مهرجان «جازان الفل.. مشتى الكل» جاذب سياحي يستهدف نصف مليون زائر

70 مليون ريال توقعات الإيرادات من فعاليات تستمر 45 يوما

مهرجان «جازان الفل.. مشتى الكل» محاولة جادة للجذب السياحي وتعميق المعرفة بهذا الجزء من الوطن («الشرق الأوسط»)
TT

يواصل مهرجان جازان الشتوي في نسخته الثالثة فعالياته تحت عنوان «جازان الفل.. مشتى الكل»، والذي كان قد انطلق في الثالث من فبراير (شباط) الجاري بالأوبريت الوطني «أرض وملك»، بحضور الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان، ليستمر 45 يوما.

ودعا أمير المنطقة أبناء السعودية إلى زيارة جازان والاستمتاع بما تمتلكه من المقومات الطبيعية والسياحية والأجواء الربيعية السائدة هناك خلال هذه الفترة من العام، والتعرف على هذا الجزء من البلاد.

وأكد أمير منطقة جازان حرص الجميع على تميز المهرجان من عام لآخر لتحقيق الأهداف المرجوة منه في التعريف بتراث المنطقة وما تزخر به من مقومات جعلتها في مصاف المناطق السياحية.

محمد إبراهيم يعقوب، مؤلف الأوبريت قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأوبريت الوطني الذي يحتوي لوحات فنية، يجسد الحب والعشق للوطن في المقام الأول ويمثل فرحة كبرى بسلامة قائد المسيرة، وهو أيضا يبرز ثقافة منطقة جازان وتراثها الغني.

وأضاف أن الأوبريت يحتوي على عدد من اللوحات، إذ تتغنى اللوحة الأولى بالوطن الكبير المملكة العربية السعودية، ثم أربع لوحات عن جازان السياحة، وجازان الاقتصاد، وجازان التعليم، وجازان الإنسان، ولوحة عن أمير التنمية وعاشق جازان «الأمير محمد بن ناصر» أمير المنطقة، ولوحة فنية عن «ملك القلوب» خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ثم لوحة ختامية.

ومن ضمن اللوحات الفنية التي عرضت في الأوبريت الذي لحنه الفنان طلال باغر وأداه الفنان محمد عمر والفنان أنس الخالد، وأخرجه فيصل يماني: «تدري أكثر شي ما نقدر نقوله.. أنك أقرب من ملك.. أنت تملك في قلوب الناس دولة.. وفي الحنايا منزلك.. طيبتك ما تُحتمل.. هيبتك ما تُحتمل.. غيبتك ما تُحتمل.. إحنا في غيابك مدينة غادروا سكانها.. إحنا في غيابك سفينة تنتظر ربانها.. يملك شعبه جيله.. يا أعز الناس هامه.. يا حبيب الشعب كله ألف لا باس والسلامه».

وقال يعقوب: «عند كتابة هذا العمل راجعت كتبا تاريخية وجغرافية لاستيعاب منطقة جازان بتراثها وثقافتها وفنونها الشعبية ومفرداتها وذلك لأن المنطقة تزخر بإرث ثقافي كبير ومعالم سياحية متميزة وكل ذلك تم إدراجه ضمن العمل الفني».

من جانبه قال لـ«الشرق الأوسط» شجاع بن محمد بن ذعار مدير عام التربية والتعليم بمنطقة جازان، رئيس لجنة الحفل الرئيسي للمهرجان إن «الأوبريت يجسد في مجمله اللحمة الوطنية الكبرى لوطننا الغالي المملكة العربية السعودية إلى جانب التعريف بالتطورات المتلاحقة التي شهدتها منطقة جازان والنهضة التنموية التي تعيشها عبر لوحات فنية وشعبية». وأشار إلى أن تسجيل الأوبريت والأعمال الفنية تمت وفقا لأحدث التقنيات، لافتا إلى أن المسرح الرئيسي للحفل تم تجهيزه بشكل مغاير للمهرجانات السابقة، حتى يتيح للحضور مشاهدة القرية التراثية والبحر والألعاب النارية المصاحبة إلى جانب الحفل المسرحي الكبير. إلى ذلك أعرب رستم الكبيسي، مدير جهاز هيئة السياحة بجازان، لـ«الشرق الأوسط»، عن توقعاته بتحقيق المهرجان أكثر من نصف مليون زائر، يضخون نحو 70 مليون ريال، مشيرا إلى أن الاستعدادات تمت منذ وقت مبكر، برئاسة اللجنة العليا للسياحة، وعدد من الدوائر الحكومية والتعليمة، مضيفا أن اللجنة حرصت هذا العام على أن تكون هناك فعاليات أقوى وأفضل من الأعوام السابقة.

وبين مدير جهاز السياحة بجازان، أن المهرجان يشمل نحو 110 من الفعاليات والأنشطة الثقافية والترفيهية والكرنفالات وبرامج الأسرة والطفل، كما تضم الفعاليات عروضا للألعاب النارية، والنحت على الرمال، ورحلات بحرية، وعروضا للمسرح الكوميدي، ومسرحية نسائية، إلى جانب المعرض الفوتوغرافي، والمرسم الحر، ومسابقات مع الأقزام، فضلا عن عرض شخصيات كارتونية، وعروض طيران المناطيد، وغيرها من الفعاليات لشباب وأفراد العائلة.

من جانبه قال المهندس عبد الله بن محمد القرني أمين منطقة جازان، إن الأمانة شريك رئيسي في كافة الأعمال المساهمة في وذلك بإنشاء مشروعات البنية التحتية والمساهمة المباشرة وغير المباشرة في مشروعات القرية التراثية وتوفير مواقع ترفيهية وحدائق عامة وأعمال التحسين والتجميل وتزيين أعمدة الإنارة والمجسمات الجمالية. وبين أن تلك الأعمال تندرج ضمن منظومة عمل الأمانة المتكاملة في منطقة جازان والتي تشهد نهضة متميزة، مشيرا إلى مشروعات الواجهات البحرية بالكورنيش الشمالي والأوسط والتي يجري العمل على تنفيذها حاليا والتي ستمثل نقلة نوعية متميزة لجازان إلى جانب مشروعات الحدائق العامة و«الممشى» وساحة حي الصفا والعديد من المشروعات الأخرى.

أحمد القنفذي، أمين عام غرفة جازان التجارية الصناعية، قال إن الغرفة سعت إلى إيجاد رعاة من داخل المنطقة وخارجها للمهرجان، مشيرا إلى أن الباب لا يزال مفتوحا لمن أرد المشاركة في الرعاية، وأضاف أن الغرفة التجارية أمنت الرعاة، واستقطبت شركة لإقامة الفعاليات والترفيه للكبار والصغار، إضافة إلى سوق متكاملة ودعم مالي للمهرجان. وأكمل القنفذي بقوله إن المهرجان يهدف إلى استقطاب المستثمرين إلى المنطقة، لإقامة مشاريع استثمارية مختلفة من فنادق وشقق مفروشة وغيرها، وفي الوقت نفسه تعتبر منطقة جازان من المناطق الأكثر دفئا في السعودية.

ومن ضمن فعاليات المهرجان كرنفال شارك فيه نحو ألف شاب وطفل، يمثلون مختلف محافظات المنطقة، وتضمن العديد من الفقرات التي تحكي قصة حب أبناء المنطقة لبلادهم وقيادتهم، وسعادة أبناء المنطقة بسلامة مليكهم من العارض الصحي الذي تعرض له وشوقهم لعودته في أقرب وقت. واشتمل الكرنفال على العديد من الفعاليات كالعروض واللوحات التراثية والشعبية التي تبرز تراث المنطقة وفنونها الشعبية والأزياء وما تميزت به المنطقة من حرف وأعمال يدوية في مجالات الزراعة والصيد والغوص وتجارة اللؤلؤ والأدوات المستخدمة في تلك الحرف وليلة الزفاف في جازان.

كما اشتملت المسيرة الكرنفالية على عروض للسيرك والشخصيات الكرتونية والسيارات المعدلة وألعاب نارية أضاءت سماء القرية التراثية وسط أهازيج الفرح والسرور وتفاعل الحضور مع فقرات الكرنفال.

وبالعودة إلى الشاعر محمد بن إبراهيم يعقوب، وهو أيضا المشرف العام على المسابقة، فإن مجلس التنمية السياحي بمنطقة جازان ينظم مسابقة «ليالي الشعراء» ضمن برامج مهرجان جازان الشتوي الثالث بمسرح نادي جازان الأدبي.

وأضاف أن المسابقة تتضمن تصفيات تأهيلية بمشاركة 24 متسابقا على مدى ثلاثة أيام يتأهل منهم عبر لجنة التحكيم 6 متسابقين للحلقة النهائية يوم الأربعاء المقبل والتي ستكون برعاية الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان بمسرح جامعة جازان.

وبين أن الفائز بالمركز الأول سيحصل على جائزة بقيمة 10 آلاف ريال والثاني 7 آلاف ريال والثالث 3 آلاف ريال إلى جانب ألف ريال للمتسابقين من الرابع وحتى السادس. وبالعودة إلى مدير عام التربية والتعليم أضاف أن الإدارة العامة للتربية والتعليم تطلق بمقر القرية التراثية معرض «موهبتي» المتضمن لمشاركات طلابية متميزة إلى جانب برنامج المرسم الحر والمهرجان الإنشادي والمسرحيات الثقافية ومسابقات الطائرات الورقية وكذلك البرامج النسائية المتخصصة. وأشار القحطاني إلى أن الإدارة تنظم برنامجا خاصا لتنظيف الشواطئ بمشاركة طلاب تعليم جازان ومختلف فئات المجتمع وذلك بهدف استغلال المهرجان للتوعية بأهمية النظافة البيئية ودور الجميع في تعزيزها فضلا عن تكريس ذلك في نفوس الطلاب.

من جانب آخر، زادت الرحلات اليومية البحرية بين مدينة جيزان وجزيرة فرسان إلى ثلاث رحلات حاليا، تنظمها إدارة الطرق والنقل بمنطقة جازان ممثلة بشعبة النقل البحري من خلال عبارتي «جازان» و«فرسان» العاملتين على الخط الملاحي تزامنا مع مهرجان جازان الشتوي الثالث «جازان الفل.. مشتى الكل». وأوضح المهندس ناصر بن علي الحازمي مدير عام إدارة الطرق والنقل بمنطقة جازان أن الزيادة جاءت إنفاذا لتوجيه أمير منطقة جازان وبمتابعة الدكتور جبارة بن عيد الصريصري وزير النقل بما يلبي احتياجات المسافرين.

وقال: «سيتواصل تسيير هذه الرحلات لمدة عشرة أيام بواقع ثلاث رحلات من جازان إلى فرسان وفي الاتجاه المعاكس وسيكون توجه العبارتين (جازان) و(فرسان) في وقت واحد وفي مواعيد محددة هي الساعة 7 صباحا والساعة 10 ضحى والساعة 3,30 عصرا». وأكد حرص الإدارة على تقديم أفضل الخدمات للمسافرين من السياح والزوار وأهالي المنطقة حاثا الجميع على التزام المواعيد المحددة للسفر والحجز قبل موعد السفر بوقت كاف. إلى ذلك نظم مجلس التنمية السياحي بمنطقة جازان بالتعاون مع مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب سباق القوارب الشراعية السنوي، شارك فيه 12 قاربا شراعيا انطلقت من جزيرة أحبار وصولا إلى شاطئ المرسى بمدينة جازان حيث جاء في المركز الأول حسن بحيص على القارب «أمجد الخير» عثمان نامس على المركب «جود» والثالث حمود شحار على المركب «العمدة».

ومن ضمن الفعاليات نظم مجلس التنمية السياحية بجازان بالتعاون مع نادي الفرسان في محافظة ضمد سباق التحمل للفروسية وذلك في بلدة الشواجرة، وشارك في السباق 25 فارسا ولمسافة 50 كيلومترا على مراحل متعددة حيث حقق المركز الأول محمد صالح والمركز الثاني محمد حكمي والثالث محمد العزي والرابع يحيى سفياني والخامس علي خبراني حيث تم توزيع الجوائز النقدية على الفائزين بالمراكز الخمسة الأولى بحضور رئيس لجنة الفروسية بجازان إبراهيم بن محمد الأسود.

من جانبه أوضح عبد ربه بن أحمد الحكمي مدير مكتب الندوة بجازان، أن مكتب الدعوة يشارك في فعاليات المهرجان من خلال العديد من البرامج والملتقيات التربوية والدورات التدريبية واللقاءات الطلابية وذلك على امتداد أيام المهرجان بمشاركة مكاتب الندوة في المحافظات واللجان النسائية.

وأضاف أن برنامج الندوة يتضمن لقاء مع الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان بعنوان «شباب جازان.. آمال وتطلعات» بمسرح جامعة جازان يوم الثلاثاء 16 فبراير (شباط) الجاري.

وأشار إلى أن برنامج الندوة يشتمل كذلك على سهرات وحوارات مع الشباب وبرامج تعزيز الأخلاق وتجارب ناجحة في العمل التطوعي وعلاقة الشباب مع الإعلام الجديد وملتقى المتفوقات والملتقى الشتوي للفتيات وملتقى الأمن الأسري وبرامج التوعية المرورية والبيئية والعناية بالمساجد وبرامج اليتيم ودورات تربوية.

ولا تزال العديد من الأسر تتوافد على مقر فعاليات بالقرية التراثية بالكورنيش الجنوبي بجازان مصطحبين معهم أطفالهم لقضاء أوقات ممتعة في ظل برامج متنوعة تستهدف مختلف فئات المجتمع.

وفي ظل تنوع البرامج يبرز بمقر القرية ركن المرسم الحر الذي ينظمه فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجازان بإشراف مجلس التنمية السياحية والمرسم الحر الذي تنظمه إدارة النشاط الطلابي بالإدارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة.

وقبالة أبنية تراثية تمثل نمطا سكنيا تليدا بجازان، ووسط أجواء شعبية يجد الأطفال مساحات للرسم والإبداع عبر ركن المرسم الحر يسطرون بأناملهم الطرية لوحات عفوية للطبيعة والحياة وللكون، وأخرى فطرية للوطن الكبير تتجاوز بمعانيها العفوية نحو تنشئة وانتماء صادق للوطن.

ويأتي المرسم الحر بإشراف تربويين متمكنين ممثلا لمساحة من الفائدة إلى جانب المتعة البريئة التي يعمل من خلالها مهرجان جازان على استقطاب الزوار وتقديم برامج متنوعة وهادفة. يذكر أن «جازان الفل.. مشتى الكل» يأتي مواكبا لما تمتاز به منطقة جازان من مقومات سياحية وطبيعية وتراثية وثقافية هامة ومتنوعة تؤهلها لتكون واجهة سياحية متميزة خاصة في فصل الشتاء، يستهدف هذا المهرجان الأسرة والطفل والشباب من خلال فعالياته المتعددة، التراثية والترفيهية والرياضية والبحرية والنسائية إضافة إلى الملتقيات المتعددة في التدريب والشعر وكل ما يسهم في التعريف بمنطقة جازان كوجهة سياحية وإبراز ما تتمتع به من مقومات سياحية واستثمارية.

وتعتبر «القرية التراثية» بكورنيش جازان الجنوبي الذي تقام عليها فعاليات المهرجان معلم حضاري يرمز لحقبة زمنية من تاريخ منطقة جازان العريق والمرتبط بحاضرها حيث يبدو في القرية ماضي المنطقة ماثلا للعيان في صور حية وأنماط ترمز للتنوع الثقافي والحضاري تبعا لبيئة المنطقة وتضاريسها.

وجاءت فكرة القرية التراثية عبر إطلاق مهرجان جازان الشتوي الأول حين تم تقديم تراث المنطقة وآثارها التقليدية في المهرجان الوليد الذي حقق نجاحات باهرة في عام 2008 وجه آنذاك الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان بإنشاء مقر دائم للقرية التراثية بجازان حيث شرعت الجهات المعنية في إنشاء القرية في موقع متميز بالكورنيش الجنوبي في جازان وأصبحت مقرا دائما لمهرجان جازان الشتوي.

والقرية تجسيد متكامل لتاريخ منطقة جازان ببيئاته المتنوعة، فللوهلة الأولى يدلف الزائر عبر بوابة القرية ليقف بشموخ أمام البيت الجبلي بطوابقه الثلاثة وعمرانه الصلب وقوة التصميم ومتانته الملائمة للبيئة الجبلية التي تحولت منذ القديم بيوتا وعمرانا ومدرجات وحقولا زراعية وبهجة وحياة. وغير بعيد يمضي الزائر بخطواته داخل القرية ليجد البيت التهامي «العشة الطينية»، فهناك تبرز بساطة الحياة التهامية وأناقتها عبر شكل العشة المخروطي وأصوات الأواني المعلقة بداخلها «وطراحتها» الممتدة والقعادة الخشبية والميفا المنصوب في الجوار. وينتصب البيت الفرساني وسط البحر مرتبطا بجسر مع القرية التراثية، وهنا تجسيد حقيقي لجزيرة فرسان التي تبدو ماثلة ببيتها حيث البحر واللؤلؤ والأصداف. أما وسط القرية فحركة تجارية عتيقة عبر السوق الشعبية بمعروضاتها الأثرية والتراثية والأواني التقليدية والنباتات العطرية، هنا تفوح رائحة الفل والكادي.