الطائرات الأميركية تستغل معارضة باكستان لمهاجمة المتشددين في الشريط القبلي

احتجاز العشرات للاشتباه بمشاركتهم في عمليات الشغب والقتل

TT

نقلت مصادر مطلعة عن مسؤولي الاستخبارات والجيش في الولايات المتحدة القول: إن هناك جانبا إيجابيا في معارضة باكستان لمهاجمة المتشددين في معاقلهم الحدودية شمال غربي البلاد. وقد نفد صبر الولايات المتحدة مع الحكومة الباكستانية بسبب عدم قيام الأخيرة بعمليات في المنطقة القبلية في شمال وزيرستان، لكن نحو ستة مسؤولين لم يكشف عن هوياتهم في واشنطن قالوا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس: إن الوضع يفتح المجال أمام الطائرات الأميركية من دون طيار لسحق المتشددين الذين يتمركزون هناك وإضعافهم في حال قررت باكستان توسيع هجماتها.

ونقل عن مسؤول استخباراتي بارز القول: «بصورة أو بأخرى، من مصلحتنا تقييد حركتهم هناك، لا سيما في شمال وزيرستان». وذكر المسؤول «هذا أمر غير مقصود. لم يكن من أهدافنا تقييد حركتهم. هذا هو فحسب المكان الذي يوجدون فيه، وهم هناك لعلة ما.. ليس لديهم الكثير من الخيارات». ونقل عن مسؤول بارز آخر في الإدارة الأميركية القول إن الولايات المتحدة ستفضل أن يعمل الجيش الباكستاني في شمال وزيرستان، لكن «جمع المسلحين في مكان واحد ليس أمرا سيئا». وقام الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بزيارة إلى واشنطن الأسبوع الماضي، حيث التقى رئيس هيئة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ليون بانيتا، والرئيس باراك أوباما. ويستخدم المتشددون شمال غربي باكستان للتدريب، وشن هجمات ضد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان، عبر الحدود. وأكد الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، مؤخرا أن حلف الأطلسي لا يمكن أن ينجح في أفغانستان «من دون إغلاق تلك المعاقل». وقد قالت الشرطة الباكستانية أمس إن متشددين يشتبه بأنهم من حركة طالبان قتلوا بالرصاص أربعة أشخاص من المزعوم أنهم من رجال العصابات، كانت السلطات تطاردهم في شمال غربي باكستان. وتركت الجثث على جانب الطريق على بعد نحو 70 كيلومترا جنوب غربي مدينة بيشاور، وبجانبها ملحوظة تحذر الناس من إقامة جنائز للقتلى لأنهم لصوص.

من جهة أخرى، تستمر في كراتشي، كبرى المدن الباكستانية، عملية واسعة النطاق للبحث عن المتطرفين. وقد احتجزت الشرطة خلال الـ24 ساعة الماضية أكثر من 150 شخصا يشتبه في قيامهم بتنظيم أعمال الشغب الجماهيرية وأعمال القتل على أساس سياسي. وفرضت في عدد من مناطق كراتشي بداية من أمس حالة طوارئ ونظام منع التجوال. ويقوم رجال الشرطة بتفتيش وسائط النقل والبحث عن المشتبهين واحتجازهم. وتستخدم في العملية الحالية مروحيات لنقل رجال الشرطة إلى مواقع معينة بسرعة. وتجدر الإشارة إلى أن كراتشي تشهد خلال مدة طويلة اشتباكات بين نشطاء مجموعتين سياسيتين متنفذتين محليتين، وهما حزب «عوامي» الوطني الذي يمثل مصالح المواطنين من عرق البشتون والحركة القومية المتحدة التي تضم المهاجرين من الهند. ويتهم أكثر أعضاء الحزبين تطرفا بعضهم البعض بالفساد وممارسة التمييز إزاء الأقليات القومية. إلا أن الهدف الحقيقي للاشتباكات هو إعادة تقسيم مجالات النفوذ. هذا ولم تسفر جهود السلطات الباكستانية لتطبيع الوضع في كراتشي بعد عن نجاح ملموس.

إلى ذلك، تعهد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني أول من أمس، بعدم تغيير قانون «التجديف»، المثير للجدل، الذي تعتمده البلاد لمحاكمة من ينتقدون الرموز الدينية الإسلامية.

وتأتي تعهدات جيلاني، في أعقاب ضغط مارسته جماعات إسلامية محافظة في البلاد للإبقاء على القانون، كما تأتي بعد نحو أسبوعين من اغتيال سياسي ليبرالي كان يقود حملة لتغيير القوانين. وقال جيلاني أمام جمع من المسؤولين والمواطنين: «لن نعدل القوانين.. وكل من يقول غير ذلك فهو يكذب». وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن مسؤولون في الحكومة الباكستانية، عن عزم باكستان مراجعة قانون «التجديف»، لحماية «أبرياء» من أن يقعوا ضحايا لذلك القانون، الذي أثار كثيرا من الجدل مؤخرا. وقال وزير شؤون الأقليات بالحكومة الاتحادية، شاهباز باتي: إن الحكومة سوف تقوم بتشكيل لجنة من العلماء لمراجعة القانون، على أن تضع هذه اللجنة مجموعة من الاقتراحات والإجراءات، ليتم إقرارها بصورة عملية، في وقت لاحق، لتجنب إساءة استخدام القانون. وأضاف الوزير الباكستاني، في تصريحات أدلى بها الخميس: «بعد تشكيل اللجنة، سوف نجد طريقة ما، سواء من خلال إصدار تشريع جديد، أو وضع ضوابط إضافية، تقضي في النهاية بوقف العمل بقانون التجديف».