سلطان بن سلمان: 5 متاحف جديدة تحت الإنشاء.. وهدفنا تعزيز «الثقافة المتحفية»

خلال افتتاحه معرض «الجنينة الأندلسية» نيابة عن الأمير سلمان بن عبد العزيز

الأمير سلطان بن سلمان يشم وردة في معرض الجنينة الأندلسية («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، على أن الهيئة بدأت العمل على برامج ضخمة من أجل إحداث التحول الثقافي في نظرة المجتمع للتراث الوطني، معتبرا تلك البرامج تعزيزا لقيمة ما سماه بـ«الثقافة المتحفية» لدى المجتمع السعودي، مضيفا أن الهيئة «ما زالت في بداية الطريق، وتحتاج إلى دعم المجتمع لتتحقق الأهداف المتوخاة لهذه البرامج».

وكان الأمير سلطان بن سلمان قد افتتح أول من أمس، نيابة عن الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، معرض «الجنينة الأندلسية»، الذي يستضيفه المتحف الوطني بالرياض لمدة 30 يوما، وذلك بالتعاون مع مؤسسة الثقافة الإسلامية بمدريد، وسفارة مملكة إسبانيا في السعودية، وبحضور بابلوا برابوا سفير إسبانيا لدى المملكة، وذلك أول من أمس في العاصمة الرياض.

وقال الأمير سلطان «لدينا الآن مشاريع لـ5 متاحف جديدة وهي حاليا تحت الإنشاء، وهذه السنة كنا نأمل في أربعة متاحف أخرى، وتطوير كامل لمتحفين في نجران والجوف، بالإضافة إلى عدد من قصور الدولة السعودية والمواقع التراثية التي نطورها الآن حتى تستطيع أن تحتوي وتستقبل مثل هذه العروض. ونحن ما زلنا في المملكة نفتقر للمتاحف المميزة التي تعرض مثل هذه المعارض، ونحن منطلقون في هذا الأمر».

وأشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في تصريحات صحافية بعد افتتاحه معرض «الجنينة الأندلسية»، إلى أن «الهيئة منذ أن تسلمت قطاع الآثار والمتاحف قبل سنة ونصف السنة، انطلقت بشكل قوي لتطوير هذا القطاع، والتوجه بتراثنا الوطني إلى العالم أجمع، من أجل التعريف بالبعد الحضاري والتاريخي للمملكة والحضارات العظيمة التي تعاقبت عليها».

وحول ما بثته إحدى وكالات الأنباء العالمية عن مسؤول في متحف اللوفر بباريس بقوله إن معرض «روائع الآثار السعودية» الذي أقيم مؤخرا في متحف اللوفر بباريس قد أسهم في تحقيق المتحف أعلى معدلات الزوار لعام 2010، أكد الأمير سلطان أن ذلك «يعكس أهمية المعرض والقيمة الاستثنائية لمعروضاته التي تبرز البعد الحضاري والتاريخي للمملكة، وهو أيضا دليل على الحضور السياسي والمكانة الحضارية والاقتصادية للمملكة في المحافل الدولية، فزوار المعرض فوجئوا بأن المملكة تقوم على حضارات عظيمة ومتعاقبة كانت مجهولة بالنسبة لهم، وهذا بلا شك نقلة تاريخية بالنسبة لنظرة العالم للمملكة العربية السعودية».

وأشار إلى أن معرض روائع آثار المملكة الذي يطوف حول العالم حاليا، انتقل الآن من متحف اللوفر في باريس إلى مؤسسة «لاكاشيا» في برشلونة بإسبانيا التي تستضيفه حاليا، وسينتقل بعد ذلك إلى أحد أكبر المتاحف في أوروبا، وهو متحف الارميتاج في سان بطرسبرغ بروسيا، ثم سينتقل إلى ألمانيا والنمسا واليونان والولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى.

وقال «نحن في الهيئة العامة للسياحة والآثار تسلمنا قطاع الآثار قبل سنة ونصف السنة، وما زلنا في بداياتنا، لكنها بداية مبشرة وقوية، واستراتيجية»، مضيفا أن توجه المملكة اليوم إلى العالم بهذا التراث الحضاري الكبير من هذه الجزيرة العربية التي تعاقبت عليها الحضارات ليس بالأمر السهل، ولم يأت إلا بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين، لحرصه على أن يكون للمملكة وجودها الحضاري القوي في مجال تبادل الحضارات عالميا.

وأوضح الأمير سلطان بن سلمان أن الهيئة تعمل حاليا على تطوير المتحف الوطني بالرياض والمتاحف الأخرى في مناطق المملكة، من أجل تطوير الثقافة المتحفية في المجتمع «والعمل جار في برامج كبيرة الآن مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والإعلام، لإحداث نقلات كبيرة في عناية المواطن بتراثه وآثاره ووعيه بقيمتها، وما زلنا في بداية الطريق ونحتاج إلى دعم وتكاتف المواطنين».

وشدد رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على أهمية دعم الثقافة المتحفية لدى المجتمع خاصة النشء، من أجل ترسيخ البعد الحضاري للتراث الوطني في التعليم، مضيفا أنه تم توقيع اتفاقية تاريخية خاصة بالمدارس مع وزارة التربية والتعليم، وهذه الاتفاقية تم تفعيلها بشكل قوي، وهي الآن في مرحلتها الثانية.

وأضاف «أنا جئت إلى هذا المتحف قبل عدة أيام خلال عملي، ورأيت العشرات من طلاب المدارس ومدارس البنات أيضا يطوفون المتحف ويستمتعون بتراث بلادهم وتاريخها، وهذه نقلات كبيرة، وقد ألغينا الرسوم المفروضة على الطلاب، ونحن في بداية عملية التحول الثقافي نحو التراث الوطني، خاصة في ما يتعلق بالمتاحف والثقافة المتحفية، وأعطونا وقتا وستسمعون عن الكثير من النجاحات حول ذلك».

وقال رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار خلال حفل افتتاح المعرض، إن «معرض (الجنينة الأندلسية) من المعارض السياحية والتاريخية والثقافية المميزة، ويأتي تفعيلا لدعوة خادم الحرمين الشريفين إلى حوار الحضارات، ومن شأن هذه المعارض أن تعزز المنظور التاريخي لهذه الحضارات، لا سيما أن لدينا قواسم مشتركة مع إسبانيا، كونها مثلت حقبة تاريخية مهمة للعالم الإسلامي، وهذا المعرض إلى جانب أنه جميل، فإنه يحكي قصة تواصل تاريخي وحضاري مهم جدا بين إسبانيا والعالم الإسلامي».

ويهدف معرض «الجنينة الأندلسية» الذي يستمر لمدة شهر، إلى نقل رسالة التعاون للحفاظ على البيئة والإرث التاريخي المشترك بين الشرق والغرب، وإلى تأكيد الاهتمام بتوثيق الحضارة التي تتمازج عناصرها المختلفة مع إبداع الثقافة الأندلسية. كما يهدف إلى تجديد الأواصر الثقافية التي وحدت الشرق والغرب عبر قرون من الزمان، وإبراز نموذج التعايش بين مختلف الثقافات.

ويقع المعرض على مساحة تقدر بـ400 متر مربع، ويحتوي على مجسمات مستوحاة من الحقبة الأندلسية وما شكلته تلك الحقبة من فنون في العمارة ومزيج من إبداعات هندسة العمارة والعلوم.

ويوضح المعرض عدة تصاميم توضيحية للتقدم الذي وصلت إليه الهندسة المائية والكثير من اختراعاتها التي ما زالت باقية حتى يومنا هذا، معطية وصفا للوظيفة والاستعمال الذي كان يعطى للأصناف النباتية التي جرت أقلمتها سواء في فنون الجنائن أو في علم الصيدلة.

وقبل أن يحط المعرض رحاله في المتحف الوطني بالرياض زار عدة مدن في إسبانيا، مثل قرطبة ومدريد والقصر الملكي في اشبيلية وقصر الحمراء في غرناطة ومدينة طليطلة، إضافة إلى مدن أخرى.