طهران تطلق سراح عدد من كبار قيادات «القاعدة» لتنشيط العمليات في أفغانستان

الناتو: مهرب الأسلحة المعتقل في قندهار ليس من أعضاء حرس الثورة الإيراني

سيف العدل وأبو محمد وأبو غيث
TT

قالت قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف) أمس إن شخصا يشتبه بأنه مهرب أسلحة في جنوب أفغانستان لا ينتمي إلى الحرس الثوري الإيراني. وأضاف التحالف أن تقارير مخابرات أولية أفادت بأن الرجل من أفراد قوة القدس التابعة للحرس الثوري المتخصصة في العمليات خارج إيران لكن تأكد في وقت لاحق أنه ليس كذلك. وقالت «إيساف» في بيان: «تبين أنه على الرغم من أن الرجل قد تكون له صلة بالكثير من المنظمات المرتبطة بالمتمردين فإنه ليس من أفراد قوة القدس». ولم تذكر «إيساف» جنسية المعتقل. وألقت قوات أفغانية وأخرى تابعة للتحالف القبض على المشتبه به في غارة ليلية يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) بمنطقة زهاراي في إقليم قندهار الجنوبي الذي نشأت فيه حركة طالبان ووصفته القوات بأنه من كبار من يسهلون لطالبان الحصول على الأسلحة.

وذكرت «إيساف» في بيان في وقت سابق أن: «الفريق الأمني المشترك استهدف على وجه التحديد الشخص المسؤول عن تسهيل حركة الأسلحة بين إيران وقندهار من خلال إقليم نمروز. وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي إيران بمحاولة زعزعة الاستقرار في أفغانستان. وتنفي طهران دعمها لجماعات متشددة في أفغانستان وتلقي باللوم على وجود القوات الغربية في تدهور وضع الأمن بأفغانستان. وأضافت أنها تشتبه بأن الرجل «يقوم بتسهيل تحركات لنقل أسلحة بين إيران وقندهار عن طريق ولاية نمروز» الحدودية مع إيران. وتابعت «إيساف» أن «الاستخبارات قالت إنه عضو في فيلق القدس» وعلى «علاقة مباشرة بقادة طالبان في المنطقة». إلى ذلك ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية الجمعة أن إيران أطلقت سراح عدد من كبار قياديي «القاعدة» ليعيدوا بناء التنظيم الإسلامي على الحدود بين أفغانستان وباكستان. وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين باكستانيين ومن الشرق الأوسط طلبوا عدم كشف هوياتهم إن السلطات الإيرانية تقدم مساعدة سرية لناشطي «القاعدة» في حربهم على قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان المجاورة.

وأكد مسؤول كبير في الاستخبارات الباكستانية للصحيفة «في مناسبات عدة، يساعدهم أعضاء في حراس الثورة الإيرانية».

إلى ذلك كشف الإسلامي الليبي نعمان بن عثمان عضو مجلس شورى الجماعة الليبية المقاتلة السابق كبير محللي مؤسسة «كويليام» البريطانية لمكافحة التطرف لـ«الشرق الأوسط» أن إيران أطلقت سراح المصري سيف العدل المسؤول العسكري لـ«القاعدة» المدرج على لائحة الإرهابيين المطاردين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) الأميركي لتورطه في الاعتداءين على السفارتين الأميركيتين في شرق أفريقيا في 1998، وسيف العدل مصري في أواخر الثلاثينيات من عمره، ويشغل رئيس جهاز الأمن لدى بن لادن.

ويعتقد أنه اضطلع بمعظم مهام القيادي الراحل في القاعدة، محمد عاطف (أبو حفص المصري). وكان سيف العدل ضابطا سابقا في الجيش المصري لكنه التحق بالقتال ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان. كما يشتبه في أنه درب متشددين على استخدام المتفجرات ودرب بعضا من خاطفي الطائرات في 11 سبتمبر (أيلول). وكذلك أفرجت طهران عن القيادي أبو الخير الموجود اسمه على لائحة الـ85 للمطلوبين في السعودية، وأبو محمد المصري خبير المتفجرات قيادي جماعة «الجهاد المصرية» الموجود اسمه على لائحة المطلوبين في تفجير السفارتين. ويعتقد أن الاسم الذي يستخدمه أبو محمد بحسب مصادر أميركية هو عبد الله أحمد عبد الله، وأن سنه أربعون سنة. أدار معسكرات تدريب القاعدة في أفغانستان، ومن بينها معسكر الفاروق بالقرب من قندهار. ويعتقد أن له يدا في تفجير السفارتين الأميركيتين في أفريقيا. وقال مسؤولون باكستانيون لـ«التايمز» إن سيف العدل عين أخيرا قائدا للعمليات في أفغانستان وباكستان. وقالت المصادر نفسها إن إيران أطلقت أيضا سراح الكويتي سليمان أبو غيث الذي كان الناطق باسم «القاعدة» عند وقوع اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 والقيادي أبو الخير وثلاثة من أفراد عائلة زعيم «القاعدة»، ومحمد عبد الله حسن أبو الخير، صهر أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، يتهم بكونه أحد المسؤولين الماليين في شبكة القاعدة. ويسمى المتحدث باسم «القاعدة»، وهو كويتي يعتقد أنه في منتصف الثلاثينيات. وكان سليمان أبو الغيث يعمل مدرسا للدراسات الإسلامية، وغادر الكويت عام 2000. ونزعت عنه الجنسية الكويتية بعد أن ظهر على قناة «الجزيرة» متوعدا بالرد على القصف الجوي الأميركي لأفغانستان. ويظهر بن لادن وهو يمزح معه في أحد الشرائط المصورة التي بثت بعد 11 سبتمبر. وكان عمر بن لادن أحد أبناء أسامة بن لادن صرح لـ«الشرق الأوسط» في يوليو (تموز) الماضي أن عشرين من أفراد عائلته محتجزون في إيران، موضحا أن طهران ترفض مناقشة مصيرهم مع السعودية. لكن صحيفة كويتية ذكرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن عددا من قادة التنظيم بينهم أبو غيث غادروا إيران إلى اليمن. وقال ابن عثمان في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «إن عددا كبيرا من قياديي (القاعدة) لجأوا إلى إيران إثر الغزو الأميركي لأفغانستان في 2001»، مشيرا إلى أن بعض الجماعات الأصولية المصرية كان لها علاقة بإيران حتى قبل هجمات سبتمبر 2001 مثل «الجماعة الإسلامية المصرية»، حيث كان يعيش في طهران أبو خالد (محمد شوقي الإسلامبولي شقيق قاتل الرئيس السادات والرئيس السابق لمجلس شورى الجماعة الإسلامية)، وكان يسافر إلى طهران أيضا أبو حازم (مصطفى حمزة المسؤول السابق لمجلس شورى «الجماعة الإسلامية» مهندس عملية محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995) الذي كان يتنقل بين السودان وطهران، وكذلك رفاعي طه (أبو ياسر) الذي اعتقل لاحقا في سورية. وقال ابن عثمان إن جماعات إسلامية عبرت الحدود من أفغانستان باتجاه إيران تبحث عن المأوى باعتبار أن إيران لن يكون موقفها مؤيدا للولايات المتحدة رغم أن إيران ساهمت في إسقاط طالبان نهاية عام 2001. وقال «إن الأفغان العرب بما فيهم أولاد بن لادن كان في وضع الاحتجاز تحت الإقامة الجبرية، وكان يسمح لهم بإرسال شخص لشراء حاجياتهم من الأسواق، وشرعت في عملية تصنيف للأشخاص المهمين بين الأفغان العرب بعد أن وضعت عيونا وجواسيس وعملاء بينهم لتسجيل ما يدور من أحاديث خاصة بينهم، ثم رحلت العشرات منهم إلى بلدانهم الأصلية، وأبقت على نحو 100 من قيادات الأفغان العرب». وتحدث عن خروج عدد من عوائل الأفغان المصريين الذين فضلوا العودة إلى القاهرة، بدلا من العيش تحت قيود الإقامة الجبرية في طهران، أما أبرز القيادات التي سمح لها بالعودة فهي مصطفى حمزة أبو حازم، حيث سمح له بالعودة من إيران إلى السودان، ومن هناك سلم إلى مصر.

وأوضح أن إطلاق طهران سراح عدد من قيادات «القاعدة» يلقي الكثير من الضوء على طريقة تعامل طهران مع ملف الأفغان العرب أي أن الإسلاميين بما فيهم قيادات القاهرة مجرد «احتياط استراتيجي» يستخدم كورقة عندما تكون طهران في حاجة إليها، ولذلك أطلقت سراح ما بين 20 الـ30 من قيادات «القاعدة» مؤخرا، ضمن فهم إيران لطبيعة الصراع إقليميا ومع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن تردد الحديث عن إطلاق سراح قيادات «القاعدة» يأتي مع تصاعد حدة الخلاف بين باكستان وإيران على خلفية تنظيم جند الله الإيراني السني، حيث تتهم إيران باكستان بدعم ومساعدة هذا التنظيم.