«مجلس المستشارين» يلتف على برلمان بن علي ويمنح المبزع صلاحيات موسعة

الغنوشي طالب المشرعين بتمرير القرار.. وبرلماني رد عليه: «لا يمكنكم أن تكونوا في حكومة الثورة»

الغنوشي مخاطبا مجلس المستشارين أمس (إ.ب.أ)
TT

اعتمد «مجلس المستشارين» التونسي، أمس، بالإجماع قانونا يسمح للرئيس بالوكالة فؤاد المبزع بأن يحكم عبر مراسيم تشريعية، ملتفا بذلك على البرلمان بمجلسيه الموروث عن حقبة بن علي.

والنص، الذي تم التصويت عليه يوم الاثنين الماضي في الجمعية الوطنية (النواب)، اعتمد أمس، برفع الأيدي بغالبية أصوات أعضاء مجلس المستشارين الـ86 الذين حضروا الجلسة من دون امتناع أي منهم عن التصويت. كان رئيس الوزراء محمد الغنوشي قد طلب من أعضاء المجلس، عند عرضه هذا المشروع في مستهل النقاشات، صباح أمس، الموافقة عليه «للسماح للحكومة بالعمل»، كما طلب منح حكومته بعض الوقت من التونسيين الذين بدأ ينفد صبرهم.

وجاء هذا فيما أصيب شاب بجروح طفيفة في وسط تونس بشظايا رصاصة، في وقت حاول العسكريون ضبط مئات الأشخاص بينهم معوقون كانوا متجمعين أمام مكتب للمساعدة الاجتماعية بانتظار معونة تتراوح قيمتها بين 30 و150 دينارا (بين 21 دولارا و106 دولارات). وأول من أمس دخل ما بين 400 و500 شخص مقر ولاية تونس للمطالبة بوظائف ومساعدات اجتماعية.

وقال الغنوشي، أمام أعضاء مجلس المستشارين: «نخضع لضغوط اجتماعية بسبب مطالب الشعب بتحسين أوضاعه، لكن علينا أن نأخذ في الاعتبار أن الدولة غير قادرة بعدُ على تلبية هذه المطالب في الوقت الراهن.. لا نملك عصا سحرية»، متحدثا عن «انفجار اجتماعي».

وأوضح الغنوشي أن هذا القانون الجديد يرمي إلى «تحضير انتخابات شفافة ونزيهة تشارك فيها كافة الأحزاب». وكانت السلطات الانتقالية التونسية قد أعلنت عن إجراء انتخابات خلال ستة أشهر لكن من دون تحديد أي موعد بعد تزايد الأصوات التي تؤكد أن هذه المهلة غير واقعية.

واغتنم عضو مستقل في مجلس المستشارين فرصة الجلسة للتشكيك في شرعية وجود رئيس الوزراء على رأس الحكومة التي تم تشكيلها بعد سقوط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال رضا الملولي متوجها للغنوشي، الذي شغل على مدى 11 عاما متتالية منصب رئيس الوزراء إبان حكم الرئيس المخلوع: «لا يمكنكم أن تكونوا في حكومة الثورة.. لا تقولوا لي إنكم لم تكونوا على علم بما جرى» (في عهد بن علي).

وهذا القانون يتيح للرئيس المبزع إصدار مراسيم تشريعية تتعلق خصوصا بالعفو العام والنصوص الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وتنظيم الأحزاب السياسية وكذلك إصلاح القانون الانتخابي. ويفترض الآن أن يصادق الرئيس على النص بعد اعتماده من قبل مجلسي البرلمان ثم أن ينشر في الجريدة الرسمية. وقال رئيس الوزراء في مداخلة ثانية لاقت تصفيقا حارا من الحاضرين: إن الاستهداف السياسي خطر يهدد تونس. ودعا التونسيين مجددا إلى العودة إلى العمل بعد «الانفجار الاجتماعي» الذي عطل العملية السياسية والاقتصادية متسببا بـ«خسائر» كبيرة للبلاد.

وفي الداخل التونسي، لا تزال الحكومة خاضعة لضغوط كبيرة منذ قيامها قبل أسبوع بعملية تطهير جهاز الدولة مع تعيين 24 واليا (محافظا) جديدا.

لكن هذه التعيينات لاقت احتجاجات قوية؛ إذ إن 19 من الأشخاص المعينين ينتمون إلى التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب بن علي) أو قريبون منه. كان الوالي الجديد لمنطقة سوسة (150 كم جنوب العاصمة التونسية) قد اضطر، أول من أمس، إلى مغادرة مكتبه بعد مهاجمته من قبل جموع غاضبة تطالب برحيله بسبب انتمائه إلى حزب بن علي.

وفي مدينة المنستير السياحية المجاورة، طالب متظاهرون للأسباب نفسها باستقالة والي المنطقة. وتكرر المشهد في مدنين (جنوب)؛ حيث تجمع مئات الأشخاص أمام مقر الولاية. وكتبت صحيفة «لابرس» التونسية، أول من أمس، بتهكم: «الشعب يعرف أن يقرأ السير الذاتية».