العام الجديد ينعش سوق «الروزنامات» في حي الفجالة بالقاهرة

تحتفظ برونقها كهدية محببة رغم مزاحمة «الجوال»

صورة لحركة بيع وشراء «الروزنامات» في الفجالة (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

على الرغم من مزاحمة الهاتف «الجوال» لها، تظل «الروزنامة» - أو التقويم - من الهدايا المحببة والكلاسيكية التي يحرص غالبية المصريين على تبادلها مع الاحتفال بالعام الميلادي الجديد. وهم يرون فيها تعبيرا عن مشاعر الحب أو تجسيدا لأمنيات بمستقبل أفضل ولحظات سعيدة، ناهيك عن جانب المجاملة وكسب ود أو تعاطف الرؤساء في العمل، أملا في الحصول على الترقيات والمنح.

ووسط تنوع الهدايا ما بين دعوات حفلات رأس السنة، أو سهرات أو مآدب عشاء، أو بطاقات معايدة، أو باقات زهور مبهجة، ودخول الهاتف الجوال على خط المنافسة لإيقاعها، تبقى الحاجة إلى الانطلاق مع العام الجديد بروزنامة جديدة أمرا لا مفر منه، لأنه يستحيل تدوين الملاحظات اليومية أو المواعيد المهمة في «روزنامة» قديمة! وفي إحصائية جديدة أجرتها الغرفة التجارية في العاصمة المصرية القاهرة، كشف رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال، أحمد أبو جبل، لـ«الشرق الأوسط»، أن المصريين «ينفقون نحو 400 مليون جنيه سنويا على (الأجندات) والأقلام الدعائية كهدايا للعام الجديد، وذلك على الرغم من تراجع الإقبال عليها نتيجة لاتجاه البعض للتهنئة عن طريق الرسائل النصية على الهواتف الجوالة أو التهنئة عبر البريد الإلكتروني».

وفي حين أكد أبو جبل أنه «لا توجد إحصائيات دقيقة عن حجم الدعاية التي ينفقها القطاع العام على هذه الهدايا سنويا، فإن حجم الإنفاق في هذا الاتجاه تقلص كثيرا نظرا لتأثر القطاع العام بالأزمة الاقتصادية العالمية»، مشيرا إلى أن الشعبة تتجه حاليا للاستعانة بعلماء النفس في تحديد نوعية الهدايا التي تناسب متخذي القرار.

وبصفة عامة، تحتوي «الروزنامات» الأعلى ثمنا، المعروفة بـ«الأجندات» أو «المفكرات»، على دليل لأرقام الهاتف المهمة، ومنها أرقام البنوك والسفارات والقنصليات والمستشفيات والمصالح الحكومية والبنوك وأرقام الطوارئ كالنجدة والشرطة، إلى جانب قائمة بالأعياد الوطنية والدينية والعطلات الرسمية، وعناوين مهمة.. إلخ.

ومع رحيل سنة وحلول أخرى، شهد حي الفجالة في القاهرة، الذي يقع على بعد خطوات من محطة السكك الحديدية وميدان رمسيس الشهير، مراسم ومظاهر توديع عام مضى.. بزحام وتهافت على شراء لوازم الاحتفال بالعام الجديد. فهذه المنطقة تحتضن أكبر تجمع للمكتبات ومخازن ومعدات المكاتب ودور النشر في القاهرة، فضلا عن متاجر لوازم الزينة ولعب الأطفال والهدايا بأسعار تناسب مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية.

وبمجرد زيارتك لحي الفجالة ستلفتك أصوات البائعين وهي تتعالى للمناداة على بضائعهم وترويجها، معلنين عن تخفيضات هائلة بمناسبة السنة الجديدة. وتتنوع أشكال «الروزنامات» لتناسب كل الأذواق والميزانيات، فمنها ما يحمل رموزا دينية إسلامية أو مسيحية، ومنها ما يضم رموزا وطنية أو صورا طبيعية، أو رسوم كارتون محببة للصغار. وتتراوح الأسعار بين جنيه واحد لـ«الروزنامات» الورقية البسيطة التي تعرف محليا بـ«النتائج» والتي تعلق على الحائط، إلى 25 جنيها لتلك التي تتضمن صورا خاصة بكل شهر على حدة، أما «الأجندات» فتتفاوت أسعارها بين 10 و40 جنيها، تبعا لنوعها وجودة تغليفها.

يقول محمد عبد الرازق، أحد التجار في الفجالة، إنه مع بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) يبدأ الإقبال على «النتائج» و«الأجندات». وكل رب أسرة يشتري ما بين 3 إلى 5 لأسرته، وبعض «الأجندات» لأولاده أو لأصدقائه. أما السياح أو الإخوة العرب فهم يحرصون على شراء «النتائج» التي تحمل مناظر طبيعية من مصر، أو صورا للأماكن السياحية في المحافظات المختلفة، ذلك أن بعضها يحمل صور الأهرام والأقصر وأسوان والإسكندرية والغردقة وشرم الشيخ، وهي بجانب دورها الوظيفي، تعتبر أيضا تذكارا جميلا طوال العام.

من جهته، يشكو عبد الرحمن خليفة، وهو صاحب مكتبة، من قلة الإقبال على شراء «النتائج» كهدايا للعام الجديد، ويقول «الزبائن كانوا قبل أكثر من 20 سنة يشترون بالدستة والدستتين، لكن أعدادهم تقل عاما بعد عام، لأنهم هذه الأيام يكتفون برسائل الموبايل المتحركة أو المكتوبة، وما عاد هناك من يكترث بـ(النتائج) كأيام زمان.. وبالكاد تطلب بعض الشركات طلبيات محدودة لزوم الدعاية والمجاملات. وقد لاحظنا أنه حتى هذه الشركات قللت الكميات التي كانت توزعها على الموظفين بغرض التوفير، مع أن تكلفة طباعة (النتيجة) تكون في حدود 10 جنيهات، وهي تقل كلما زاد حجم الطلبية».

ومن جانبها، قالت لمياء سعيد، وهي ربة منزل «كل سنة لا بد من قيامي بزيارة للفجالة لشراء (النتائج) الجديدة بأسعار مناسبة. وغالبا ما أحرص على أن تكون عليها آيات قرآنية لنتبارك بها في السنة الجديدة، وطبعا علي إرضاء أولادي في المرحلة الجامعية بـ(أجندات) جديدة يدونون فيها المحاضرات، وهو أمر يدخل السعادة عليهم. كما أن زوجي يطلب مني شراء نحو 30 (أجندة) ليقوم بتوزيعها على رؤسائه في العمل تقربا منهم».

أما تهاني خالد، وهي أيضا ربة منزل، فقالت «أحرص في كل موسم أو مناسبة على التوجه مباشرة إلى حي الفجالة، وهو أمر اعتدت عليه منذ كنت طفلة، وكانت والدتي أو جدتي تصطحباني لشراء الهدايا أو الكتب. وفي ديسمبر (كانون الأول) من كل عام أحرص على شراء (الأجندات) و(النتائج) لأولادي كهدايا العام الجديد للمعلمين في المدرسة، كنوع من التعبير عن العرفان بالجميل وبناء علاقة ود بينهم وبين المدرسين».

وتوفيرا للنفقات، يفضل عبد المحسن جلال، الموظف في القطاع العام المصري، شراء «نتيجة» واحدة تعلق على الحائط وتظهر أيام كل شهر على حدة «باعتبار أنها تعطي شكلا جماليا، ثم إنها أوفر من النتائج الأخرى، مكتفيا بها في بهو البيت، ومفضلا توفير نفقات نتائج العام الجديد لشراء مستلزمات الفصل الدراسي الثاني من العام ونفقات قضاء عطلة نصف العام».