اعتصامات تشل الحياة بالإسكندرية.. والجيش يسيطر على التلفزيون المحلي

3 قتلى وأكثر من 100 مصاب في مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في الوادي الجديد

عمال شركة «قناة السويس» يتظاهرون أمام مقر الشركة في مدينة الإسماعيلية قبل أن يبدأوا إضرابا مفتوحا احتجاجا على سياسة الأجور (أ.ب)
TT

شهدت مختلف المحافظات المصرية زخما كبيرا من الأحداث في اليوم الـ16 من بدء المظاهرات المطالبة برحيل الرئيس المصري من سدة الحكم، وشهدت محافظة الوادي الجديد مصرع 3 أشخاص وسقوط أكثر من 100 مصاب في مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، بينما شلت الاعتصامات الحياة بالإسكندرية وشوهدت قوات للجيش تسيطر على مبنى التلفزيون المحلي بعد ورود أنباء بنية المتظاهرين احتلال المبنى.

ففي الإسكندرية، تواصلت المظاهرات والمسيرات الحاشدة المطالبة بتنحي الرئيس، التي انطلقت كعادتها من أمام مسجد القائد إبراهيم بمحطة الرمل (وسط المدينة) عبر طريق الكورنيش، وصولا إلى منطقة سيدي جابر شرق الإسكندرية.

وقال هيثم محمود، أحد المعتصمين: «هذا المكان به مميزات كبيرة، من أهمها وجود دورات مياه عامة نظيفة بالقرب منه، كما أن الجيران من سكان المنطقة يتعاونون معنا ولا ينقصنا شيء على الإطلاق.. فقط نريد أن يستجيب المسؤولون لمطالبنا».

وقام المعتصمون بوضع لوحة كبيرة تحمل صور الشهداء الذين قضوا على يد رجال الشرطة منذ بدء الاحتجاجات يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، وثبتوها فوق أحد الأماكن المضيئة المخصصة لإعلانات الطرق.. وكتبوا بجوار كل صورة اسم صاحبها وتاريخ استشهاده. كما قاموا بعمل سجل للزيارات، ليسجل كل زائر كلمة للشهداء وقاموا بإنشاء حواجز بسيطة حول لوحة الشهداء فيما يشبه النصب التذكاري.

وقال أحد العمال لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي يقوم فيه مسؤولون ببيع معدات وعربات قطار جديدة على أنها خردة، وكذا بيع قطع غيار جديدة على أنها متهالكة، وهو ما يضيع على الدولة مئات الملايين من الجنيهات، يتقاضى معظم العمال رواتب لا تزيد على 400 جنيه»، وتابع: «كان لا بد لنا أن نتفاعل مع ثورة الشباب ونقف ضد الفساد».

وشهدت المدينة أيضا إضرابا عن العمل لعشرات الآلاف من العاملين بهيئة ميناء الإسكندرية، وكذا عمال البحارة (العاملون بالسفن التجارية) بسبب سوء أوضاعهم المالية، بينما يتقاضى أقل من 50 موظفا كبيرا بالهيئة ما يعادل رواتب جميع العمال بالميناء.. وقد تسبب الإضراب في إحداث شلل تام داخل ميناء الإسكندرية وتوقفت حركة تفريغ البضائع من السفن وجميع الإجراءات الخاصة بالبضائع الصادرة والواردة عبر الميناء.

كما شهدت عدد من الشركات الكبرى اعتصامات وإضرابات مماثلة كشركة «المصرية للاتصالات»، التي أضرب ما يقرب من ألفي عامل بها عن العمل بسبب انخفاض رواتبهم وعدم تعيين عدد كبير منهم بعقود رسمية، على الرغم من مدة خدمتهم التي تخطت 6 سنوات.. كما شهدت المدينة اعتصامات وإضرابات مماثلة شهدتها شركات «إسمنت الإسكندرية» و«إسكندرية للكيماويات»، و«ممفيس» و«آمون للملاحة».

في سياق آخر، قامت القناة الخامسة المحلية بمدينة الإسكندرية بقطع برامجها بشكل مفاجئ، وأصدر إسماعيل الشيخة، رئيس القناة، أوامر مشددة لجميع أطقم التصوير والعمال والمذيعين بمغادرة مقر القناة (شرق المدينة) على الفور.. وتم ضم بث القناة إلى القناة الأولى المصرية الرئيسية. وشوهدت عربات تحمل جنودا تابعين للجيش المصري تتمركز بكثافة داخل مقر القناة الذي تم تسليمه بالكامل للجيش ليسيطر عليه.. ورصدت «الشرق الأوسط» أيضا قيام دبابات وآليات عسكرية بغلق جميع الشوارع الجانبية المؤدية إلى مقر التلفزيون المحلي ومنع المرور بها.

وأكدت مصادر من داخل القناة لـ«الشرق الأوسط» أن معلومات قد وردت لمسؤولين كبار باحتمال قيام المتظاهرين باحتلال مقر القناة الخامسة والسيطرة عليها وإذاعة بيانات باسم ثورة 25 يناير من خلالها.. وهو الأمر الذي نفاه عدد من النشطاء والشباب القائمين على التظاهرات بالإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرين إلى أن هناك من يحاول تلفيق اتهامات لهم بهدف القضاء على ثورتهم التي بدأت سلمية وسوف تستمر سلمية حتى نهايتها، بحسب تأكيدهم.

على جانب آخر، واصل أمس برلمانيون سكندريون تقديم استقالاتهم من عضوية الحزب الوطني الحاكم؛ حيث تقدم ممدوح حسني، وكيل لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب المصري، باستقالته من عضوية الحزب، وأرسل إخطارا رسميا لرئيس مجلس الشعب يخطره فيه بأنه قد أصبح عضوا مستقلا وغير تابع للكتلة البرلمانية للحزب الوطني.

وبرر حسني ذلك بتضامنه مع ثورة الشباب المصري التي قامت يوم 25 يناير الماضي، واحتجاجا منه على التعامل الوحشي من قبل رجال الأمن مع المتظاهرين. وهو الأمر الذي تسبب في سقوط العشرات من الشهداء من خيرة شباب مصر.

كان عدد من البرلمانيين السكندريين البارزين قد تقدموا باستقالاتهم من عضوية الحزب أيضا خلال الأيام الأخيرة.

إلى ذلك، شكل عدد من الشباب السكندري مجموعات عمل لطلاء واجهات المنشآت والمباني التي قام البعض بتشويهها خلال الأسبوعين الماضيين، وإزالة آثارها لإعادة القيم الجمالية للمعمار السكندري. وقال محمد بسيوني، منسق المجموعة الشبابية، إنهم بدأوا اليوم بطلاء واجهات قنصليتي إيطاليا وفرنسا المطلتين على كورنيش الإسكندرية بهدف الحفاظ على التراث المعماري للمدينة، كما انتهوا من إزالة جميع التشوهات التي طالت النصب التذكاري للجندي البحري المجهول الذي يعتبر أحد معالم الإسكندرية الشهيرة.

وقال بسيوني: «على الرغم من اقتناعنا بمبادئ الحركة التي خرجت في 25 يناير الماضي بهدف إحداث بعض الإصلاحات، واقتناعنا بمبادئ الانتقال السلمي للسلطة فإننا نرفض أي محاولات للتخريب أو التشويه أو البلطجة للمنشآت العامة والممتلكات الخاصة للمواطنين».

وفي محافظة الوادي الجديد (600 كيلومتر جنوب القاهرة)، وقعت اشتباكات بين الشرطة ومواطنين غاضبين، في مواجهات هي الأولى من نوعها منذ فرض نزول الجيش إلى الشارع وفرض حظر التجوال في مصر يوم 28 يناير الماضي. وأسفرت تلك المواجهات عن مقتل 3 أشخاص وإصابة ما يزيد على 100 شخص نتيجة استخدام قوات الشرطة للرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين تجمعوا للاحتجاج على ممارسات أحد ضباط الشرطة الذي دأب على الاعتداء على المواطنين.