تمكن الفنان التونسي لطفي بوشناق من جلب أعداد غفيرة من الجمهور الذي حضر لمتابعة سهرة جمعت أسماء عربية طربية وهي: غادة رجب من مصر، وفلة العبابسة من الجزائر، وحاتم عمور من المغرب، والفنان السوري شادي عبد الكريم.. تكريم الفنان التونسي الموطن والعالمي الإشعاع مثل مفاجأة سارة لكل الحاضرين، فالكثير منهم لم يكن على علم بذلك الكم الهائل من الأغاني التي أداها طوال مسيرة غنائية فاقت الثلاثين سنة.
كل الأغاني أهديت لمسيرة فنان لا يختلف اثنان حول ثراء مسيرته وقدرته على التميز إلى جانب نجاحه في الغناء بلغة شعوب كثيرة في العالم.. السهرة بدأها السوري شادي عبد الكريم بأغان وموشحات ومواويل أداها لطفي بوشناق في فترة ما من مسيرته الفنية على غرار أغنية «كل ما فيك حبيبي» وموشح «عش كما شئت» وموشح «جرب يا صغيري همسة الشوق وآثار الحنين»، ثم موال «أشكو الغرام»، واختار المغربي حاتم عمور أداء أغنيتين من أغاني لطفي بوشناق هما «قدام المرايا» و«نساية»، أما الجزائرية فلة العبابسة فقد اختارت أداء أغنيتي «هذي غناية جديدة» و«عجيبة الدنيا وغريبة يا إنسان».
هذا الجزء من العرض الفني العربي الذي دار حول أغاني الفنان التونسي لطفي بوشناق حضره كل من المصرية شريفة فاضل وعفاف راضي والملحن المصري صلاح الشرنوبي، وقد تفاعلوا مع العرض وأبدوا اهتماما بما كان يؤدى، خاصة باللهجة التونسية التي قليلا ما تطرح بها الأغاني الناجحة، هذا إلى جانب حضور التونسي شريف علوي ونبيهة كراولي، ثم تغير النسق مع المصرية غادة رجب التي تميزت بذكاء اختيارها لأداء موشح بالعربية الفصحى من تلحين بوشناق بعنوان «أحبك حبين»، فأطربت بصوتها العذب وأقنعت بأدائها المميز، وأظهرت ما تتمتع به من إمكانيات وطاقات صوتية كبيرة جعلت الجمهور ينتشي بما أدته من طرب أصيل.
الجمهور الوافد على المسرح البلدي بالعاصمة التونسية كان متعطشا للقاء لطفي بوشناق، الذي أسعد الحاضرين بأدائه لأغان بعيدة عن المعروف والمألوف من أغانيه، فتغنى بأغنية «تبدي الحكاية» ثم أغنية «لو كان الريح جناحاتي» ثم جاء الدور على أغنية «خدعني الزمان ووجعني» وهي أغنية جديدة أدمج في تلحينها آلة المزود المستعملة في الألحان الشعبية، وهي من المرات القلائل التي يعمد خلالها بوشناق لهذه الآلة النفخية.
كما غنى بوشناق لجمهور متعطش لأداء مختلف، أغنية «لمتاش نحبك في الخافي» إلى جانب أغنية «يا جنينة»... وانتشى الجمهور وسعد وبكى بعض الحاضرين سعادة وحبورا وهم يستمعون لكل من فلة العبابسة وغادة رجب في أداء أغنيته الشهيرة «العين اللي ما تشوفكشي» التي أداها في السابق مع اللبنانية ميشلين خليفة فلاقت نجاحا كبيرا.
بوشناق اختتم الحفل بأداء جماعي مع بقية الفنانين لأغنية «احنا الجود احنا الكرم» التي طوع بعض جملها وكلماتها ليجد كل عربي نفسه في تلك العبارات وهو ما مثل لحظات ستبقى في ذاكرة الجمهور المواكب لفعاليات أيام قرطاج الموسيقية في دورتها الأولى فمثل هذه السهرات حولت ليالي الشتاء الباردة إلى ما يشبه الدفء الإنساني الذي لا تنضب جداول حرارته.