محامو المتهم بتفجير السفارتين يكشفون تفاصيل استراتيجية الدفاع عن الإرهابي

غيلاني أول معتقل في غوانتانامو يمثل أمام محكمة مدنية

TT

كانت هيئة المحلفين تتداول في محاكمة أحمد خلفان غيلاني على مدار أربعة أيام عندما أرسلت مذكرة إلى القاضي تتساءل فيها عن مدى معرفة المتهم بمخططات تنظيم القاعدة للتفجير والقتل حتى تتم إدانته.

كان من المهم بالنسبة لمحامي الدفاع القدر الذي يعرفه موكلهم، حيث يقولون إن غيلاني، وهو أول معتقل في غوانتانامو يمثل أمام محكمة مدنية، غرر به ليشترك في مؤامرة تفجير سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا عام 1998.

وكتب ستيف زيسو، أحد محامي الدفاع، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى باقي أفراد فريق الدفاع بعد نحو عامين من إنهاء هيئة المحلفين الفيدرالية للمداولات يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني): «إنها هنا. القضية برمتها قائمة على هذه التهمة. فليفكر الجميع ويحلم طوال الليل ولنكن مستعدين غدا».

في اليوم التالي، أصدر القاضي تعليمات جديدة لهيئة المحلفين تشمل لغة الخطاب التي يسعى إليها الدفاع. وفي فترة ما بعد الظهيرة من ذلك اليوم تمت تبرئة غيلاني مما يزيد على 280 تهمة بالقتل والتآمر، بينما تمت إدانته بتهمة واحدة هي التخطيط لتدمير مبان وممتلكات حكومية. ووجدت هيئة المحلفين أن سلوكه تسبب في موت شخص بما يعني أنه قد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة عند صدور الحكم يوم الثلاثاء المقبل.

لم توضح هيئة المحلفين كيف توصلت إلى هذا القرار، لكن بالنظر إلى أن الحكم يعكس توصل الهيئة المنقسمة على نفسها إلى حل وسط، لا أحد يعرف ما إذا كان المحلفون يعتقدون أن غيلاني بريء أم مذنب. لكن يظل الحكم متعارضا بشكل غير متوقع مع عدد كبير من أحكام بالإدانة في قضايا إرهاب مماثلة في الولايات المتحدة وعمّق الجدل الدائر حول عرض المتهمين بالإرهاب أمام المحاكم المدنية. ورفض ممثلو الادعاء التعليق على هذا الأمر، لكنهم أوضحوا في إفادات يوم الجمعة الماضي أنهم يعتقدون أن الأدلة توضح أن غيلاني البالغ من العمر 36 عاما متورط في هذا المخطط عن علم كامل وأن إدانة هيئة المحلفين له بتدمير ممتلكات وتوصلها إلى أن هذا الفعل قد أسفر عن مقتل شخص بمثابة رفض تصويره بأنه شخص ساذج وبريء تم التغرير به وإقحامه في هذا الأمر.

ويسعى ممثلو الادعاء إلى إصدار حكم بالسجن مدى الحياة بحق غيلاني، وهو الحكم نفسه الذي كان سيصدر بحقه إذا كان أدين بكل التهم الموجهة إليه. هذه النتيجة من شأنها أن تفرغ الأحكام بالبراءة من كل معنى. بالتأكيد يقول محاموه إن هذا قد خفف من حدة رد فعلهم لكنهم يرون أن الحكم أثبت صحة استراتيجيتهم الدفاعية الخاصة بتصوير غيلاني ضحية ساذجة في مخطط «القاعدة».

وقال بيتر كويجانو، رئيس هيئة الدفاع عن غيلاني: «أعتقد أنه كان من المستحيل على هيئة المحلفين القول إنه غير مذنب في كل التهم الموجهة إليه في حال عدم قبولها للدفاع الذي قدمناه بقولنا إنه لم يكن يدري بالأمر وتعرض للاستغلال. إن الأمر بهذه البساطة».

وقدم محامو غيلاني في أول مقابلة مطولة معه منذ صدور الحكم رؤية نادرة من داخل محاكمة في قضية من قضايا الإرهاب رغم أنها رؤية من جانب واحد. وناقش المحامون كيفية تطور دفاعهم مع تطور علاقتهم بموكلهم. وقدم بعضهم نسخا من الرسائل الإلكترونية المتبادلة بينهم خلال الساعات الأخيرة من القضية، حيث واجهوا رد الحكومة على آخر سؤال موجه من هيئة المحلفين. كذلك وصفوا مشاعرهم المتباينة أثناء إعادة تقييمهم لافتراضهم الأولي بأن هيئة المحلفين بأكملها ضدهم.

ما لم يتم إخبار هيئة المحلفين به:

لقد واجه الدفاع تحديات كبيرة، فقد وصف ممثلو الادعاء غيلاني بأنه فرد أصيل من أفراد خلية تنظيم القاعدة التي نفذت التفجيرات التي أسفرت عن مقتل 224 شخصا في نيروبي وكينيا ودار السلام وتنزانيا فيما يعد أكبر هجوم لتنظيم القاعدة ضد أميركا على حد قول هاري تشيرنوف، أحد المدعين الفيدراليين، في حجته الختامية.

وأضاف قائلا إن غيلاني «يداه ملطختان بدم المئات». لكن هيئة المحلفين لم تسمع أكثر الأدلة إدانة لغيلاني. ففي ليلة المحاكمة أصدر لويس كابلان، قاضي المحكمة الفيدرالية، قرارا بألا تستعين الحكومة بشاهد مهم هو حسين أبيبي، الذي باع لغيلاني مادة الـ«تي إن تي» المتفجرة التي استخدمها في تفجير السفارة الأميركية في دار السلام بحسب ممثلي الادعاء، فقد تم منعه لأن الحكومة قد علمت بأمره من خلال تعذيب غيلاني أثناء التحقيقات حين كان حبيسا لدى وكالة الاستخبارات المركزية.

كذلك لم تقدم الحكومة إفادات غيلاني قبل أن يحال إلى النظام المدني رغم قول ممثلي الادعاء إنها وصلت إلى حد الاعتراف. فعلى سبيل المثال قال غيلاني إن أحد المخططين للهجوم قد أخبره بالتخطيط للهجوم على السفارة الأميركية لدى تنزانيا «قبل تفجيرها بنحو أسبوع». لكن قال ممثلو الادعاء إن غيلاني اعترف بذلك طواعية. ولم تسمع هيئة المحلفين أي مزاعم بأن غيلاني قد حصل على تدريب مع تنظيم القاعدة في أفغانستان وعمل كحارس شخصي لأسامة بن لادن خلال الستة أعوام التي قضاها كهارب.

* خدمة «نيويورك تايمز»