كتابة أشياء بسيطة. كما أن الأمر يكون ممتعا جدا للأطفال عند اكتشافهم أن هناك بعض الكلمات التي لا تزال حية ونستخدمها في حياتنا اليومية حتى الآن، على الرغم من مرور آلاف السنين عليها، ويعود أصل بعضها إلى كلمات هيروغليفية مثل «وحوي» التي تعني «ما أجمل القمر» وهو تعبير يستخدمه الأطفال حتى يومنا هذا في شهر رمضان.

وتابع الأثري سامي، موضحا أن عملية التعليم في المتحف تتضمن أيضا «تدريب الأطفال على النطق الصحيح للكلمات الفرعونية، مشيرا إلى أن الكثير من الناس تعودوا على النطق الدارج للكلمات أو لأسماء الملوك والملكات المشهورين من دون أن يعرفوا الصواب أو يعرفوا المعنى المقصود بهذا الاسم أو ذاك؛ لأنهم لو فهموه لاختلف الأمر لديهم من مجرد اسم إلى الهدف والمعنى المقصود منه، مثل اسم «رمسيس» على سبيل المثال، التي ينطقها الناس هكـذا بالطريقة الدارجـة، ولكن الصواب هو «رع - مسيس»، نسبة إلى الإله رع الذي كان يعبده الفراعنة وقتها.

وقال سامي: إن اسم «أمنحتب» الذي ينطقه الناس بهذا الشكل، يتعلمه الأطفال هنا بالطريقة الصحيحة، وهي «آمون _ حتب»، وذلك نسبة للإله آمون معبود المصريين وقتها. فإذا عرف الأطفال بعض هذه المعلومات البسيطة فإن هذا بلا شك سيؤثر تأثيرا كبيرا جدا على علاقتهم بالآثار المصرية واللغة الهيروغليفية والتاريخ بشكل عام.

وعن مراحل التعليم في مثل هذه المداري «المتحفية» قال سامي إن التعلم يستغرق في البداية ستة أشهر تقريبا، يجتاز بعدها الطفل مرحلة جيدة من التعلم ويكون وقتها قادرا على القراءة الهيروغليفية بشكل معقول وينتقل بعدها لمستوى أعلى إذا أراد استكمال تعلم اللغة الهيروغليفية، وأنه يتم في هذه المرحلة الاستعانة بمتخصصين في الفن لتعليمهم رسم الأشكال والرسوم الفرعونية بطريقة صحيحة كما نستعين بطلبة ومعيدين من كليات الفنون لتعليم الرسم للأطفال في الفصول الخاصة بتعليم الرسم.

ويعطى الأطفال نتائج رائعة في الأعمال الفنية على اختلاف أشكالها. كثير منهم يميل إلى الرسم والتلوين والأشغال الفنية. ويتم عمل مسابقات للأطفال على مدار العام لتشجيعهم من ناحية ولإذكاء التنافس بينهم ما يدفعهم إلى التجويد والاهتمام بأعمالهم. وتنظم الدورات التعليمية والتدريبية إدارة التنمية الثقافية بالمجلس الأعلى للآثار.