الجليد يربك حركة السفر الأوروبية مجددا

آلاف المسافرين في المطارات الفرنسية والبلجيكية بانتظار إقلاع رحلاتهم بعد أن عرقل الجليد إجازات الميلاد

راكبان يغادران سيارتهما بعد أن أعاقتها الثلوج عن السير شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
TT

أخلت السلطات الفرنسية من محطة «إف» في مطار شارل ديغول، شمال باريس، أمس، نحو 2000 مسافر، خشية انهيار السقف عليهم بسبب ثقل الجليد المتجمع على سطحه. وكانت إحدى محطات المطار الجديدة قد تعرضت، سابقا، لحادث انهيار سقفها مما تسبب في وفاة مسافرة لبنانية وجرح آخرين. وتسبب هطول الثلوج في شل حركة المرور والنقل العام في محيط العاصمة، وكذلك في انقطاع التيار الكهربائي عن آلاف المنازل في مناطق كثيرة. وهذه هي الموجة الثالثة التي تمر على الفرنسيين منذ بدء الشتاء الحالي.

وتحول المطار الأكبر في البلاد، ليلة أمس، إلى عنابر للنوم تصطف فيها الأسرّة المرتجلة التي يرقد عليها آلاف المسافرين ممن تعطل إقلاع طائراتهم بسبب الثلوج التي تغمر المدارج. وكانت فرق الدفاع المدني قد استنفرت أفرادها ومعداتها من الأسرّة الميدانية والأغطية لنجدة من يحتاج إلى الرقاد من النساء الحوامل والأطفال والمسنين.

وألغت سلطات المطار نصف الرحلات التي كان من المقرر أن تقلع منه قبل ظهيرة أمس، وذلك بسبب الهبوط غير العادي لدرجات الحرارة والنقص في سائل «الغليكول» الذي يستخدم لإذابة الجليد المتجمع على الطائرات الرابضة في ساحاته. وحسب وزير الدولة لشؤون النقل، فإن ما تبقى في المخازن من هذه المادة يكفي لإزالة الصقيع عن 200 طائرة فحسب، بينما ينتظر المسؤولون عن المطار وصول شحنات إضافية من «الغليكول» من ألمانيا والولايات المتحدة.

وبسبب تأخر إقلاع 400 رحلة، وجد قرابة 7000 مسافر أنفسهم محاصرين في المطار قيد الانتظار. وكان 2000 منهم قد باتوا ليلة الجمعة داخل أروقة المطار بعد أن زودتهم شركات الطيران ببطانيات وما يحتاجون إليه من وجبات صغيرة. ونقلت كاميرات التلفزيون معاناة العائلات التي يرافقها أطفال رضع، ممن افترشوا الأرض بعد أن كانت كل أسرة تمني النفس بقضاء إجازة أعياد الميلاد بين الأهل والأقارب لا في صالات المطار.

وقد كرست جميع نشرات الأخبار الإذاعية والتلفزيونية في فرنسا عناوينها، أمس، لمتابعة تطورات الموجة الجديدة للصقيع التي تضرب الأجزاء الشمالية والشرقية من البلاد. ولم تنفع الاحتياطات التي كانت السلطات قد اتخذتها لمواجهة الطقس العاصف والصقيع الذي جعل من الطرقات ساحات للتزلج، خصوصا بعد أن أوشكت مخازن الملح المستعمل لإذابة الجليد، على النفاد. وتأتي المستشفيات في صدارة المؤسسات التي لها الأولوية في توزيع أكياس الملح. وأوضحت مصادر في وزارة النقل أن أجهزة الوزارة تعمل بجد لتأمين عطلة عيد الميلاد، اليوم، لكن الأمر قد يتحول إلى أزمة فعلية في حال استمر هطول الثلج في الأسبوع المقبل. ويتواصل هطول المطر الثلجي منذ يومين في باريس وضواحيها والمناطق الشمالية الشرقية من فرنسا، مما يشل جزءا كبيرا من حركة الطيران والقطارات والسير على الطرقات البرية الخارجية.

وتفقدت وزيرة النقل والبيئة ناتالي كوشيوسكو موريزيه وسكرتير الدولة للنقل تياري مارياني منتصف ليل الخميس/ الجمعة إلى مطار رواسي الذي يبعد نحو ثلاثين كيلومترا عن باريس.

وقالت وزيرة النقل لوكالة الصحافة الفرنسية: «تم إلغاء 58 رحلة بعد ظهر الخميس في رواسي، خصوصا بسبب مشكلة إزالة الجليد عن الطائرات» التي تأخر إقلاعها لفترات طويلة بسبب الثلوج الملتصقة والثقيلة.

وأضافت أن «58 رحلة تعني ستة أو سبعة آلاف مسافر»، بينهم 2000 كانوا لا يزالون في المطار عند الساعة 1:30، أمس، الجمعة، في المطار. وحذرت وزيرة النقل من أنه «حسب تقديرات غير دقيقة، نصف هؤلاء المسافرين لن يتمكنوا من السفر»، الجمعة. وقال مصدر ملاحي إن بعض المسافرين العالقين في المطار نقلوا إلى فنادق مجاورة وصالتين مجاورتين فتحتا لمواجهة الوضع. وقدمت هيئة مطارات باريس 500 سرير، بينما وزع الدفاع المدني 300 سرير على العالقين في المطار. كما وزعت آلاف الأغطية على هؤلاء المسافرين.

وأعلنت شركة الطيران الفرنسية «إير فرانس» أنها «وضعت 3500 غرفة في فنادق» لركابها الذين ينتظرون رحلاتهم.

وتابعت: «على كل حال ستكون هناك اضطرابات كبيرة، وربما سيتم إلغاء رحلات» أخرى، إلى جانب تلك التي ألغتها إدارة الطيران المدني.

وكانت ناطقة باسم هيئة المطارات قالت إن الطائرات تشهد «تأخيرا لعدة ساعات» نحو منتصف الليل «بسب تباطؤ ذوبان الجليد واستمرار هطول الثلوج».

وأوضحت أن إزالة الجليد تتطلب عادة 14 دقيقة لكل طائرة، لكن في هذه الأحوال الجوية تطلب ذلك 25 دقيقة لكل طائرة.

وفي لندن التي نالت نصيبها من التأخير والتعطيل في حركة النقل الجوية والبرية بسبب العواصف الثلجية التي ضربت البلاد، أعلنت إدارة مطار هيثرو في لندن عن إطلاق تحقيق خارجي بعد الفوضى التي سببتها الثلوج وأدت إلى توقف مئات الطائرات في واحد من أهم مطارات أوروبا قبل عيد الميلاد.

وقالت الهيئة التي تتولى إدارة المطار إن التحقيق سيجريه خبراء بينهم مسؤولون سابقون في مطارات أميركي وأوروبي وكندي، موضحة أنهم «سيتمتعون بحرية كاملة لدراسة الوقائع وتقديم توصيات».

وصرح مدير عام الهيئة، كولن ماتيوز، أن الفريق «سيطلع على الجوانب التي لم تعمل في هيثرو، وسيدرس قدرتنا على الاستعداد ومواجهة الأحوال الجوية السيئة بفاعلية أكبر».

وكانت حركة النقل الجوي في مطار هيثرو توقفت بسبب الثلوج في نهاية الأسبوع الماضي، مما اضطر آلاف المسافرين للبقاء عدة أيام في قاعات الانتظار.

وقد استؤنفت حركة النقل بشكل شبه طبيعي يوم الخميس.

وقال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إنه يشعر بالاستياء لتأخر تحسن الوضع في المطار.

وفي ألمانيا أعلن متحدث باسم شركة السكك الحديدية الألمانية «دويتشه بان»، أمس، عن إعادة فتح الخط الحديدي بين العاصمة برلين ومدينة هانوفر شمال البلاد بشكل جزئي.

كانت السكك الحديدية الألمانية أعلنت في وقت مبكر من صباح أمس إغلاقا كاملا لهذا الخط بعد أن اضطرت خمسة قطارات سريعة، فضلا عن قطار بضائع، إلى التوقف منذ منتصف الليل، بالتوقيت المحلي، على هذا الخط جراء هطول الجليد بغزارة، الأمر الذي أدى إلى تغطية أسلاك الكهرباء العلوية بالثلج.

وأعلن المتحدث باسم الـ«دويتشه بان» إعادة افتتاح الخط المتجه من برلين إلى هانوفر، وتحرك أول القطارات إلى هانوفر في السابعة والنصف من صباح اليوم بالتوقيت المحلي.

ولا يزال الخط المقابل من هانوفر إلى برلين، وفق ما صرح به المتحدث، مغلقا.

وأشار المتحدث إلى إرسال الـ«دويتشه بان» قاطرات ديزل لجر القطارات المعطلة على الخط الحديدي الذي يعتبر واحدا من أهم خطوط السكك الحديدية في ألمانيا ويبلغ طوله 258 كيلومترا.

وأدى تساقط الثلوج بغزارة في جميع أنحاء بلجيكا إلى ارتباك حركة النقل سواء بالنسبة للمطارات أو السكك الحديدية والسيارات. وتقرر منع الطائرات من الهبوط أو الإقلاع من مطار العاصمة البلجيكية حتى الساعة الرابعة بعد ظهر الجمعة على أن يعاد النظر في القرار بعد تقييم الموقف، وقال المتحدث باسم المطار، فاندر كرويس، إن عمليات تقديم المساعدة التقنية والخدمات للطائرات التي تستعد للإقلاع تأخذ وقتا طويلا نظرا إلى برودة الطقس وكميات الثلج المتساقطة وأعلن مطار بروكسل أن تساقط الثلوج بكثافة تسبب في استخدام مدرج واحد فقط. واضطر أعداد من الركاب إلى المبيت مساء الخميس في مطار بروكسل وألغيت 80% من الرحلات ومن المتوقع أن تظل أعداد أخرى في المطار بعد تأخير موعد مغادرتهم.

وقال في بيان: «لدينا حالات تأخير وإلغاء، لذا يرجى التحقق من المعلومات قبل القدوم إلى المطار، ولدينا في الوقت الحالي القدرة الكافية للتعامل مع حركة الرحلات القادمة، ولا نقبل سوى بعدد قليل من الرحلات الجوية».

وقالت الشرطة الفيدرالية إن ظروف القيادة على الطرق في جميع أنحاء البلاد صباح الجمعة خطيرة جدا حيث أبلغت وسائل الإعلام عن سلسلة من الحوادث وطلبت السلطات من الناس البقاء في منازلهم وتجنب السفر قدر الإمكان. وفي بروكسل تأثرت خدمات الحافلات والترام أيضا بشدة مما أصاب حركة النقل ومختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية بشلل شبه تام في بلجيكا، وقالت الإذاعة البلجيكية إن حركة النقل العام توقفت بشكل تام في العاصمة بروكسل، بينما انقطعت حركة المرور بين بلجيكا وألمانيا وبلجيكا ولكسمبورغ.. وأصدرت السلطات تعليمات صارمة بمنع الشاحنات من التنقل، وقالت إنه تم استهلاك كميات الأملاح الخاصة بتذويب الثلوج في غالبية المناطق، وهي نفس الحالة المسجلة في الدول المجاورة مثل ألمانيا وفرنسا.