رحل بيرزوت وترك مجموعة متحدة ومتماسكة

ألبرتو تشيروتي

TT

«فلنتقدم أيها الفتيان».. بهذه الكلمات القليلة وحركة من يد القائد دينو زوف تقدم «الفتيان»، مثلما كان يطلق عليهم بيرزوت، بمجرد فتح باب الكنيسة ليحملوا مدربهم القدير على أكتافهم إلى مثواه الأخير. لقد مر 28 عاما منذ ليلة نهائي المونديال السعيدة في مدريد، وحتى ذلك الصباح الحزين في ميلانو، لكن يخيل للمرء أن الزمن قد توقف وهو ينظر إلى أبطال العالم عام 1982 الذين رفعوا مدربهم في الهواء احتفالا بالنصر العالمي وهم يحملونه الآن على أكتافهم وعيونهم مليئة بالدموع. وكان ذلك المشهد المؤثر بمثابة أفضل نهاية لمباراة بيرزوت الأخيرة، التي فاز بها بمجموعة من اللاعبين الذين ما زالوا يحتفظون بانسجامهم وتماسكهم لأنهم رجال حقيقيون اختارهم بيرزوت بعناية ومن دون أن يترك الفرصة لأي ظروف أو أشخاص للتأثير عليه.

لقد كان بيرزوت، الذي يكره الأضواء، يرغب في جنازة خاصة وبسيطة تقتصر على المقربين منه، وقد حصل عليها بالفعل. فبالإضافة إلى زوجته وأبنائه وأحفاده لم يكن هناك سوى جيرانه وأصدقائه الذين يجلس معهم على المقهى، وبائع الخبز وبائع الصحف القريب من منزله، وبدا التأثر على الجميع. وكان الصمت، الذي قطعه تصفيق بمجرد فتح باب الكنسية هو علامة احترام لرجل لم يتفاخر قط بألقابه أو إنجازاته. ولهذا رفضت أسرة بيرزوت الدعوة التي وجهها موراتي عمدة البلدة لإقامة مراسم «غرفة الوداع الأخير» لبيرزوت. فالمدرب القدير لم يكن ليسعد بذلك مثلما لم يسعده هجوم الجماهير على سيارته عام 1982 بعد الفوز بكأس العالم.

لقد كان بيرزوت يرغب في أن يبقى بمفرده وهو الآن بمفرده، في رحلته نحو بلدة باديرنو دادا التي سيوارى فيها الثرى في مقابر أسرة زوجته إلى جانب حمويه اللذين كانا يحبانه كابن لهما. لقد قال لنا بيرزوت ذات يوم «سيبقى إقليم فريولي في قلبي إلى الأبد، لكنني أفضل أن أدفن بالقرب من منزلي حتى يستطيع أحفادي زيارتي عندما يرغبون في ذلك». وقد سار أحفاد بيرزوت خلف جنازته وهم يحتضنون جدتهم، بينما ألقى عليه «فتيانه» الوداع الأخير. اطمئن يا بيرزوت، لقد تركت خلفك مجموعة متماسكة ومتحدة للأبد، وستجد صديقك العزيز غياتانو شيريا في انتظارك.