فوز الإنتر وتعادل الميلان يشعلان الصراع مجددا في الدوري الإيطالي

ليوناردو يسعى لتعويض الفارق.. وأليغري يتشبث بالصدارة قبل الديربي

TT

اشتعل الصراع في بطولة الدوري الإيطالي بعد تعادل الميلان وفوز الإنتر في الجولة الـ20 وتقلص الفارق بينهما إلى 9 نقاط (مع وجود مباراتين مؤجلتين للإنتر)، وهو ما يمنح مباراة الديربي بينهما المقررة يوم الثالث من شهر أبريل (نيسان) القادم أهمية كبرى، لا سيما في حالة فوز الإنتر بمؤجلاته. ومن النظرة الأولى على جدول المباريات يبدو أن مسار الميلان أقل صعوبة قبل لقاء الديربي، باستثناء الجولة الأخيرة قبل الديربي التي سيستضيف فيها الإنتر فريق ليتشي بينما سيخرج الميلان لمواجهة فريق باليرمو الذي عادة ما يكون خصما شرسا على ملعبه. ولعل هذه الجولة التي ستقام في نهاية شهر مارس (آذار) تجعل حظوظ فريقي الإنتر والميلان متقاربة للغاية خلال مسيرتهما في الجولات المقبلة، مع منح أفضلية بسيطة للميلان. لكن مشوار فريق المدرب أليغري سيكون أكثر صعوبة بعد مباراة الديربي، حيث سيواجه خارج ملعبه مجموعة من الفرق القوية (فيورنتينا وروما وأودينيزي)، بينما سيلعب الإنتر بعد الديربي مباراة واحدة صعبة خارج ملعبه (أمام فريق نابولي). ويتضح من كل هذا أن الميلان يجب أن يخرج من لقاء الديربي بفارق جيد من النقاط عن فريق الإنتر حتى يضمن الفوز بدرع الدوري.

ويظهر من خلال الجوانب البدنية أن لاعبي الميلان المرهقين يدفعون ثمن الجهد الذي بذلوه في معسكر دبي، بينما لاعبو الإنتر يتحلون بلياقة مرتفعة ونشاط جم داخل الملعب في الفترة الحالية.

ولقد بدا في الجولة الأخيرة من بطولة الدوري أن الميلان والإنتر يمارسان رياضتين مختلفتين، فقد ظهر لاعبو الإنتر بلياقة بدنية عالية وكأنهم يطيرون داخل الملعب، بينما بدا الإرهاق على لاعبي الميلان وكأن أقدامهم مقيدة بسلاسل حديدية. وهناك بالطبع تفسير، ولو جزئي، لهذا الفارق البدني بين الفريقين، فقد قام الميلان خلال معسكره في دبي بمجهود بدني كبير من أجل إعداد اللاعبين بدنيا لإكمال الموسم حتى شهر مايو (أيار) القادم، وبالتالي يدفع اللاعبون الآن ثمن هذا الجهد الكبير. وعلى العكس اعترف البرازيلي ليوناردو مدرب الإنتر بصدق عندما تولى أمور الفريق بأنه تسلم فريقا جيدا من الناحية البدنية وبالتالي وجّه اهتمامه نحو السرعة وإعادة الحيوية والخفة للفريق الذي كان يركز فقط على الجانب البدني أثناء تدريب بينيتيز له (ولعل ليوناردو لهذا السبب سيوجه الشكر لبينيتيز في شهر مايو القادم). وربما كان اختيار مدربي الميلان والإنتر في ما يتعلق بالنواحي البدنية حتميا لا مفر منه، لكن من الواضح أن فريقا مثل الميلان - يمتلك الكثير من السمات المميزة أكثر من الحيوية في الأداء - يعاني بشدة في جميع خطوطه عند حدوث أي انخفاض ولو ضئيل في إيقاع أداء لاعبيه. وقد ظهر ذلك واضحا في أداء الميلان خلال لقاء أودينيزي الذي سجل هجومه أربعة أهداف في مرمى الميلان، وأيضا خلال لقاء ليتشي الأخير الذي وجد فيه مهاجمو الميلان صعوبة بالغة في الوصول إلى مرمى المنافس.

لقد راهن أليغري مدرب الميلان على ضعف المنافسين في هذه المرحلة من عمر الدوري، وكان هذا الرهان بمثابة مخاطرة لكنه ليس خطأ، لأنه إذا كان لا بد من مواجهة بعض الفرق وفريقك يشعر بإجهاد نسبي فليس هناك أفضل من فرق كالياري وأودينيزي وليتشي التي واجهها الميلان في الأسابيع الأخيرة. وعلى النقيض قام ليوناردو بإعداد لاعبيه، الذين استعدوا بدنيا بشكل جيد خلال الشهور الماضية، لبذل أقصى جهد بدني في الوقت الحالي، لأن الفريق لا يمكنه أن يهدر أي مباراة خلال الشهر الحالي قبل استئناف بطولة دوري أبطال أوروبا، بما فيها المباريات المؤجلة.

أما بالنسبة إلى الجوانب النفسية فيبدو أن الإنتر ومدربه ليوناردو يحظون بدفعة كبيرة من الحماس والتفاؤل، بينما يحتاج أليغري مدرب الميلان إلى إعادة تأهيل فريقه للمنافسة القوية من الناحية النفسية.

ويلعب الجانب النفسي دورا هاما في إدارة الفرق الكبرى ومستواها. ومع بداية الموسم الحالي شدد أليغري مسؤول تدريب الميلان على أنه قد تولى الإشراف على فريق الإنتر مدرب شاب وبارع خلفا لمدرب آخر، وأن البرازيلي يتمتع بالذكاء والجاذبية، ولهذا السبب لم يرغب في البقاء طويلا في مقعد تدريب نادٍ واحد. وكان الجزء المتعلق بأليغري صحيحا، فهو مدرب كفؤ ويستحق الفرصة الكبيرة التي أتيحت له، لكن وصف ليوناردو بأنه مدرب رحالة غير مستقر لم يكن دقيقا للغاية. فبعد فترة سريعة وحماسية من الدراسة أدرك ليوناردو أنه لا يستطيع فقط أن يكون مدربا جيدا، بل أيضا يرغب في ذلك بشدة.

إن الحقيقة هي أن ليوناردو قد رحل عن تدريب الميلان رغم تحقيقه لنتائج جيدة، لحدوث خلافات مع برلسكوني مالك النادي، وهو ما أغرى الجميع بعدم السكوت بعد رحليه ودفع عددا كبيرا من لاعبي الفريق للتقليل من شأنه سواء عن طريق انتقاده بشكل علني أو المبالغة في الإشادة بأليغري الذي تولي تدرب الفريق من بعده. ونظرا لإعجابه القديم بليوناردو، أحسن موراتي رئيس الإنتر استغلال الفرصة واختار توقيتا رائعا للاستعانة بليوناردو لتدريب الفريق. وساهم ذلك في عكس الموقف من الناحية النفسية، حيث رد الإنتر بالتعاقد مع ليوناردو على الضرر النفسي الذي تعرض له الفريق وجماهيره بعد تعاقد الميلان مع نجمعه السابق إبراهيموفيتش. ونظرا لما تسير عليه الأمور في الوقت الحالي فإن يوم الثالث من أبريل القادم (موعد لقاء الديربي بين الفريقين) يعتبر بمثابة عيد ميلاد لليوناردو وجماهير الإنتر ويوم اكتشاف الحقيقية وصدور الحكم بالنسبة للميلان وجماهيره. ولا شك أن هناك الكثير من الأمور ستحدث من الآن وحتى لقاء الديربي، وأن فرق اليوفي ولاتسيو وروما ونابولي ستلعب دورا كبيرا وستسعى للمنافسة على الدرع، لكن إذا تمكن الإنتر من الفوز، كما هو متوقع، في مباراة اليوم المؤجلة أمام فريق تشيزينا، فإن ذلك سيؤثر بشدة على الميلان من الناحية النفسية، حيث لم يكن أليغري ولاعبوه مؤهلين نفسيا لمواجهة عودة الإنتر القوية، لا سيما أنها تأتي تحت قيادة ليوناردو.