قراءة في ميزانية المشاريع الكبرى

سعود الأحمد

TT

الحدث الأهم الأسبوع الماضي.. أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 1432/1433هـ. وبهذه المناسبة فإن المواطن يتطلع بتفاؤل وأمل إلى مزيد من العطاء، دعما لكل ما من شأنه أن يعيشه في رفاه وعيش كريم.

فالأرقام تشهد بأن الحكومة السعودية مستمرة في الإنفاق الداخلي (وبسخاء)، وبما يبعث على الأمل والتفاؤل أن تبلغ النفقات المعتمدة 580 مليار ريال، رغم أن الإيرادات تقدر بـ540 مليار ريال، أي بعجز متوقع بحدود 40 مليار ريال، وتقل المصروفات المقدرة لعام 2011 عن تلك التي تم إنفاقها فعليا لعام 2010 بـ46.5 مليار ريال. أما عن المتحقق فعليا.. فقد سجلت ميزانية العام الماضي 2010 فائضا بنحو 108.5 مليار ريال، مقارنة بالتقديرات التي كانت تتوقع تسجيل عجز في الميزانية بـ70 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات 735 مليار ريال بزيادة قدرها 265، كما بلغت المصروفات 626.5 مليار ريال بزيادة قدرها عن المخطط لها بـ86.5 مليار ريال.

ولكي نقرأ ما تحقق.. فإن المتوفر فيما مضى من سنوات قد كون احتياطيا نقديا يقارب 1.6 تريليون ريال، وما ذلك إلا نتيجة النهج الرصين المتحفظ للمالية السعودية في تقديرات وترشيد نفقاتها. ولعله من جانب آخر لتحقيق هدف استراتيجي لخلق حالة من الاستقرار الاقتصادي، والسيطرة على تأثيرات العوامل والتقلبات التي قد تحدث خارج نطاق السيطرة.. وهو نهج راسخ واستراتيجية ثابتة لساسة الاقتصاد السعودي. ولا ننسى ابتكار فكرة المدن الاقتصادية وما تحمله من نقلة نوعية في مجال تنمية المدن والمحافظات وتحويلها إلى مدن حديثة بأعلى المواصفات العالمية. والتركيز على إنشاء مجمعات حضارية متكاملة في شكل مدن صناعية حديثة. هذا الاختيار للمواقع لتكون قريبة من مصافي النفط ومواقع مطلة على مختلف وسائل النقل، والعمل على نهضتها لوجيستيا.

لكن الرسالة التي أود أن أهمس بها في آذان ساسة الاقتصاد.. أن المواطن العادي أو السواد الأعظم من المجتمع السعودي يريد سكنا مريحا وخدمات نقل ونظافة شوارع وأرصفة وأجواء ومدارس كافية ومؤهلة، ومثلها جامعات ومستشفيات وطرقا وفرصا وظيفية ودخلا يمكنه من الجلوس على مائدة يجد فيها ما لذ وطاب دون أن يستدين أو يشتهي أبناؤه طعاما أو شرابا أو ترفيها لا يمكنه توفيره لهم. وعلى سبيل المثال، المواطن يقف مع نفسه في حيرة لماذا مع كل هذا الصرف المحلي المتواتر وبهذه الأرقام المهولة، ومع ذلك يظل دخل المواطن السعودي واقفا على حاله والأسعار وحدها تتسلق السلم أعلى فأعلى؟! ولماذا لا تترجم الأرقام إلى نتائج وتحقيق أهداف؟! وأين هي برامج وإجراءات مساءلة المقصرين. ومن ذلك (على سبيل المثال): ماذا تحقق من خطوات لأجل تذليل الأسباب العشرة التي صرح بها رئيس ديوان المراقبة العامة أسامة فقيه بأنها أعاقت أربعة آلاف مشروع قيمتها 6 مليارات ريال (الاقتصادية 9 مايو/ أيار 2010)! وختاما.. أود التذكير بما قاله خادم الحرمين الشريفين بعد اعتماده موازنة العام المنصرم: «بعض المشاريع ما بينت».. ويوم إعلان موازنة العام قبل الماضي، مخاطبا الوزراء: «ليس لديكم عذر بعد اليوم»، فهل من مجيب؟!

* كاتب ومحلل مالي